وروي عن رضي الله عنه أنه قرأ " والأنصار " بالرفع عطفا على " والسابقون " وقرأ سائر القراء من الصحابة فمن بعدهم بالجر . عمر بن الخطاب
قال الأخفش : الخفض في الأنصار الوجه ، لأن السابقين منهم يدخلون في قوله : والسابقون وفي الآية المهاجرين والأنصار ، وهم الذين صلوا القبلتين في قول تفضيل السابقين الأولين من وطائفة ، أو الذين شهدوا بيعة الرضوان ، وهي بيعة سعيد بن المسيب الحديبية في قول ، ، أو الشعبي أهل بدر في قول [ ص: 595 ] ، محمد بن كعب ، ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها ، قال وعطاء بن يسار : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ، ثم الستة الباقون ، ثم البدريون ، ثم أصحاب أبو منصور البغدادي أحد ، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية .
قوله : والذين اتبعوهم بإحسان قرأ رضي الله عنه : " الذين اتبعوهم " محذوف الواو وصفا عمر بن الخطاب للأنصار على قراءته برفع الأنصار ، فراجعه في ذلك ، فسأل زيد بن ثابت فصدق أبي بن كعب زيدا فرجع عمر عن القراءة المذكورة كما رواه أبو عبيد ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن مردويه ، ومعنى الذين اتبعوهم بإحسان : الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وهم المتأخرون عنهم من الصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة ، وليس المراد بهم التابعين اصطلاحا ، وهم كل من أدرك الصحابة ولم يدرك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، بل هم من جملة من يدخل تحت الآية ، فتكون " من " في قوله : من المهاجرين على هذا للتبعيض ، وقيل : إنها للبيان ، فيتناول المدح جميع الصحابة ويكون المراد بالتابعين من بعدهم من الأمة إلى يوم القيامة .
وقوله : بإحسان قيد للتابعين : أي والذين اتبعوهم متلبسين بإحسان في الأفعال والأقوال اقتداء منهم بالسابقين الأولين .
قوله : رضي الله عنهم خبر للمبتدأ وما عطف عليه ، ومعنى رضاه سبحانه عنهم : أنه قبل طاعاتهم وتجاوز عنهم ولم يسخط عليهم ورضوا عنه بما أعطاهم من فضله ، ومع رضاه عنهم فقد وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار في الدار الآخرة .
وقرأ ابن كثير " تجري تحتها الأنهار " بزيادة من .
وقرأ الباقون بحذفها والنصب على الظرفية ، وقد تقدم تفسير جري الأنهار من تحت الجنات وتفسير الخلود والفوز .
قوله : وممن حولكم من الأعراب منافقون هذا عود إلى شرح أحوال المنافقين من أهل المدينة ومن يقرب منها من الأعراب ، ( وممن حولكم ) خبر مقدم ، و ( من الأعراب ) بيان ، وهو في محل نصب على الحال ، ومنافقون هو المبتدأ ، قيل : وهؤلاء الذين هم حول المدينة من المنافقين هم : جهينة ومزينة وأشجع وغفار ، وجملة ومن أهل المدينة مردوا على النفاق معطوفة على الجملة الأولى عطف جملة على جملة .
وقيل : إن ومن أهل المدينة عطف على الخبر في الجملة الأولى ، فعلى الأول يكون المبتدأ مقدرا : أي ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق ، وعلى الثاني يكون التقدير : وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون مردوا ، ولكون جملة ( مردوا على النفاق ) مستأنفة لا محل لها ، وأصل " مرد وتمرد " اللين والملاسة والتجرد ، فكأنهم تجردوا للنفاق ، ومنه غصن أمرد : لا ورق عليه ، وفرس أمرد : لا شعر فيه ، وغلام أمرد : لا شعر بوجهه ، وأرض مرداء : لا نبات فيها ، وصرح ممرد : مجرد ، فالمعنى : أنهم أقاموا على النفاق وثبتوا عليه ولم ينثنوا عنه .
