الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والإدام ما يصطبغ به الخبز ) إذا اختلط به ( كخل وزيت وملح ) لذوبه في الفم ( لا اللحم والبيض والجبن . وقال محمد : هو ما يؤكل مع الخبز غالبا ) به يفتى كما في البحر عن التهذيب . وفيه : فما يؤكل وحده غالبا كتمر وزبيب وجوز [ ص: 779 ] وعنب وبطيخ وبقل وسائر الفواكه ليس إداما إلا في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا اعتبارا للعرف . وفي البدائع : والجوز رطبه فاكهة ويابسه إدام .

التالي السابق


( قوله والإدام ما يصطبغ به الخبز ) في المغرب صبغ الثوب بصبغ حسن وصباغ وهو ما يصبغ به ومنه الصبغ والصباغ من الإدام لأن الخبز يغمس فيه ويلون به كالخل والزيت . ا هـ . وفي المصباح ويختص بكل إدام مائع كالخل ، وفي التنزيل - { وصبغ للآكلين } - قال الفارابي : واصطبغ بالخل وغيره . وقال بعضهم : واصطبغ من الخل وهو فعل لا يتعدى إلى مفعول صريح فلا يقال اصطبغ الخبز بخل . ا هـ . وفي الفتح والاصطباغ افتعال من الصبغ ، ولما كان ثلاثيه وهو صبغ متعديا لواحد جاء الافتعال منه لازما فلا يقال اصطبغ الخبز لأنه لا يصل إلى المفعول بنفسه حتى يقام مقام الفاعل إذا بني الفعل له وإنما يقام غيره من الجار والمجرور ونحوه فلذا يقال اصطبغ به . ا هـ . قلت : وبه علم أنه كان على الشارح أن لا يذكر لفظ الخبز وإن تبع فيه النهر ( قوله لذوبه في الفم ) جواب عما يقال إنه لا يصبغ به تأمل ( قوله به يفتى ) وبه أخذ الفقيه أبو الليث . قال في الاختيار وهو المختار عملا بالعرف ، وفي المحيط : وهو الأظهر .

مطلب حلف لا يأكل إداما ولا يأتدم

( وقوله وفيه ) أي البحر حيث قال : وفي المحيط قال محمد : التمر والجوز ليس بإدام لأنه يفرد بالأكل في الغالب فكذا العنب والبطيخ والبقل لأنه لا يؤكل تبعا للخبز بل يؤكل وحده غالبا وكذا سائر الفواكه ، [ ص: 779 ] حتى لو كان في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا يكون إداما عنده اعتبارا للعرف . ا هـ . وذكر في البحر أيضا : وإذا أكل الإدام وحده ، فإن كان حلف لا يأكل إداما حنث ، وإن حلف لا يأتدم بإدام لا يحنث فلا بد أن يأكل معه الخبز كما أشار إليه في الكشف الكبير ا هـ ( قوله وبقل ) يعتاد في زماننا أكل الفقراء الخبز بالبصل والنعنع والطرخون ( قوله وفي البدائع إلخ ) مخالف لقوله قبله وجوز إلا أن يحمل ما قبله على الرطب ، وقدمنا عن المحيط أن ما روي من أن الجوز واللوز فاكهة هو في عرفهم لا في عرفنا إلا أن يحمل على اليابس وهو بعيد فالظاهر أن ما في البدائع مبني على عرفهم ، وأيضا فإن الجوز اليابس لا يؤكل الآن مع الخبز غالبا ، وإنما يفرد بالأكل ، وقد علمت أن المعتبر في الإدام ما يؤكل تبعا للخبز في الغالب وليس المراد كل ما يمكن أكله مع الخبز ولذا لم يحنث بالفاكهة مع الخبز ، وكذا لو أكل مع الخبز كنافة أو قطائف لأن الغالب أكل ذلك وحده لا مقرونا بالخبز فلا يسمى إداما ; نعم يقال في العرف : لا آكل هذا الرغيف إلا حافا ويراد بالحاف أكله بلا شيء معه فإذا قرن معه فاكهة أو نحوها يحنث تأمل




الخدمات العلمية