كان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدِم المدينة بناء المسجد، وقد أقامه وسط المدينة في بني النجار، على أرض ليتيمين بعد أن اشتراها منهما، وشارك صلى الله عليه وسلم في بنائه مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وبنى المسجد باللبن، وجعل عضادتيه الحجارة، وسواريه جذوع النخل، وسقفه الجريد، وعمل فيه المسلمون حِسْبة لله عز وجل، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة النبوية الموافق 622م.
وكانت مساحة المسجد عند بنائه: ( 1050 ) متراً مربعاً، وقد بلغ طوله: 35م، وعرضه: 30م، وارتفاع جدرانه متران.
وقد زاد النبي صلى الله عليه وسلم في مساحته بعد أن كثر عدد المسلمين وذلك بعد رجوعه من خيبر سنة 7 هجرية، فزاد 20م في 15م تقريباً، حتى صار المسجد مربعاً 50م×49.5م، ومساحته الكلية 2475 متراً مربعاً، بزيادة قدرها: 1415 مترًا مربعاً. وبلغ ارتفاع الجدران 3.50م، وعدد الأبواب: ثلاثة أبواب، وعدد الأعمدة 35 عموداً.
وبقي المسجد النبوي على حاله تلك في بقية العهد النبوي وخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى عهْد عمر رضي الله عنه سنة 17 هجرية، فزاد فيه حتى أصبح مجموع مساحته: 3575 مترًا مربعاً، وجعل أعمدته من الخشب .
وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه زاد فيه رواقاً بناه بالحجارة والجص، وجعل عمده من الحجارة .
وفي عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك قام عمر بن عبد العزيز أمير المدينة بتجديد المسجد، فوسَّعه وأدخل فيه حُجَر أمهات المؤمنين، وزاد فيه ما مجموعه 2369 مترا، وبناه بالحجارة والجص، وجعل عمده من حجارة حشوها بالحديد والرصاص، وكان ذلك في سنة 88 هـ .
وفي خلافة المهدي العباسي ، زاد في المسجد 2450 مترا من جهته الشمالية، وفرغ منها سنة 165 هـ .
وفي مستهل رمضان من عام 645 هـ، وقع حريق في المسجد، وابتدأ الحريق بنار علقت في الأبواب، ثم امتدت إلى السقف حتى أتت عليه، وانتشرت النار في المسجد، وأصابت الحجرة النبوية بأضرار كبيرة، ثم أُصلح ذلك كله فيما بعد .
وفي عام 879 هـ، قام الملك قايتباي بصيانة المسجد، وقد شمل ذلك بعض أسقفه وجدرانه وعمده ومآذنه، ثم زاد فيه 120 متراً .
واستمر الحال على ذلك، إلى أن جاء رمضان من عام 886 هـ، حيث انقضت صاعقة عظيمة على المئذنة الكبرى التي كان يُؤذن فيها فقتلت رئيس المؤذنين، ثم انتقلت النيران إلى سقف المسجد فالتهمته وهدمت جدره، فأعاد الملك قايتباي إصلاح ما تلف .
وفي سنة 980 هـ أعاد عمارة المسجد وإصلاحه السلطان سليم الثاني ، وقام ببناء محراب غربي المنبر النبوي، على حد المسجد الأصلي من الجهة القبلية .
وأصبحت الإنارة بعد القرن التاسع الهجري، تتم بواسطة أسْرِجة ( جمع سراج ) توقد بالزيت، موزعة في أنحاء المسجد .
ثم أمر السلطان عبد المجيد بن مراد العثماني في سنة 1265 هـ بإعادة إعمار المسجد، واستبدلت أعمدته بأخرى جديدة ومتينة، وانتُهي منه سنة 1277 هـ .
ووسَّعت المملكة العربية السعودية المسجد عدة مرات، وبلغت مساحة المسجد في آخر توسعة عهد الحكومة السعودية سنة 1414هـ 384.000 مترا مربعاً .
أما عن فضل الصلاة فيه، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام )، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا ) رواه أحمد . وما مضاعفة أجر الصلاة في المساجد الثلاثة إلا إظهاراً لفضل هذه المساجد وشرفها، فجميعها مساجد بناها الأنبياء عليهم السلام.
والمسجد النبوي أحد المساجد الذي تُشد إليه الرحال، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى ) متفق عليه.