مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " صلى الإمام بهم جميعا وركع وسجد بهم جميعا إلا صفا يليه أو بعض صف ينظرون العدو فإذا قاموا بعد السجدتين سجد الذين حرسوه أولا إلا صفا أو بعض صف يحرسه منهم فإذا سجدوا سجدتين وجلسوا سجد الذين حرسوهم ثم يتشهدون ، ثم يسلم بهم جميعا ، معا وهذا نحو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم وإن كان العدو قليلا من ناحية القبلة والمسلمون كثيرا يأمنونهم في مستوى لا يسترهم شيء إن حملوا عليهم رأوهم عسفان ولو تأخر الصف الذي حرسه إلى الصف الثاني وتقدم الثاني فحرسه فلا بأس " .
قال الماوردي : وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ب " عسفان " رواها أبو الزبير عن جابر ، وعكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعسفان وكان العدو في جهة القبلة ، والمسلمون أكثر منهم على مستو من الأرض ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم الظهر فقال المشركون : قد أصبنا منهم غفلة قد أصبنا منهم غفلة ، نهجم عليهم وهم في الصلاة ، فقال بعضهم : إنه تأتيهم صلاة هي أعز عليهم من أموالهم وأولادهم يريدون العصر فنزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فلما صلى العصر صف الناس كلهم وأحرم بهم ، وركع فركعوا ورفع فرفعوا وسجد فسجدوا إلا الصف الذي يليه فإنهم لم يسجدوا لحراستهم فلما رفع يسجدوا وتأخروا وتقدم الصف الأخير ، فركع بهم ورفع وسجد بهم إلا الصف الذي يليه ، فإنهم لم يسجدوا لحراسة الناس ، فلما رفع سجدوا ولحقوه فهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان .
فأما إن أراد الإمام أن يصلي في الحرب بأصحابه مثلها احتاج إلى ثلاثة شرائط :
أحدهما : أن يكون المسلمون أكثر من المشركين .
والثاني : أن يكون العدو من جهة القبلة .
والثالث : أن يكون العدو على مستوى الأرض ليس بينهما ما يمنع من المشاهدة ، فإن كانت هذه الشروط موجودة صلى حينئذ على وصفنا فإن حرس الصف الأول في الركعتين جميعا ولم يتأخروا قال الشافعي : كان حسنا ، وإن حرس الصف الثاني في الركعتين معا جاز ، وحراسة الصف الأول أولى لأمرين :
[ ص: 474 ] أحدهما : أنه أقرب إلى العدو .
والثاني : أنهم أقدر على حراسة الجميع .