فصل : فإذا ثبت أن عورة المرأة في صلاتها ما ذكرنا فعليها ستر جميع عورتها في الصلاة فريضة كانت أو نافلة ، قال الشافعي : درع سابغ يغطي قدميها ، أو خمار تستر به رأسها ، وأحب أن تلبس الجلباب وتجافيه لكي لا تصفها ثيابها ، فإن انكشف بعض عورتها وإن قل مع القدرة على ستره فصلاتها باطلة ، ووافقنا وأقل ما يمكنها أن تصلي فيه أبو حنيفة في قدر العورة ، وخالفنا في حكم ما انكشف منها فقال : مخففة ومغلظة ، فالمغلظة السوأتان القبل والدبر ، والمخففة ما عداهما ، فإن انكشف من المغلظة قدر الدرهم ومن المخففة دون الربع صحت الصلاة وإن زاد على ذلك بطلت الصلاة العورة ضربان
واستدل بأن معنى يجوز في حال العذر ، وهو الخوف وقع الفرق بين قليله وكثيره في ذلك الاختيار قال : ولأن الكشف الكثير في زمان قليل كالكشف القليل في الزمان الطويل لا يبطل الصلاة فكذلك الكشف القليل في الزمان [ القليل ] والدلالة على فساد هذا القول ما استدللنا به على كشف العورة مالك من الظواهر ، ثم من طريق المعنى : أنه كشف من عورته في صلاته ما يقدر على ستره فوجب أن تبطل صلاته ، أصله إذا كشف من المغلظة أكثر من الدرهم ، ومن المخففة أكثر من الربع ، ولأن كل عضو إذا انكشف منه الربع يبطل الصلاة فوجب إذا انكشف منه دون الربع أن يبطلها كالسوأتين ، ثم يقال لأبي حنيفة ليس تحديدك بالربع أولى من تحديد غيرك بالثلث ، أو النصف فبطل تحديدك بمعارضة ما قابله ، على أن أبا حنيفة لا يأخذ بالتحديد قياسا ، وليس معه نص يوجبه فعلم بطلانه
[ ص: 170 ] وأما قوله لما جاز تركه في حال العذر وجب أن يقع بين قليله وكثيره في حال الاختيار فبطل بالوضوء ، ويجوز تركه مع العذر ، ولا يفرق بين قليله وكثيره في حال الاختيار على أن المشي فعل وحركة ، والاحتراز منهما في الصلاة غير ممكن إذ ليس في الممكن أن لا يترك في صلاته ، فلذلك وقع الفرق بين قليله وكثيره ، وليس كذلك السترة ، وأما قوله أنه لما جاز الترك للتكبير في الزمان اليسير فكذلك الترك اليسير في الزمان الكثير ، قلنا : هما في الحكم ، والمعنى سواء إنما جازت صلاته في الكشف الكثير في الزمان اليسير ، لأنه غير قادر على ستره ، ولو قدر عليه بطلت صلاته ، و إنما أبطلنا صلاته ، في الكشف الكثير في الزمان الطويل ، لأنه قادر على ستره ، ولو لم يقدر عليه لخرق في ثوبه لا يجد ما يستره جازت صلاته فلم يفترق الحكم في الموضعين