الوليد بن مسلم ( ع )
الإمام ، عالم أهل الشام أبو العباس الدمشقي ، الحافظ مولى بني أمية . قرأ القرآن على ، وعلى يحيى بن الحارث الذماري سعيد بن عبد العزيز . [ ص: 212 ]
وحدث عنهما ، وعن ابن عجلان ، ، وثور بن يزيد ، وابن جريج ومروان بن جناح ، ، والأوزاعي وأبي بكر بن أبي مريم الغساني ، وعفير بن مروان ، وعثمان بن أبي العاتكة ، ، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، وعبد الله بن العلاء بن زبر ، ، وسليمان بن موسى وإسماعيل بن رافع ، ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وصفوان بن عمرو وشيبة بن الأحنف ، وعبد الرحمن بن حسان الكناني ، وحريز بن عثمان ، ، وهشام بن حسان وعبد الرزاق بن عمر الثقفي ، ومعان بن رفاعة ، وشيبان النحوي ، ، وسفيان الثوري ، ومالك ، والليث وابن لهيعة ، والمثنى بن الصباح ، ويزيد بن أبي مريم ، ، وعدد كثير . وسعيد بن بشير
وارتحل في هذا الشأن ، وصنف التصانيف ، وتصدى للإمامة ، واشتهر اسمه .
وكان من أوعية العلم ، ثقة حافظا ، لكن رديء التدليس ، فإذا قال : حدثنا ، فهو حجة . هو في نفسه أوثق من بقية وأعلم .
حدث عنه : الليث بن سعد ، - وهما من شيوخه - وبقية بن الوليد ، وعبد الله بن وهب ، وأبو مسهر ، وأحمد بن حنبل ، ودحيم ، وأبو خيثمة وإسحاق بن موسى ، ، وعلي بن محمد الطنافسي وأحمد بن أبي الحواري ، ، ونعيم بن حماد ، ومحمد بن عائذ ، وداود بن رشيد ، وسويد بن سعيد وعمرو بن عثمان ، وإبراهيم بن موسى ، ، ومحمد بن المثنى وأبو قدامة السرخسي ، وكثير بن عبيد ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني ، ويحيى بن موسى خت ، وأبو عمير بن النحاس ، ومحمد بن مصفى ، وموسى بن عامر المري ، ، وأمم سواهم ، آخرهم وفاة [ ص: 213 ] ومحمود بن غيلان حجاج بن الريان الدمشقي المتوفى سنة أربع وستين ومائتين .
قال محمد بن سعد : كان الوليد ثقة كثير الحديث والعلم ، حج سنة أربع وتسعين ومائة ، ثم رجع ، فمات بالطريق .
قال : كان مولده في سنة تسع عشرة ومائة . دحيم
قال : قرأ عليه القرآن الحافظ ابن عساكر هشام بن عمار ، والربيع بن ثعلب .
قال الفسوي : سألت هشام بن عمار عن ، فأقبل يصف علمه وورعه وتواضعه ، وقال : كان أبوه من رقيق الإمارة ، وتفرقوا على أنهم أحرار ، وكان الوليد بن مسلم للوليد أخ جلف متكبر ، يركب الخيل ، ويركب معه غلمان كثير ، ويتصيد ، وقد حمل الوليد دية ، فأدى ذلك إلى بيت المال ، أخرجه عن نفسه إذ اشتبه عليه أمر أبيه . قال : فوقع بينه وبين أخيه في ذلك شغب وجفاء وقطيعة ، وقال : فضحتنا ، ما كان حاجتك إلى ما فعلت ؟ ! .
قال أبو التقي اليزني : حدثنا سعيد بن مسلمة القرشي : أنا أعتقت ، كان عبدي . الوليد بن مسلم
وروى محمد بن سعد عن رجل ، أن الوليد كان من الأخماس ، فصار لآل مسلمة بن عبد الملك ، فلما قدم بنو العباس في دولتهم ، قبضوا رقيق الأخماس وغيره ، فصار وأهل بيته للأمير الوليد بن مسلم صالح بن علي ، فوهبهم لابنه الفضل ، ثم إن الوليد اشترى نفسه منهم ، فأخبرني سعد بن مسلمة قال : جاءني الوليد ، فأقر لي بالرق ، فأعتقته ، وكان له أخ اسمه [ ص: 214 ] جبلة ، كان له قدر وجاه .