قال ابن زيد : معناه لجوا فيه وأتوا غيره ، وجملة لا تعلمهم مبينة للجملة الأولى ، وهي مردوا على النفاق : أي ثبتوا عليه ثبوتا شديدا ، ومهروا فيه حتى خفي أمرهم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فكيف سائر المؤمنين ؟ والمراد عدم علمه - صلى الله عليه وآله وسلم - بأعيانهم لا من حيث الجملة ، فإن للمنافق دلائل لا تخفى عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وجملة نحن نعلمهم مقررة لما قبلها لما فيها من الدلالة على مهارتهم في النفاق ورسوخهم فيه على وجه يخفى على البشر ، ولا يظهر لغير الله سبحانه لعلمه بما يخفى ، وما تجنه الضمائر ، وتنطوي عليه السرائر ، ثم توعدهم سبحانه فقال : سنعذبهم مرتين قيل : المراد بالمرتين : عذاب الدنيا بالقتل والسبي ، وعذاب الآخرة ، وقيل : الفضيحة بانكشاف نفاقهم ، والعذاب في الآخرة ، وقيل : المصائب في أموالهم وأولادهم ، وعذاب القبر ، وقيل غير ذلك مما يطول ذكره مع عدم الدليل على أنه المراد بعينه .
والظاهر أن هذا العذاب المكرر هو في الدنيا بما يصدق عليه اسم العذاب ، وأنهم يعذبون مرة بعد مرة ، ثم يردون بعد ذلك إلى عذاب الآخرة ، وهو المراد بقوله : ثم يردون إلى عذاب عظيم ومن قال : إن العذاب في المرة الثانية هو عذاب الآخرة قال : معنى قوله : ثم يردون إلى عذاب عظيم أنهم يردون بعد عذابهم في النار كسائر الكفار إلى الدرك الأسفل منها ، أو أنهم يعذبون في النار عذابا خاصا بهم دون سائر الكفار ، ثم يردون بعد ذلك إلى العذاب الشامل لهم ولسائر الكفار .
ثم ذكر سبحانه حال طائفة من المسلمين وهم المخلطون في دينهم فقال : وآخرون اعترفوا بذنوبهم وهو معطوف على قوله ( منافقون ) أي وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة قوم آخرون ، ويجوز أن يكون ( آخرون ) مبتدأ ، و ( اعترفوا بذنوبهم ) صفته ، و ( خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ) خبره ، والمعنى : أن هؤلاء الجماعة تخلفوا عن الغزو لغير عذر مسوغ للتخلف ثم ندموا على ذلك ، ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة كما اعتذر المنافقون ، بل تابوا واعترفوا بالذنب ورجوا أن يتوب الله عليهم .
والمراد بالعمل الصالح : ما تقدم من إسلامهم ، وقيامهم بشرائع الإسلام ، وخروجهم إلى الجهاد في سائر المواطن .
والمراد بالعمل السيئ : هو تخلفهم عن هذه الغزوة ، وقد أتبعوا هذا العمل السيئ عملا صالحا ، وهو الاعتراف به والتوبة عنه .
وأصل الاعتراف الإقرار بالشيء ، ومجرد الإقرار لا يكون توبة إلا إذا اقترن به الندم على الماضي ، والعزم على تركه في الحال والاستقبال ، وقد وقع منهم ما يفيد هذا كما سيأتي بيانه إن شاء الله .
ومعنى الخلط : أنهم خلطوا كل واحد منهما بالآخر كقولك خلطت الماء باللبن واللبن بالماء ، ويجوز أن تكون الواو بمعنى الباء كقولك : بعت الشاة شاة ودرهما : أي بدرهم ، وفي قوله : عسى الله أن يتوب عليهم دليل على أنه قد وقع منهم مع الاعتراف ما يفيد التوبة ، أو أن مقدمة التوبة وهي الاعتراف قامت مقام التوبة ، وحرف الترجي وهو عسى هو في كلام الله سبحانه يفيد تحقيق الوقوع ، لأن الإطماع من الله سبحانه إيجاب لكونه أكرم الأكرمين إن الله غفور رحيم [ ص: 596 ] أي يغفر الذنوب ويتفضل على عباده .
