قال ذكر شهوده عليه الصلاة والسلام حرب الفجار ابن إسحاق هاجت حرب الفجار ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة ، وإنما سمي يوم الفجار; بما استحل فيه هذان الحيان - كنانة قيس عيلان - من المحارم بينهم وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس وكان الظفر في أول النهار . لقيس على كنانة حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس .
وقال ابن هشام : فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة - فيما حدثني به أبو عبيدة النحوي عن - هاجت حرب الفجار بين أبي عمرو بن العلاء قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان وكان الذي هاجها أن عروة الرحال ابن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أجاز لطيمة - أي تجارة - [ ص: 452 ] للنعمان بن المنذر فقال : البراض بن قيس - أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة - أتجيزها على كنانة ؟ قال : نعم وعلى الخلق فخرج فيها عروة الرحال ، وخرج البراض يطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي ظلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام; فلذلك سمي الفجار ، وقال البراض في ذلك :
وداهية تهم الناس قبلي شددت لها بني بكر ضلوعي هدمت بها بيوت بني كلاب
وأرضعت الموالي بالضروع رفعت له بذي ظلال كفي
فخر يميد كالجذع الصريع
وأبلغ إن عرضت بني كلاب وعامر والخطوب لها موالي
وأبلغ إن عرضت بني نمير وأخوال القتيل بني هلال
بأن الوافد الرحال أمسى مقيما عند تيمن ذي ظلال
قال ابن هشام : وحديث الفجار أطول مما ذكرت ، وإنما منعني من استقصائه قطعه حديث سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال السهيلي : والفجار بكسر الفاء على وزن قتال ، وكانت الفجارات في العرب أربعة; ذكرهن المسعودي وآخرهن فجار البراض هذا وكان القتال فيه في أربعة أيام يوم شمطة ويوم العبلاء وهما عند عكاظ ، ويوم الشرب - وهو أعظمها يوما - وهو الذي حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه قيدا - رئيس قريش وبني كنانة ، وهما حرب بن أمية وأخوه سفيان - [ ص: 454 ] أنفسهما لئلا يفرا ، وانهزمت يومئذ قيس إلا بني نضر فإنهم ثبتوا ، ويوم الحريرة عند نخلة ، ثم تواعدوا من العام المقبل إلى عكاظ فلما توافوا الموعد ركب عتبة بن ربيعة جمله ، ونادى يا معشر مضر علام تقاتلون ؟ فقالت له هوازن : ما تدعو إليه ؟ قال : الصلح قالوا : وكيف ؟ قال : ندي قتلاكم ، ونرهنكم رهائن عليها ، ونعفو عن دمائنا قالوا : ومن لنا بذلك ؟ قال : أنا قالوا : ومن أنت ؟ قال عتبة بن ربيعة فوقع الصلح على ذلك ، وبعثوا إليهم أربعين رجلا فيهم حكيم بن حزام فلما رأت بنو عامر بن صعصعة الرهن في أيديهم عفوا عن دمائهم ، وانقضت حرب الفجار وقد ذكر الأموي حروب الفجار ، وأيامها ، واستقصاها مطولا فيما رواه عن الأثرم وهو المغيرة بن علي عن فذكر ذلك . أبي عبيدة معمر بن المثنى