قال : ليس أحد أروى لحديث الشاميين من أحمد بن حنبل ، الوليد بن مسلم . وإسماعيل بن عياش
وقال : قدمت إبراهيم بن المنذر الحزامي البصرة ، فجاءني ، فقال : أول شيء أطلب أن تخرج إلي حديث علي بن المديني . فقلت : يا ابن أم ! سبحان الله ! وأين سماعي من سماعك ؟ فجعلت آبى ، ويلح ، فقلت له : أخبرني عن إلحاحك ما هو ؟ قال : أخبرك : أن الوليد بن مسلم الوليد رجل أهل الشام ، وعنده علم كثير ، ولم أستمكن منه ، وقد حدثكم بالمدينة في المواسم ، وتقع عندكم الفوائد ; لأن الحجاج يجتمعون بالمدينة من الآفاق ، فيكون مع هذا بعض فوائده ، ومع هذا شيء ، قال : فأخرجت إليه ، فتعجب من كتابه ، كاد أن يكتبه على الوجه . سمعها يعقوب الفسوي من إبراهيم .
قال أبو اليمان : ما رأيت مثل . الوليد بن مسلم
وقيل لأبي زرعة الرازي : الوليد أفقه أم ؟ فقال : وكيع الوليد بأمر المغازي ، بحديث العراقيين . ووكيع
قال أبو مسهر : كان الوليد من حفاظ أصحابنا .
وقال : صالح الحديث . أبو حاتم الرازي
وقال : الثقات من أبو أحمد بن عدي أهل الشام مثل . [ ص: 215 ] الوليد بن مسلم
قال ابن جوصا الحافظ : لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد ، صلح أن يلي القضاء ، ومصنفاته سبعون كتابا .
قلت : كتبه أجزاء ، ما أظن فيها ما يبلغ مجلدا .
الفسوي : عن : قال : خرجت يوم الصدر ، الحميدي والوليد في مسجد منى ، وعليه زحام كثير ، وجئت في آخر الناس ، فوقفت بالبعد ، بجنبه ، فجعلوا يسألونه ، ويحدثهم ، وأنا لا أفهم ، فجمعت جماعة من المكيين ، وقلت لهم : جلبوا ، وأفسدوا على من بالقرب منه ، فجعلوا يصيحون ، ويقولون : لا نسمع ، وجعل وعلي بن المديني ابن المديني يقول : اسكتوا نسمعكم . قال : فاعترضت ، وصحت ، ولم أكن بعد حلقت ، فنظر ابن المديني إلي ولم يثبتني فقال : لو كان فيك خير ، لم يكن شعرك على ما أرى ، قال : فتفرقوا ، ولم يحدثهم بشيء .
قال أبو مسهر : كان الوليد يأخذ من ابن أبي السفر حديث الأوزاعي ، وكان كذابا ، والوليد يقول فيها : قال الأوزاعي .
قال صالح بن محمد جزرة : سمعت الهيثم بن خارجة قال : قلت للوليد : قد أفسدت حديث الأوزاعي . قال : وكيف ؟ قلت : تروي عن الأوزاعي ، عن نافع ، وعن الأوزاعي ، عن الزهري ، وعن الأوزاعي عن ، وغيرك يدخل بين يحيى بن أبي كثير الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي ، وبينه وبين الزهري قرة وغيره ، فما يحملك على هذا ؟ قال : أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء الضعفاء . قلت : فإذا روى الأوزاعي [ ص: 216 ] عن هؤلاء الضعفاء مناكير ، فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ، ضعف الأوزاعي . قال : فلم يلتفت إلى قولي .
قال : ما رأيت في الشاميين أحدا أعقل من أحمد بن حنبل . الوليد بن مسلم
وقال : ما رأيت في الشاميين مثل علي بن المديني الوليد ، وقد أغرب أحاديث صحيحة لم يشركه فيها أحد .
قال صدقة بن الفضل المروزي : ما رأيت رجلا أحفظ للحديث الطويل وأحاديث الملاحم من ، وكان يحفظ الأبواب . الوليد بن مسلم
وقال أبو مسهر : ربما دلس عن كذابين . الوليد بن مسلم
قلت : البخاري ومسلم قد احتجا به ، ولكنهما ينتقيان حديثه ، ويتجنبان ما ينكر له وقد كان في آخر عمره ذهب إلى الرملة ، فأكثر عنه أهلها .
قال : الدارقطني الوليد يروي عن الأوزاعي أحاديث ، هي عند الأوزاعي عن ضعفاء ، عن شيوخ أدركهم الأوزاعي ، كنافع [ ص: 217 ] وعطاء ، فيسقط أسماء الضعفاء مثل والزهري عبد الله بن عامر الأسلمي ، وإسماعيل بن مسلم .