قوله : خذ من أموالهم صدقة اختلف أهل العلم في هذه الصدقة المأمور بها ، فقيل : هي صدقة الفرض ، وقيل : هي مخصوصة بهذه الطائفة المعترفة بذنوبها ، لأنهم بعد التوبة عليهم عرضوا أموالهم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فنزلت هذه الآية ، و من للتبعيض على التفسيرين ، والآية مطلقة مبينة بالسنة المطهرة ، والصدقة مأخوذة من الصدق ، إذ هي دليل على صدق مخرجها في إيمانه .
قوله : تطهرهم وتزكيهم بها الضمير في الفعلين للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : أي تطهرهم وتزكيهم يا محمد بما تأخذه من الصدقة منهم .
وقيل : الضمير في ( تطهرهم ) للصدقة : أي تطهرهم هذه الصدقة المأخوذة منهم ، والضمير في ( تزكيهم ) للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أي : تزكيهم يا محمد بالصدقة المأخوذة ، والأول أولى لما في الثاني من الاختلاف في الضميرين في الفعلين المتعاطفين ، وعلى الأول فالفعلان منتصبان على الحال ، وعلى الثاني فالفعل الأول صفة ل ( صدقة ) والثاني حال منه - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ومعنى التطهير : إذهاب ما يتعلق بهم من أثر الذنوب ، ومعنى التزكية : المبالغة في التطهير .
قال : والأجود أن تكون المخاطبة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أي : فإنك الزجاج يامحمد تطهرهم وتزكيهم بها على القطع والاستئناف ، ويجوز الجزم على جواب الأمر .
والمعنى : أن تأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم .
وقد قرأ الحسن بجزم " تطهرهم " ، وعلى هذه القراءة فيكون " وتزكيهم " على تقدير مبتدأ : أي وأنت تزكيهم بها .
قوله : وصل عليهم : أي ادع لهم بعد أخذك لتلك الصدقة من أموالهم .
قال النحاس : وحكى أهل اللغة جميعا فيما علمناه أن الصلاة في كلام العرب الدعاء ، ثم علل سبحانه أمره لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بالصلاة على من يأخذ منه الصدقة فقال : إن صلاتك سكن لهم .
قرأ حفص وحمزة والكسائي صلاتك بالتوحيد ، وقرأ الباقون بالجمع . والسكن ما تسكن إليه النفس وتطمئن به .
قوله : ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده لما تاب الله سبحانه على هؤلاء المذكورين سابقا ، قال الله : ألم يعلموا أي غير التائبين ، أو التائبون قبل أن يتوب الله عليهم ويقبل صدقاتهم أن الله هو يقبل التوبة لاستغنائه عن طاعة المطيعين ، وعدم مبالاته بمعصية العاصين .
وقرئ " ألم تعلموا " بالفوقية ، وهو إما خطاب للتائبين ، أو لجماعة من المؤمنين ، ومعنى ويأخذ الصدقات : أي يتقبلها منهم ، وفي إسناد الأخذ إليه سبحانه بعد أمره لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأخذها تشريف عظيم لهذه الطاعة ولمن فعلها .
وقوله : وأن الله هو التواب الرحيم معطوف على قوله : أن الله هو يقبل التوبة عن عباده مع تضمنه لتأكيد ما اشتمل عليه المعطوف عليه : أي أن هذا شأنه سبحانه .
وفي صيغة المبالغة في التواب وفي الرحيم مع توسيط ضمير الفصل والتأكيد من التبشير لعباده والترغيب لهم ما لا يخفى .
قوله : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون فيه تخويف وتهديد : أي إن عملكم لا يخفى على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين ، فسارعوا إلى أعمال الخير وأخلصوا أعمالكم لله عز وجل ، وفيه أيضا ترغيب وتنشيط ، فإن من علم أن عمله لا يخفى سواء كان خيرا أو شرا رغب إلى أعمال الخير ، وتجنب أعمال الشر ، وما أحسن قول زهير :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
والمراد بالرؤية هنا العلم بما يصدر منهم من الأعمال ، ثم جاء سبحانه بوعيد شديد فقال : وستردون إلى عالم الغيب والشهادة أي وستردون بعد الموت إلى الله سبحانه الذي يعلم ما تسرونه وما تعلنونه وما تخفونه وما تبدونه ، وفي تقديم الغيب على الشهادة إشعار بسعة علمه عز وجل ، وأنه لا يخفى عليه شيء ويستوي عنده كل معلوم .ثم ذكر سبحانه ما سيكون عقب ردهم إليه فقال : فينبئكم أي يخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا ، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ويتفضل على من يشاء من عباده .
