مسألة : قال الشافعي : " ولا يتبع دلالة مشرك بحال "
قال الماوردي : وهذا كما قال : " لا يجوز للضرير أن ولا للبصير أن يقبل خبره فيها قال الله تعالى : يقلد مشركا في القبلة ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [ الحجرات : 6 ] . والكفر أغلظ الفسق ، وقال تعالى : وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين [ البقرة : 140 ] ولأن [ ص: 80 ] إذا لم يجز تقليدهم في القبلة ولا قبول خبرهم فيها فالكفر أولى ، ولأن الكافر قصده اختلال المسلم عن عبادته وفتنته في دينه ، فإن قيل : أفليس الكافر مقبول القول في الإذن ، وقبول الهدية فهلا كان مقبول القول في الإخبار عن القبلة ؟ قلنا : الإذن ، وقبول الهدية ، أوسع حكما ، ألا ترى أن قول الصبي فيه مقبول ، وأمر القبلة أغلظ ، لأن خبر الصبي فيه غير مقبول ، فأما إذا استدل مستدل من كافر مشرك دلائل القبلة كأنه سأله عن أحوال الرياح ، ومطالع النجوم فأخبره ووقع في نفسه صدقه ، ثم اجتهد لنفسه عن خبر المشرك في وجهات القبلة جاز ، لأن المسلم عمل في القبلة على اجتهاد نفسه ، وإنما قبل خبر المشرك في غيرها مما يستوي في الإخبار به من وقع في النفس صدقه من مسلم وكافر فسقة المسلمين