قوله : ولا تزر وازرة وزر أخرى أصل الوزر الثقل ، ومنه قوله تعالى : ووضعنا عنك وزرك ( الشرح : 2 ) وهو هنا الذنب وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ( الأنعام : 31 ) .
قال الأخفش : يقال : وزر يوزر ، ووزر يزر وزرا ، ويجوز إزرا ، وفيه رد لما كانت عليه الجاهلية من مؤاخذة القريب بذنب قريبه ، والواحد من القبيلة بذنب الآخر .
وقد قيل : إن المراد بهذه الآية في الآخرة وكذلك التي قبلها لقوله تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ( الأنفال : 25 ) ومثله قول : زينب بنت جحش ، والأولى حمل الآية على ظاهرها : أعني العموم وما ورد من المؤاخذة بذنب الغير كالدية التي تحملها العاقلة ونحو ذلك ، فيكون في حكم المخصص بهذا العموم ويقر في موضعه ولا يعارض هذه الآية قوله تعالى : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ( العنكبوت : 13 ) فإن المراد بالأثقال التي مع أثقالهم هي أثقال الذين يضلونهم كما في الآية الأخرى : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ( النحل : 25 ) ثم إلى ربكم مرجعكم يوم القيامة فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون في الدنيا ، وعند ذلك يظهر حق المحقين وباطل المبطلين .
قوله : وهو الذي جعلكم خلائف الأرض خلائف جمع خليفة : أي جعلكم خلفاء الأمم الماضية والقرون السالفة ، قال الشماخ :
أصيبهم وتخطئني المنايا وأخلف في ربوع عن ربوع
أو المراد أنه يخلف بعضهم بعضا ، أو أن هذا النوع الإنساني خلفاء الله في أرضه ورفع بعضكم فوق بعض درجات في الخلق والرزق والقوة والفضل والعلم ، ودرجات منصوب بنزع الخافض : أي إلى درجات ، " ليبلوكم في ما آتاكم " أي ليختبركم فيما آتاكم من تلك الأمور ، أو ليبتلي بعضكم ببعض كقوله تعالى : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ( الفرقان : 20 ) ثم خوفهم فقال : إن ربك سريع العقاب فإنه وإن كان في الآخرة فكل آت قريب كما قال : وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ( النحل : 77 ) ثم رغب من يستحق الترغيب من المسلمين فقال : وإنه لغفور رحيم أي كثير الغفران والرحمة .وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم ، في قوله : ابن عباس ، ولا تزر وازرة قال : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره .
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن في قوله : السدي ، وهو الذي جعلكم خلائف الأرض قال : أهلك القرون الأولى فاستخلفنا فيها بعدهم ورفع بعضكم فوق بعض درجات قال : في الرزق .