مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ثم يقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين "
قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما لفظ التوجه فمسنون بإجماع وإنما الاختلاف في فصلين :
أحدهما : في صفته
والثاني : في محله . فأما صفة التوجه فهو ما ذكره الشافعي
وقال أبو حنيفة : بما رواه أبو الجوازء عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك إذا استفتح الصلاة قال سبحانك اللهم وبحمدك ، تعلقا بهذه الرواية واستدلالا بقوله سبحانه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح بحمد ربك حين تقوم
[ ص: 101 ] ودليلنا : رواية الشافعي عن مسلم بن خالد ، عن ابن جريج عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن عبيد الله بن رافع ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ، ونسكي ، ومحياي ، ومماتي ، لله رب العالمين وحده لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك ، اللهم وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفرها إلا أنت ، اصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، لبيك وسعديك والمهدي من هديت ، والخير بيديك ، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك عطاء بن يسار عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ، فكان ما ذهب إليه الشافعي من هذه الرواية شيئان :
أحدهما : أنه أصح رواية وأثبت إسنادا ، وأشهر عند أصحاب الحديث متنا
والثاني : أنه موافق لكتاب الله ، عز وجل ، ومشابه لحال المصلي ، ولأنه يشتمل على أنواع وذاك نوع فكان ما ذهبنا إليه أولى ، وأما قوله سبحانه : وسبح بحمد ربك حين تقوم فيحمل على أمرين ، إما على القيام من النوم ، وإما على التسبيح في الركوع والسجود