لقوا أصله لقيوا ، نقلت الضمة إلى القاف وحذفت الياء لالتقاء الساكنين .
ومعنى لقيته ولاقيته : استقبلته قريبا .
وقرأ محمد بن السميفع اليماني وأبو حنيفة لاقوا ، وأصله لاقيوا تحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا .
ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين .
وخلوت بفلان وإليه : إذا انفردت به .
وإنما عدي بإلى وهو يتعدى بالباء فيقال : خلوت به لا خلوت إليه ، لتضمنه معنى ذهبوا وانصرفوا .
والشياطين جمع شيطان على التكسير .
وقد اختلف كلام في نون الشيطان فجعلها في موضع من كتابه أصلية وفي آخر زائدة ، فعلى الأول هو من شطن أي بعد عن الحق ، وعلى الثاني من شط : أي بعد أو شاط : أي بطل ، وشاط : أي احترق ، وأشاط : إذا هلك ، قال : وقد يشيط على أرماحنا البطل أي يهلك . سيبويه
وقال آخر :
وأبيض ذي تاج أشاطت رماحنا لمعترك بين الفوارس أقتما
أي أهلكت .وحكى أن العرب تقول : تشيطن فلان : إذا فعل أفعال الشياطين . سيبويه
ولو كان من شاط لقالوا : تشيط ، ومنه قول : أمية بن أبي الصلت
أيما شاطن عصاه عكا ه ورماه في السجن والأغلال
والهزؤ : السخرية واللعب .
قال الراجز : قد هزئت مني أم طيسله قالت أراه معدما لا مال له
قال في الكشاف : وأصل الباب الخفة من الهزء وهو القتل السريع ، وهزأ يهزأ : مات على المكان .
عن بعض العرب مشيت فلغبت فظننت لأهزأن على مكاني ، وناقته تهزأ به : أي تسرع وتخف انتهى .
وقيل : أصله الانتقام ، قال الشاعر : قد استهزءوا منهم بألفي مدجج سراتهم وسط الصحاصح جثم
فأفاد قولهم : إنا معكم أنهم ثابتون على الكفر ، وأفاد قولهم : إنما نحن مستهزءون ردهم للإسلام ورفعهم للحق ، وكأنه جواب سؤال مقدر ناشئ من قولهم إنا معكم : أي إذا كنتم معنا فما بالكم إذا لقيتم المسلمين وافقتموهم ؟ فقالوا : إنما نحن مستهزءون بهم في تلك الموافقة ، ولم تكن بواطننا موافقة لهم ولا مائلة إليهم .
فرد الله ذلك عليهم بقوله : الله يستهزئ بهم أي ينزل بهم الهوان والحقارة وينتقم منهم ويستخف بهم انتصافا منهم لعباده المؤمنين ، وإنما جعل سبحانه ما وقع منه استهزاء مع كونه عقوبة ومكافأة مشاكلة ، وقد كانت العرب إذا وضعت لفظا بإزاء لفظ جوابا له وجزاء ذكرته بمثل ذلك اللفظ وإن كان مخالفا له في معناه .
وورد في ذلك في القرآن كثيرا ، ومنه وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 40 ] فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [ البقرة : 194 ] والجزاء لا يكون سيئة .
والقصاص لا يكون اعتداء لأنه حق ، ومنه ومكروا ومكر الله [ آل عمران : 54 ] إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا [ الطارق : 15 ، 16 ] ، يخادعون الله والذين آمنوا [ البقرة : 9 ] ، يخادعون الله وهو خادعهم [ النساء : 142 ] ، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك [ المائدة : 116 ] .
وهو في السنة كثير كقوله صلى الله عليه وآله وسلم : وإنما قال : الله يستهزئ بهم لأنه يفيد التجدد وقتا بعد وقت ، وهو أشد عليهم وأنكأ لقلوبهم وأوجع لهم من الاستهزاء الدائم الثابت المستفاد من الجملة الاسمية ، لما هو محسوس من أن العقوبة الحادثة وقتا بعد وقت ، والمتجددة حينا بعد حين ، أشد على من وقعت عليه من العذاب الدائم المستمر لأنه يألفه ويوطن نفسه عليه . إن الله لا يمل حتى تملوا
والمد : الزيادة .
قال : يقال مد في الشر وأمد في الخير ، ومنه يونس بن حبيب وأمددناكم بأموال وبنين [ الإسراء : 6 ] ، وأمددناهم بفاكهة ولحم [ الطور : 22 ] .
وقال الأخفش : مددت له إذا تركته ، وأمددت : إذا أعطيته .
وقال الفراء واللحياني : مددت فيما كانت زيادته من مثله ، يقال : مد النهر ، ومنه والبحر يمده من بعده سبعة أبحر [ لقمان : 27 ] وأمددت فيما كانت زيادته من غيره ، ومنه يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة [ آل عمران : 125 ] والطغيان مجاوزة الحد والغلو في الكفر ومنه إنا لما طغى الماء [ الحاقة : 11 ] أي تجاوز المقدار الذي قدرته الخزان ، وقوله في فرعون : إنه طغى [ طه : 24 ] أي أسرف في الدعوى حيث قال : أنا ربكم الأعلى [ النازعات : 24 ] .
والعمه والعامه : الحائر المتردد ، وذهبت إبله العمهى : إذا لم يدر أين ذهبت ، والعمه في القلب كالعمى في العين .
قال في الكشاف : العمه مثل العمى ، إلا أن العمى في البصر والرأي ، والعمه في الرأي خاصة انتهى .
والمراد أن الله سبحانه يطيل لهم المدة ويمهلهم كما قال : إنما نملي لهم ليزدادوا إثما [ آل عمران : 178 ] .
قال : في ابن جرير طغيانهم يعمهون في ضلالهم وكفرهم الذي قد غمرهم يترددون حيارى ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا ، لأن الله قد طبع على قلوبهم وختم عليها ، وأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها ، فلا يبصرون رشدا ولا يهتدون سبيلا .
وقد أخرج الواحدي [ ص: 33 ] والثعلبي بسند واه ، لأن فيه محمد بن مروان وهو متروك ، عن قال : نزلت هذه الآية في ابن عباس عبد الله بن أبي وأصحابه ، وذكر قصة وقعت لهم مع أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم .
وأخرج ابن جرير عنه قال : كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بعضهم قالوا : إنا على دينكم وابن أبي حاتم وإذا خلوا إلى شياطينهم وهم إخوانهم قالوا : إنا معكم على مثل ما أنتم عليه إنما نحن مستهزءون بأصحاب محمد الله يستهزئ بهم قال : يسخر بهم للنقمة منهم ويمدهم في طغيانهم قال : في كفرهم يعمهون قال : يترددون .
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عنه بمعناه وأطول منه .
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عنه بنحو الأول . وابن أبي حاتم
وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن مسعود وإذا خلوا إلى شياطينهم قال : رؤسائهم في الكفر .
وأخرج عن ابن أبي حاتم أبي مالك قال : وإذا خلوا أي مضوا .
وأخرج عبد بن حميد عن وابن جرير قتادة نحو ما قاله وأخرج ابن مسعود ، عن ابن جرير في قوله : ويمدهم قال : يملي لهم ابن مسعود في طغيانهم يعمهون قال : في كفرهم يتمادون .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم نحو ما قاله ابن عباس في تفسير يعمهون . ابن مسعود
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد يمدهم يزيدهم في طغيانهم يعمهون قال : يلعبون ويترددون في الضلالة .
وأخرج أحمد في المسند عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : . نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن ، فقلت : يا رسول الله وللإنس شياطين ؟ قال : نعم