قوله : وآخرون مرجون لأمر الله ذكر سبحانه ثلاثة أقسام في المتخلفين : الأول : المنافقون الذين مردوا على النفاق ، والثاني : التائبون المعترفون بذنوبهم ، الثالث : الذين بقي أمرهم موقوفا في تلك الحال ، وهم المرجون لأمر الله ، من أرجيته وأرجأته : إذا أخرته .
قرأ حمزة والكسائي ونافع وحفص مرجون بالواو من غير همز .
وقرأ الباقون بالهمزة المضمومة بعد الجيم .
والمعنى : أنهم مؤخرون في تلك الحال لا يقطع لهم بالتوبة ولا بعدمها ، بل هم على ما يتبين من أمر الله سبحانه في شأنهم إما يعذبهم إن بقوا على ما هم عليه ولم يتوبوا وإما يتوب عليهم إن تابوا توبة صحيحة وأخلصوا إخلاصا تاما والجملة في محل نصب على الحال ، والتقدير وآخرون مرجون لأمر الله حال كونهم ، إما معذبين ، وإما متوبا عليهم والله عليم بأحوالهم حكيم فيما يفعله بهم من خير أو شر .
وقد أخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن أبي موسى أنه سئل عن قوله : والسابقون الأولون فقال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .
وأخرج ، ابن أبي شيبة وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وابن مردويه ، وأبو نعيم عن مثله . سعيد بن المسيب
وأخرج ابن المنذر ، وأبو نعيم عن الحسن ، مثله أيضا . ومحمد بن سيرين
وأخرج ابن مردويه ، عن ، قال : هم ابن عباس أبو بكر وعمر وعلي وسلمان وعمار بن ياسر .
وأخرج ، ابن أبي شيبة وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن ، قال : هم من أدرك بيعة الرضوان . الشعبي
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم قتادة ، في قوله : والذين اتبعوهم بإحسان قال : التابعون .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم ابن زيد قال : هم من بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة .
وأخرج أبو الشيخ ، ، عن وابن عساكر أبي صخر حميد بن زياد قال : قلت لمحمد بن [ ص: 597 ] كعب القرظي : أخبرني عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإنما أريد الفتن ، قال : إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم ، قلت له : وفي أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابه ؟ قال : ألا تقرءون قوله تعالى : والسابقون الأولون الآية ، وأوجب لجميع أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الجنة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطا لم يشرطه فيهم ، قلت : وما اشترط عليهم ؟ قال : اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان ، يقول : يقتدون بهم في أعمالهم الحسنة ، ولا يقتدون بهم في غير ذلك .
قال أبو صخر : فوالله لكأني لم أقرأها قبل ذلك وما عرفت تفسيرها حتى قرأها علي ابن كعب .
وأخرج ابن مردويه ، من طريق قال : حدثني الأوزاعي ، يحيى بن أبي كثير والقاسم ، ومكحول ، ، وعبدة بن أبي لبابة ، أنهم سمعوا جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقولون وحسان بن عطية لما أنزلت هذه الآية والسابقون الأولون إلى قوله : ورضوا عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هذا لأمتي كلهم ، وليس بعد الرضا سخط .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم في الأوسط والطبراني وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ، ابن عباس وممن حولكم من الأعراب الآية ، قال : قام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم جمعة خطيبا ، فقال : قم يا فلان فاخرج فإنك منافق ، اخرج يا فلان فإنك منافق ، فأخرجهم بأسمائهم ففضحهم ، ولم يكن يشهد تلك الجمعة لحاجة كانت له ، فلقيهم عمر بن الخطاب عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم استحياء أنه لم يشهد الجمعة ، وظن الناس قد انصرفوا ، واختبئوا هم من عمر ، وظنوا أنه قد علم بأمرهم ، فدخل عمر المسجد فإذا الناس لم ينصرفوا ، فقال له رجل : أبشر يا عمر فقد فضح الله المنافقين اليوم . فهو العذاب الأول ، والعذاب الثاني عذاب القبر . في قوله :
وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة في قوله : وممن حولكم من الأعراب قال : جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم ابن زيد في قوله : مردوا على النفاق قال : أقاموا عليه ولم يتوبوا كما تاب آخرون .
