الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الغيرة من الزوجة الثانية تدعو للطلاق مع وجود الحب الشديد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا أحب زوجي بشدة, وأغار عليه غيرة شديدة من زوجته الأولى، مع العلم أني الزوجة الثانية، وهو يعيش معي أكثر مما يعيش معها، ولنا عشر سنوات متزوجون، وكنت لا أشعر بهذه الغيرة من قبل، لدرجة أني دخلت في حالة اكتئاب شديدة جدا, وانعزلت عن العالم بأكمله، وأغلقت هاتفي، حتى لا أتكلم معه نهائيا، فما السبب فيما أنا فيه؟ هل هي الغيرة أم الحب الشديد؟ علما بأنه الآن مسافر عندها، وكان عندي منذ سنة وثلاثة أشهر، والآن أطلب الانفصال عنه, هل هذا هو الحل الصحيح الصائب؟

ومشكلتي الأخرى هي: أن زوجي يعتبرني زوجة له في الدولة التي نعيش فيها، ولكنه في دولته لا يريد أن يعترف بي، علما بأن زوجته وأهله يعرفون أنه متزوج, ولديه أطفال مني، ومهما كنا في بلده دائما يقول لي: لا تتوقعي مني الحضور إليك, أو الخروج معك، مع العلم أنه في مرة أحضر زوجته إلى الدولة التي نعيش فيها, ولم يتركها منذ وصولها إلى أن غادرت.

ماذا أفعل ليعترف بي في أي مكانٍ من العالَم؟

أفيدوني جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك في إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعافيك من هذه الغيرة، وأن يجمع بينك وبين زوجك على خير، وأن يشرح صدرك للعدول عن طلب الانفصال؛ لأنه ليس فيه من خير, كما نسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدر زوجك لإعطاء حقوقك كاملة كما يُعطي زوجته الأولى.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - من أنك تحبين زوجك بشدة, وتغارين عليه غيرة شديدة, خاصة من زوجته الأولى، مع العلم أنك الزوجة الثانية, ويعيش معك أكثر مما يعيش معها؛ مما ترتب عليه أنك دخلت في مرحلة اكتئاب شديد جدًّا، وانعزلت عن العالم بأكمله، وأغلقت هاتفك، حتى أنك لا تريدين الحديث معه نهائيًا، وتقولين: ما السبب في هذه الغيرة؟ هل ما أنت فيه بسبب الغيرة والحب الشديد؟ علمًا أنه مسافر الآن عند زوجته الأولى، وكان عندك منذ سنة وثلاثة أشهر، والآن تطلبين الانفصال عنه، هل هذا الحل صحيح أم لا؟

أقول لك -أختي الكريمة-: إن هذا الحل ليس صحيحًا, وليس صائبًا، والذي تعانين منه إنما هو غيرة تُعرف بالغيرة المرضية، وهذه الغيرة المرضية يترتب عليها الدخول في حالات الاكتئاب الشديدة كما حدث لك، وكذلك أيضًا الرغبة في العزلة, وعدم الخروج من المنزل, وعدم مواجهة أحد، فأنت الآن في حالة مرضية، وهذه الحالة المرضية تحتاج إلى نوع من العلاج النفسي، ولذلك أنصحك بعرض نفسك على أخصائي نفسي ليُخرجك من هذه الحالة المرضية التي تعانين منها.

هذه الحالة -بهذا الوصف الذي ورد في رسالتك- حالة حرجة، ومن الممكن أن تؤدي إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث إنك من الممكن أن تفقدي شهيتك، وأن تفقدي ثقتك في نفسك, وفي المجتمع من حولك، وأن تفقدي رغبتك في الحياة، ولذلك أنصحك أولاً بمحاولة الدخول إلى المواقع التي تتكلم عن علاج الغيرة الشديدة-الغيرة المرضية- وكذلك أيضًا أنصح بمراجعة أخصائي نفسي ليساعدك أيضًا على الخروج من هذه الحالة.

كما إني أنصح أيضًا بأمر آخر وهو: الإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والإكثار من ذكر الله تعالى، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية صرف هذه الغيرة عنك, ومعافاتك منها.

وأما فيما يتعلق بمسألة أن زوجك لا يعتبرك زوجة كاملة كزوجته الأولى، فأرى أن هذه مسألة وقت, وأنها ليست مسألة قوية تقتضي منك طلب الانفصال عنه، خاصة وأنك تحبينه حبًّا شديدًا, ولك منه أطفال، وهل من تحب زوجها تطلب منه أن يطلقها أو تفترق عنه؟! إنما عليها أن تحاول الاقتراب منه, وأن تجذبه إليها، وأرى أنها فرصة حتى تصححي أوضاعك، وهذا لن يكون بكثرة الإلحاح والإزعاج، وإنما هذا يكون بكثرة المودة, والمحبة, ومحاولة احتوائه، حتى يشعر بأنه يتعذر عليه الاستغناء عنك، وبالتالي سوف يحقق لك ما تريدين دون أدنى مشقة, أو دون أدنى إلحاح.

فأنا أرى بأن تغفلي هذا الجانب -جانب الانفصال والطلاق- خاصة وأنه يعاملك معاملة طيبة، ويظل عندك أكثر مما يمكث عند زوجته الأولى، فأرى أن حظك أوفر, وأن ظروفك أحسن من زوجته الأولى، فأرجو أن لا تعكري الصفو، فما دمت أنت -الحمد لله- الآن زوجة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وقد منَّ الله عليك بأولاد، فأرى أن لا تقفي طويلاً أمام هذه المسألة، ما دامت تسبب إزعاجًا, وما دام زوجك يصر على عدم مناقشة هذا الأمر، أرى أن تتركي هذا الأمر, وأن تنحيه جانبًا حتى تظلي على علاقة حسنة مع زوجك، وحتى تتمكنين بمساعدته من اتخاذ القرار المناسب الذي يجعلك مساوية لزوجته الأولى تمامًا بتمام.

فأرجو - بارك الله فيك - أن تعرضي نفسك على أخصائي نفسي فيما يتعلق بالغيرة الشديدة، وأرى أن الغيرة غيرة حميدة إذا كانت في المعقول، وكل امرأة فيما أظن تغار على زوجها، حتى أن نساء النبي – صلى الله عليه وسلم - كن يغرن عليه من بعضهنَّ البعض، فأرجو أن تصرفي النظر عن هذه المشكلة فيما يتعلق بالسؤال الثاني، مع الالتزام ببقية الأمور التي أشرت عليك بها.

وكم أتمنى أيضًا أن تستعملي الرقية الشرعية، لعلها أن تنفعك في مسألة الغيرة.

أسأل الله أن يشرح صدرك لكل خير، وأن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعافيك من كل سوء، وأن يصرف عنك كل بلاء.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً