[ ص: 42 ] ثم إليه ترجعون كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم كيف مبنية على الفتح لخفته وهي في موضع نصب بـ تكفرون ، ويسأل بها عن الحال ، وهذا الاستفهام هو للإنكار عليهم والتعجيب من حالهم وهي متضمنة لهمزة الاستفهام ، والواو في ( وكنتم ) للحال وقد مقدرة كما قال الزجاج وإنما صح جعل هذا الماضي حالا لأن الحال ليس هو مجرد قوله : كنتم أمواتا بل هو وما بعده إلى قوله : ترجعون كما جزم به صاحب الكشاف كأنه قال : كيف تكفرون وقصتكم هذه ؟ : أي وأنتم عالمون بهذه القصة وبأولها وآخرها . والفراء ،
والأموات جمع ميت ، واختلف المفسرون في ترتيب هاتين الموتتين والحياتين ، فقيل : إن المراد كنتم أمواتا قبل أن تخلقوا : أي معدومين ؛ لأنه يجوز إطلاق اسم الموت على المعدوم لاجتماعهما في عدم الإحساس فأحياكم أي خلقكم ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ثم يحييكم يوم القيامة .
وقد ذهب إلى هذا جماعة من الصحابة فمن بعدهم .
قال ابن عطية : وهذا القول هو المراد بالآية ، وهو الذي لا محيد للكفار عنه ، وإذا أذعنت نفوس الكفار بكونهم كانوا معدومين ثم أحياء في الدنيا ثم أمواتا فيها لزمهم الإقرار بالحياة الأخرى .
قال غيره : والحياة التي تكون في القبر على هذا التأويل في حكم حياة الدنيا .
وقيل : إن المراد كنتم أمواتا في ظهر آدم ثم أخرجكم من ظهره كالذر ، ثم يميتكم موت الدنيا ثم يبعثكم .
وقيل : كنتم أمواتا أي نطفا في أصلاب الرجال فأحياكم حياة الدنيا ثم يميتكم بعد هذه الحياة ثم يحييكم في القبور ( ثم يميتكم ) في القبر ( ثم يحييكم ) الحياة التي ليس بعدها موت .
قال القرطبي : فعلى هذا التأويل هي ثلاث موتات وثلاث إحياءات ، وكونهم موتى في ظهر آدم وإخراجهم من ظهره والشهادة عليهم غير كونهم نطفا في أصلاب الرجال ، فعلى هذا يجيء أربع موتات وأربع إحياءات .
وقد قيل : إن الله أوجدهم قبل خلق آدم كالبهائم وأماتهم فيكون على هذا خمس موتات وخمس إحياءات ، وموتة سادسة للعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد في الحديث وهو في الصحيح من حديث ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتهم الله إماتة ، حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ، إلى أن قال : فينبتون نبات الحبة في حميل السيل أبي سعيد .
وقوله : ثم إليه ترجعون أي إلى الله سبحانه فيجازيكم بأعمالكم .
وقد قرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق ومجاهد وسلام ويعقوب بفتح حرف المضارعة ، وقرأ الجماعة بضمه .
قال في الكشاف : عطف الأول بالفاء وما بعده بـ " ثم " ، لأن الإحياء الأول قد تعقب الموت بغير تراخ ، وأما الموت فقد تراخى عن الإحياء ، والإحياء الثاني كذلك متراخ عن الموت إن أريد به النشور تراخيا ظاهرا ، وإن أريد به إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه ، والرجوع إلى الجزاء أيضا متراخ عن النشور انتهى .
ولا يخفاك أنه إن أراد بقوله إن الأحياء الأول قد تعقب الموت أنه وقع على ما هو متصف بالموت ، فالموت الآخر وقع على ما هو متصف بالحياة ، وإن أراد أنه وقع الإحياء الأول عند أول اتصافه بالموت بخلاف الثاني فغير مسلم ، فإنه وقع عند آخر أوقات موته كما وقع الثاني عند آخر أوقات حياته ، فتأمل هذا .
وقد أخرج عن ابن جرير وناس من الصحابة في قوله تعالى : وكنتم أمواتا الآية ، قال : لم تكونوا شيئا فخلقكم ابن مسعود ثم يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم نحوه . ابن عباس
وأخرج عبد بن حميد عن وابن جرير قتادة نحوه أيضا .
وأخرج عن ابن جرير أبي صالح قال : يميتكم ثم يحييكم في القبر ثم يميتكم .
وأخرج عن ابن جرير أبي العالية في قوله : وكنتم أمواتا قال : حين لم تكونوا شيئا ، ثم أماتهم ثم أحياهم يوم القيامة ، ثم يرجعون إليه بعد الحياة .
وأخرج عن ابن جرير قال : خلقهم من ظهر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم آدم فأخذ عليهم الميثاق ثم أماتهم ، ثم خلقهم في الأرحام ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم يوم القيامة والصحيح الأول .