فصل : فإذا قيل ببطلان صلاة الإمام فمذهب الشافعي أن صلاته تبطل بانتظار الثالثة والرابعة لأنه القدر الزائد على ما ورد به الشرع ، فعلى هذا صلاة الطائفة الأولى والثانية جائزة لخروجها من صلاته قبل فسادها . وصلاة الطائفة الثالثة والرابعة باطلة إن علموا بحاله لأنهم دخلوا في صلاته بعد فسادها . فإن لم يعلموا بحاله فصلاتهم جائزة كما صلى خلف جنب لا يعلم بجنابته .
وقال أبو العباس بن سريج : تبطل صلاة الإمام بانتظار الطائفة الرابعة ؛ لأن الانتظار الزائد هو الثالث والرابع وبه بطلت صلاته والطائفة الثالثة خرجت من الصلاة قبل الانتظار الثالث ؛ لأن الانتظار الأول للطائفة الثانية ، والانتظار الثاني للطائفة الثالثة ، والانتظار الثالث والرابع للطائفة الرابعة وحدها عند دخولها والآخر عند خروجها ، فوجب أن تكون صلاة الطائفة الثالثة جائزة لخروجها من الصلاة قبل فسادها ، وهذا وإن كان قويا في الاجتهاد فما ذكره الشافعي أصح ؛ لأنه لم تبطل صلاته بالانتظار الثالث وإنما أبطلها بانتظار الطائفة الثالثة لمخالفته فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفريق أصحابه وانتظارهم .
[ ص: 467 ] وإذا قيل بجواز صلاة الإمام فصلاة الطائفة الرابعة جائزة لخروجهم من الصلاة بخروجه ، فأما الأولى والثانية والثالثة فقد اختلف أصحابنا فيهم ، هل هم معذورون بذلك أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنهم غير معذورين ؛ لأن لكل طائفة أن تخرج نفسها بعد ركعتين ، فلم يعذروا بإخراج أنفسهم بعد ركعة ، فعلى هذا في بطلان صلاتهم قولان مبنيان على اختلاف قوله فيمن . أخرج نفسه من صلاة الإمام غير معذور
أحدهما : باطلة .
والثاني : جائزة فهذا أحد الوجهين وهو أشهر .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنهم معذورون ؛ لأن إخراج أنفسهم لم يكن إلى اختيارهم ، ولو أرادوا المقام على الإتمام لم يمكنهم وكان ذلك عذرا لهم ، فعلى هذا صلاتهم جائزة قولا واحدا والله تعالى أعلم .
وإذا ، فإن كان مقيما لكن أراد أن يصليها خارج المصر وفي ظاهره لم يجز لأن الجمعة لا يصح إقامتها إلا في مصر ، وإن كان مقيما متوطنا في مصر فله أن يصلي فيه الجمعة صلاة الخوف ، وإذا أفرد أصحابه فريقين فلا بد أن يكون كل واحد من الفريقين أربعين رجلا أهل الجمعة فإن كانت الطائفة الأولى أقل من أربعين لم يجز ، وإن كانت الطائفة الثانية أقل من أربعين لم يجز ، فإذا أكملت كل طائفة منهما أربعين ، خطب على الطائفة الأولى فصلى بهم ركعة وأتموا لأنفسهم جمعة ، فإن خطب على الأولى وصلى بالثانية لم يجز أن يبني على الجمعة ؛ لأنه صار مبتدئا بالجمعة جماعة لم يحضروا الجمعة ، فإن أراد الإمام أن يصلي الجمعة بأصحابه صلاة الخوف صلى بالأولى ركعة وأتموا ، وبالثانية ركعة وأتموا وخطب بهم والله أعلم . أراد أن يصلي في الخوف صلاة العيد والكسوف