إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عواسل
وقيل : يرجون : يطمعون ، ومنه قول الشاعر :أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا
أولئك مأواهم أي مثواهم ، ومكان إقامتهم النار ، والإشارة إلى المتصفين بالصفات السابقة من عدم الرجاء ، وحصول الرضا والاطمئنان ، والغفلة بما كانوا يكسبون أي بسبب ما [ ص: 613 ] كانوا يكسبون من الكفر والتكذيب بالمعاد فهذا حال الذين لا يؤمنون بالمعاد .
وأما حال الذين يؤمنون به فقد بينه سبحانه بقوله : إن الذين آمنوا أي فعلوا الإيمان الذي طلبه الله منهم بسبب ما وقع منهم من التفكر والاعتبار فيما تقدم ذكره من الآيات وعملوا الصالحات التي يقتضيها الإيمان ، وهي ما شرعه الله لعباده المؤمنين يهديهم ربهم بإيمانهم أي يرزقهم الهداية بسبب هذا الإيمان المضموم إليه العمل الصالح فيصلون بذلك إلى الجنة ، وجملة تجري من تحتهم الأنهار مستأنفة أو خبر ثان أو في محل نصب على الحال .
ومعنى من تحتهم من تحت بساتينهم أو من بين أيديهم لأنهم على سرر مرفوعة .
وقوله : في جنات النعيم متعلق بـ ( تجري ) أو بـ ( يهديهم ) أو خبر آخر أو حال من ( الأنهار ) .
قوله : دعواهم أي دعاؤهم ونداؤهم ، وقيل : الدعاء العبادة كقوله تعالى : وأعتزلكم وما تدعون من دون الله [ مريم : 48 ] وقيل : معنى دعواهم هنا الادعاء الكائن بين المتخاصمين .
والمعنى : أن أهل الجنة يدعون في الدنيا والآخرة تنزيه الله سبحانه من المعايب والإقرار له بالإلهية .
قال القفال : أصله من الدعاء ، لأن الخصم يدعو خصمه إلى من يحكم بينهما ، وقيل : معناه : طريقتهم وسيرتهم ، وذلك أن المدعي للشيء مواظب عليه ، فيمكن أن تجعل الدعوى كناية عن الملازمة ، وإن لم يكن في قوله : سبحانك اللهم دعوى ولا دعاء ، وقيل : معناه : تمنيهم كقوله : ولهم ما يدعون وكأن تمنيهم في الجنة ليس إلا تسبيح الله وتقديسه ، وهو مبتدأ وخبره سبحانك اللهم ، و فيها أي في الجنة .
والمعنى على القول الأول : أن دعاءهم الذي يدعون به في الجنة هو تسبيح الله وتقديسه ، والمعنى : نسبحك يا الله تسبيحا .
قوله : وتحيتهم فيها سلام أي تحية بعضهم للبعض ، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل ، أو تحية الله أو الملائكة لهم ، فيكون من إضافة المصدر إلى المفعول .
وقد مضى تفسير هذا في سورة النساء ، قوله : وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين أي وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح أن يقولوا : الحمد لله رب العالمين .
قال النحاس : مذهب الخليل أن ( أن ) هذه مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنه الحمد لله .
وقال : ويجوز أن تعملها خفيفة عملها ثقيلة ، والرفع أقيس ، ولم يحك أبو عبيد إلا التخفيف . محمد بن يزيد المبرد
وقرأ ابن محيصن بتشديد " أن " ونصب الحمد .
وقد أخرج ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم ، مجاهد في قوله : ورضوا بالحياة الدنيا قال : مثل قوله : من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها [ هود : 15 ] الآية .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم ، مجاهد أيضا في قوله : يهديهم ربهم بإيمانهم قال : يكون لهم نور يمشون به .
وأخرج أبو الشيخ ، عن قتادة ، مثله .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم ، قتادة ، في قوله : يهديهم ربهم بإيمانهم قال : حدثنا الحسن قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة وريح طيبة ، فيقول له : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك عين امرئ صدق ، فيقول له : أنا عملك ، فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة ، وأما الكافر فإذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وريح منتنة ، فيقول له : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك عين امرئ سوء ، فيقول له : أنا عملك ، فينطلق به حتى يدخله النار .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن نحوه . ابن جريج
وأخرج ابن مردويه ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : أبي بن كعب إذا قالوا سبحانك اللهم أتاهم ما اشتهوا من الجنة من ربهم .
وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين .
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي الهذيل قال : الحمد أول الكلام وآخر الكلام ، ثم تلا : وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .