أصل " الصفا " في اللغة : الحجر الأملس ، وهو هنا علم لجبل من جبال مكة معروف ، وكذلك " المروة " علم لجبل بمكة معروف ، وأصلها في اللغة : واحدة المروى ، وهي الحجارة الصغار التي فيها لين .
وقيل : التي فيها صلابة ، وقيل : تعم [ ص: 105 ] الجميع .
قال أبو ذؤيب :
حتى كأني للحوادث مروة بصفا المشرق كل يوم تقرع
وقيل : إنها الحجارة البيض البراقة : وقيل : إنها الحجارة السود .والشعائر جمع شعيرة ، وهي العلامة ، أي من أعلام مناسكه .
والمراد بها مواضع العبادة التي أشعرها الله إعلاما للناس من الموقف والسعي والمنحر ، ومنه إشعار الهدي ، أي إعلامه بغرز حديدة في سنامه ، ومنه قول : الكميت
نقتلهم جيلا فجيلا تراهم شعائر قربان بهم يتقرب
وأشهد من عوف حئولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا
وفي الشرع : الإتيان بمناسك الحج التي شرعها الله سبحانه .
والعمرة في اللغة : الزيارة .
وفي الشرع : الإتيان بالنسك المعروف على الصفة الثابتة .
والجناح أصله من الجنوح ، وهو الميل ، ومنه الجوانح لاعوجاجها .
وقوله : يطوف أصله يتطوف فأدغم .
وقرئ : " أن يطوف " ، ورفع الجناح يدل على عدم الوجوب ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه . والثوري
وحكى في الكشاف عن الزمخشري أبي حنيفة أنه يقول : إنه واجب وليس بركن وعلى تاركه دم .
وقد ذهب إلى عدم الوجوب ابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك . وابن سيرين
ومما يقوي دلالة هذه الآية على عدم الوجوب قوله تعالى في آخر الآية : ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم وذهب الجمهور إلى أن ، واستدلوا بما أخرجه الشيخان وغيرهما عن السعي واجب ونسك من جملة المناسك عائشة أن عروة قال لها : أرأيت قول الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد جناحا أن لا يطوف بهما ؟ فقالت عائشة : بئس ما قلت يا ابن أختي ، إنها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها ، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة في الجاهلية ، فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية ، قالت عائشة : ثم قد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما ، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما .
وأخرج مسلم وغيره عنها أنها قالت : لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته ، لأن الله قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله .
وأخرج عن الطبراني قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ابن عباس . إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا
وأخرج أحمد في مسنده والشافعي وابن سعد وابن المنذر وابن قانع والبيهقي عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت : الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول : اسعوا فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي وهي في مسند رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين أحمد من طريق شيخه عبد الله بن المؤمل عن عن عطاء بن أبي رباح عنها ، ورواه من طريق أخرى عن صفية بنت شيبة عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن واصل مولى أبي عيينة عن عن موسى بن عبيدة أن امرأة أخبرتها فذكرته . صفية بنت شيبة
ويؤيد ذلك حديث : اهـ . خذوا عني مناسككم