قلت : روى جماعة عن الوليد قال : حدثنا ، عن ابن جريج عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اسمح يسمح لك فهذا شنع بعض المحدثين أن الوليد تفرد به ، وليس كذلك ، هو عند يوسف بن موسى القطان ، حدثنا ، عن حفص بن غياث ، ورواه ابن جريج الحافظ سليمان بن عبد الرحمن ، عن إسماعيل بن عياش ، أن حدثهم ، وقد رواه ابن جريج مندل بن علي ، ، عن وخارجة بن مصعب ، فأرسلاه . ابن جريج
قلت : أنكر ما له حديث رواه عثمان بن سعيد الدارمي ، وأحمد بن الحسن ، واللفظ له قالا : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن : حدثنا ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن ابن جريج عطاء وعكرمة ، عن ابن عباس قال : بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه علي ، فقال : بأبي أنت وأمي ، تفلت هذا القرآن من صدري ، فما أجدني أقدر عليه . فقال : يا أبا الحسن ، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، ويثبت ما تعلمت في صدرك ؟ قال : أجل يا رسول الله . قال : إذا بت ليلة الجمعة ، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر ، فإنها ساعة مشهودة ، والدعاء فيها مستجاب ، وقد قال أخي يعقوب لبنيه : سوف أستغفر لكم ربي حتى تأتي ليلة الجمعة ، فإن لم تستطع ، فقم في وسطها ، فإن لم تستطع ، ففي أولها ، [ ص: 218 ] فصل أربع ركعات ، تقرأ في الأولى بالفاتحة و " يس " ، وفي الثانية بالفاتحة والدخان ، وفي الثالثة ب آلم السجدة ، وفي الرابعة تبارك ، فإذا فرغت ، فاحمد الله ، وأحسن الثناء ، وصل علي ، وعلى سائر النبيين ، واستغفر للمؤمنين ، وقل : اللهم ارحمني بترك المعاصي ، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام ، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك . . . في دعاء فيه طويل إلى أن قال : يا أبا الحسن ، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا ، تجاب بإذن الله . قال : فما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء في مثل ذلك المجلس ، فقال : يا رسول الله ! ما لي كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات ونحوهن ، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ، ولقد كنت أسمع الأحاديث ، إذا رددته ، تفلت ، وأنا اليوم أسمع الأحاديث ، فإذا حدثت ، لم أحرف منها حرفا . فقال له عند ذلك : مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن . قال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد .
قلت : هذا عندي موضوع والسلام ، ولعل الآفة دخلت على سليمان ابن بنت شرحبيل فيه ، فإنه منكر الحديث ، وإن كان حافظا ، فلو كان قال فيه : عن ، لراج ، ولكن صرح بالتحديث ، فقويت [ ص: 219 ] الريبة ، وإنما هذا الحديث يرويه ابن جريج هشام بن عمار ، عن محمد بن إبراهيم القرشي ، عن أبي صالح ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ومحمد هذا ليس بثقة ، وشيخه لا يدرى من هو .
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي : أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب ، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي الوزير ، قرئ على أبي بكر عبد الله بن سليمان ، وأنا أسمع ، قيل له : حدثكم عمرو بن عثمان ، حدثنا الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن ، قال : أبي هريرة ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمن اعتمر معه من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهم .
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد ، وأحمد بن مؤمن ، وأحمد بن محمد الحافظ ، وأحمد بن يوسف البسطي ، وسنقر الزيني ، وعبد المنعم بن زين الأمناء ، وعلي بن محمد الفقيه ، وجماعة ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن عمر ، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا في الرابعة ( ح ) وقرأت على أحمد بن إسحاق : أخبركم أكمل بن أبي الأزهر العلوي ، أخبرنا ابن البناء ، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي ، أخبرنا محمد بن عمر الوراق ، حدثنا ، حدثنا أبو بكر بن أبي داود محمد بن وزير ، حدثنا الوليد ، حدثنا عمر بن محمد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، [ ص: 220 ] أيقنوا بالخلود ، ويا أهل النار ، أيقنوا بالخلود ، قال : فيزداد أهل النار حزنا ، وأهل الجنة سرورا .
قال حرملة بن عبد العزيز الجهني : نزل علي الوليد بن مسلم بذي المروة قافلا من الحج ، فمات عندي بذي المروة .
قال محمد بن مصفى الحمصي وغيره : مات الوليد في شهر المحرم سنة خمس وتسعين ومائة . .