هذه جملة معترضة مستطردة آثارها ذكر سير الفلك في عداد النعم فعقب ذلك بما كان سير الفلك فيه تذكير نوح بنقمة الطوفان لقوم نوح وصالحي قومه من نقمة الطوفان ، فأريد وبجعل الله الفلك لنجاة قريش أن يصيبهم ما أصاب المكذبين قبلهم ، وكان في تلك النقمة نصر المؤمنين ، أي نصر الرسل وأتباعهم ; ألا ترى إلى حكاية قول تحذير المكذبين من نوح رب انصرني بما كذبون في سورة المؤمنين ، وقوله تعالى هنا وكان حقا علينا نصر المؤمنين .
والواو اعتراضية وليست للعطف .
والانتقام : افتعال من النقم وهو الكراهية والغضب ، وفعله كضرب وعلم قال تعالى وما تنقم منا . وفي المثل ( مثله كمثل الأرقم إن يقتل ينقم - بفتح القاف - وإن يترك يلقم ) . والانتقام : العقوبة لمن يفعل ما لا يرضي كأنه صيغ منه الافتعال للدلالة على حصول أثر النقم ، وقد تقدم عند قوله تعالى وما تنقم منا وقوله فانتقمنا منهم في سورة الأعراف .
وكلمة حقا علينا من صيغ الالتزام ، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام ( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ) ، وهو محقوق بكذا ، أي لازم له ، قال الأعشى :
[ ص: 120 ]
لمحقوقه أن تستجيبي لصوته فإن وعد الصادق حق
. قال تعالى وعدا علينا إنا كنا فاعلين .وقد اختصر طريق الإفصاح عن هذا الغرض أعني غرض الوعد بالنصر والوعيد له فأدرج تحت ذكر النصر معنى الانتصار ، وأدرج ذكر الفريقين : فريق المصدقين الموعود ، وفريق المكذبين المتوعد ، وقد أخلي الكلام أولا عن ذكرهما .
وعن أبي بكر شعبة راوي عاصم أنه كان يقف على قوله حقا فيكون في " كان " ضمير يعود على الانتقام ، أي وكان الانتقام من المجرمين حقا ، أي عدلا ، ثم يستأنف بقوله علينا نصر المؤمنين وكأنه أراد التخلص من إيهام أن يكون للعباد حق على الله إيجابا فرارا من مذهب الاعتزال وهو غير لازم كما علمت . قال ابن عطية : وهو وقف ضعيف ، وكذلك قال الكواشي عن أبي حاتم .