وأخرج ابن المنذر ، عن في الآية قال : ماتوا عليه : ابن جريج عبد الله بن أبي ، وأبو عامر الراهب ، والجد بن قيس .
وأخرج ابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : سنعذبهم مرتين قال : بالجوع والقتل .
وأخرج ابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن أبي مالك قال : بالجوع وعذاب القبر .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، والبيهقي ، عن قتادة ، قال : عذاب في القبر ، وعذاب في النار .
وقد روي عن جماعة من السلف نحو هذا في تعيين العذابين ، والظاهر ما قدمنا .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ، في قوله : ابن عباس وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا قال : كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في غزوة تبوك ، فلما حضر رجوع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد ، وكان ممر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا رجع عليهم فلما رآهم قال : من هؤلاء الموثقون أنفسهم ؟ قالوا : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم ، قال : وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم ، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين ، فلما بلغهم ذلك قالوا : ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا ، فنزلت : عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله واجب ، فلما نزلت أرسل إليهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأطلقهم وعذرهم ، فجاءوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا ، قال : ما أمرت أن آخذ أموالكم ، فأنزل الله عز وجل : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم يقول : استغفر لهم إن صلاتك سكن لهم يقول : رحمة لهم ، فأخذ منهم الصدقة واستغفر لهم ، وكانوا ثلاثة نفر لم يوثقوا أنفسهم بالسواري ، فأرجئوا سنة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم ؟ فأنزل الله عز وجل : لقد تاب الله على النبي [ التوبة : 117 ] إلى قوله : وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله : ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم [ التوبة : 118 ] يعني : إن استقاموا .
وأخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك ، مثله سواء .
وأخرج ، ابن أبي شيبة وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله : اعترفوا بذنوبهم قال : هو أبو لبابة إذ قال لقريظة ما قال ، وأشار إلى حلقه بأن محمدا يذبحكم إن نزلتم على حكمه ، والقصة مذكورة في كتب السير .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم ، في قوله : السدي خلطوا عملا صالحا قال : غزوهم مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وآخر سيئا قال : تخلفهم عنه .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ، في قوله : ابن عباس وصل عليهم قال : استغفر لهم من ذنوبهم التي كانوا أصابوها إن صلاتك سكن لهم قال : رحمة لهم .
وأخرج ، البخاري ومسلم ، وغيرهما ، عن قال : عبد الله بن أبي أوفى آل أبي أوفى . كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا أتي بصدقة قال : اللهم صل على آل فلان ، فأتاه أبي بصدقته فقال : اللهم صل على
وأخرج ، ابن أبي شيبة وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله قال : هذا وعيد من الله عز وجل .
وأخرج أحمد ، وأبو يعلى ، ، وابن حبان والحاكم ، والبيهقي في الشعب ، ، وابن أبي الدنيا والضياء في المختارة ، عن أبي سعيد عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : . لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ، لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان
وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة في قوله : وآخرون مرجون لأمر الله قال : هم الثلاثة الذين خلفوا .
وأخرج ابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد في الآية قال : هم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع من وكعب بن مالك الأوس والخزرج .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ، في قوله : السدي إما يعذبهم يقول : يميتهم على معصية وإما يتوب عليهم فأرجأ أمرهم ثم [ ص: 598 ] نسخها فقال : وعلى الثلاثة الذين خلفوا [ التوبة : 118 ] .