الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تغيير الأدوية النفسية يؤثر سلبًا على الدماغ؟

السؤال

السلام عليكم..

الدكتور محمد المحترم.

لقد عانيت منذ سنة تقريبا من وساوس فكرية، ونوبات قلق وهلع وخوف، وتسارع في دقات القلب، وبدأت بدواء زولفت لمدة ثلاث شهور، وكنت أتحسن أحيانا وأحيانا أخرى أنتكس, ثم استبدلت الدواء بدواء سيبرالكس بجرعة 20 ملغم لمدة سبعة شهور تقريبا، وواجهت نفس المشكلة، أحيانا أشعر بتحسن مثلا لمدة أيام ثم أنتكس أياما أخرى، وحتى في نفس اليوم مثلا صباحا أكون قلقا وخائفا، وتأتيني أفكار وسواسية وقلق من المستقبل، وفي المساء من نفس اليوم أشعر بتحسن.

أشعر بأنني في دوامة أو حلقة مغلقة, في النهاية ذهبت لطبيب نفسي في الأردن، وأضاف لي نيرو توب (Carbamazepine) حبة مساء لتثبيت المزاج, وشعرت بتحسن خفيف.

بعد شهرين راجعت الطبيب، وأخبرني بأنه سيغير دواء سيبرالكس إلى ايفكسر 37.5 في البداية، ونسحب سيبرالكس، ثم نجعل جرعة ايفكسور 75 مع البقاء على Carbamazepine.

لقد قرأت أن هذا الدواء خبيث، أي أنه عند الانقطاع عنه سيعود الاكتئاب والقلق، فهل تنصحني باستعمال هذا الدواء؟ وما هي الطريقة ومدة استخدامه؟ وما هي جرعة البداية والوقاية والنهاية؟ وهل يتعارض مع الأدوية مثل ديناكسيد؟

الأعراض التي أعاني منها:
1- أصبحت أحلم كثيرا، ومع أني لم أكن أحلم في السابق مطلقا، والغريب أني أتذكر الأحلام التي حلمت بها بعد مرور أسبوع أو شهر مثلا.

2- أشعر بضغط شديد على الرأس مثل الطوق، وبالوجع وضغط على الفكين أيضا.

3- أفكر كثيرا بمرضي، وأخاف أن يستمر معي للأبد، أو أني إذا تركت الأدوية سيعود الوضع كما في السابق.

سؤال مهم: هل تغيير الأدوية كما ذكرت من زولفت إلى سيبرالكس إلى إيفكسر يؤثر على العلاج سلبا أو على الدماغ؟

في النهاية أشكرك يا دكتور جزيل الشكر، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك –أخي الكريم– على التواصل مع إسلام ويب.

الذي ينتابك –كما تفضلت– وساوس ونوبات هلع وخوف، وأنت اعتمدتَّ على العلاج الدوائي كثيرًا، الدواء لا بأس به، لكن لابد أن يُدعم بآليات سلوكية مختلفة، وأنت قابلتَ الطبيب، والحمد لله تعالى الأردن بها الكثير من الأطباء المتميزين.

عقار (إفكسر) من الأدوية الجيدة والممتازة، لكن الجرعة الفعالة هي مائة وخمسين مليجرامًا في اليوم تقريبًا، وتُبنى تدريجيًا، وحين يتم الشفاء إن شاء الله تعالى يتم أيضًا التوقف تدريجيًا عن هذا الدواء.

الـ (Carbamazepine) ليس دواءً سيئًا، هو مثبت للمزاج، ولابد أن يكون الطبيب قد أعطاه لك كداعم، فتناوله حسب التعليمات، وأيضًا التوقف منه يجب أن يكون تدريجيًا.

الـ (ديناكسيت) يمكن أن يستعمل كدواء داعم، مثلاً حبة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله، خاصة إذا رفعت جرعة الإفكسر إلى مائة وخمسين مليجرامًا، فسيكون كافيًا جدًّا لأن يُحسِّن مزاجك ويُعالج المخاوف والتوترات والوساوس.

أيها الفاضل الكريم: بجانب الدواء أريدك أن تتبع منهج ونمط حياتي مُعيَّن، أهم شيء أن تمارس الرياضة، وألا تتناول وجبة العشاء متأخرًا، وأن تتجنب النوم النهاري، وأن تُقلل من شُرب الكافيين –أي الشاي والقهوة، أو البيبسي والكولا والشكولاتة– في فترة المساء، هذا قطعًا سوف يُقلل عندك الأحلام، بل يزيلها، وتعامل مع هذه الأحلام حسب ما ورد في السنة المطهرة، واحرص على أذكار النوم.

الشعور بالضغط الشديد على الرأس مثل الطوق: هذا ناتج من انقباضات عضلية، وهنا تأتي أهمية ممارسة الرياضة، وكذلك التمارين الاسترخائية حسب ما أوردناها في استشارة إسلام ويب والتي رقهما (2136015).

أيها الفاضل الكريم: لابد أن يكون هنالك تدعيم سلوكي مستمر، لأن الدعم السلوكي والتطبيق الصحيح لمتطلباته يمنع الانتكاسات بعد التوقف من الدواء، والأمور السلوكية المطلوبة بسيطة جدًّا: أهمها أن تمارس الرياضة، أن تنظم وقتك، أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، أن يكون لك نسيجًا اجتماعيًا ممتازًا، أن يكون غذاءك منضبطًا، وأن يكون لديك أهداف في الحياة تسعى لتحقيقها، وأولاً وأخيرًا: أن تحرص على أمور دينك، خاصة الصلاة في وقتها مع الجماعة، هذه كلها تبعث على الطمأنينة وعلى راحة النفس، وعلى إزالة الاكتئاب والقلق والمخاوف والوساوس والتوتر.

فإذًا دعِّم نفسك سلوكيًا؛ لأن ذلك سوف يساعدك تمامًا حين تتوقف عن تناول الدواء.

لا أرى حقيقة أن تغيير الأدوية قد أثَّر سلبًا على الدماغ بدرجة مزعجة، نعم نستطيع أن نقول أن الثبات على علاج واحد بالجرعة الصحيحة دائمًا أفضل، لكن هذه الأدوية متقاربة جدًّا، فالتغيرات ما بينها لا أعتقد أنها ذات أثرٍ سلبيٍ على الدماغ، لكن (قد تؤدي) من المقصود منها –وهو التحسُّن–، لأن الدواء يجب أن يُعطى الفرصة الكاملة لأن يتم بناءه كيميائيًا ليؤدي فعاليته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً