الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس غريبة تشعرني بدوخة وإغماء، كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يعطيكم العافية على جهودكم المبذولة، وجزاكم الله خير الجزاء.

أنا شاب عمري 24 سنة، بدأت حالتي قبل -تقريبا- شهرين ونصف بالتغير 180 درجة، عندما كنت في مطعم مع أصدقائي، حيث أصابتني نوبة هلع شديدة لا أعرف سببها، فذهبت إلى الطوارىء، وكنت مسافرا مع الأصدقاء، كانت حالة أشبه بالإغماء، وهبوط شديد بالضغط، وضباب في الرؤية، لا أستطيع رؤية من أمامي بتاتا.

تم إجراء الفحوصات المطلوبة من تخطيط قلب، وضغط ودم ونظر، كانت كلها سليمة، وخرجت من المستشفى وما زال القلق ردي، لدرجة أنني رجعت للسكن ونمت، ثم استيقظت في اليوم الثاني ولم أخرج من البيت، وعندما خرجت كأنني في حلم عندما أنظر للناس، حتى رجعت للبيت، ولم أستطع الخروج حتى سافرت لمدينتي.

كنت أخاف أن تأتيني النوبة وأنا في الطائرة، ولخوفي الزائد أتتني بقوة 3 ساعات، وكنت أصارعها بشدة، وعند رجوعي للبيت أصابني الخوف، لم أستطع الخروج من البيت لمدة أسبوعين، ثم تحسنت، وبعدها بدأت تأتيني وساوس لا تتوقف، بدايتها بالموت، وعن الإسلام، وكنت أتجاهلها حتى اختفت.

بعدها تأتيني أفكار وسواسية غريبة، لدرجة أنني أصبحت أعرف الفكرة الوسواسية من الفكرة العادية، فالفكرة الوسواسية إذا أتتني، فإنها تأتي معها نغزة في القلب، مع ضغط في الرأس، بالإضافة أنني أستغرب من الناس، ومن ذاتي، وأشعر بكهرباء في الرأس عند التعمق بالفكرة، ودوخة، وإحساس بالخوف والإغماء.

لم أذهب لدكتور نفسي، وأنا مستمر في الدعاء والأذكار، فهل يمكن العلاج بالتجاهل وممارسة الحياة بشكل عادي؟ أم لابد من العلاجات الكيميائية؟ فمنذ أسبوع اشتريت دواء عشبيا اسمه حشيشة القلب، وأتناول حبتين في اليوم، والنتيجة بسيطة جدا، وأمارس تمارين الاسترخاء بعض الأوقات، ورياضة المشي.

أفيدوني برأيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أرحب بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية.

وصفك دقيق جدًّا لحالتك، وبالفعل الذي حدث لك هو نوبة هلع أو فزع شديدة، وبعد ذلك أعقبها هذا الشعور بالاستغراب والمخاوف والوساوس والقلق التوقعي، وبعض التغيرات الجسدية التي هي في الأصل نفسوجسدية وليست عضوية.

حالتك -أخي الكريم- من حيث الوصف تعتبر مثالية لنوبات الهلع، مع ما يعقبها من مخاوف ووساوس.

منهجك العلاجي منهج صحيح، وهو منهج التجاهل التامُّ، وأن تُرسل رسائل إيجابية لنفسك، أن هذه الحالة بالرغم من أنها مزعجة لكنها ليست خطيرة وسوف تنتهي، وأن تصرف انتباهك تمامًا عن هذه النوبات من خلال: أن تحسن إدارة وقتك، وأن تشغل نفسك بما هو مفيد، بمعنى آخر: أن تتجنب الفراغ الزمني والذهني، أن تمارس الرياضة، التمارين الاسترخائية، الدعاء، الذكر، تلاوة القرآن، وتكثيف التواصل الاجتماعي -خاصة فيما يتعلق بصلة الأرحام والأنشطة الأسرية- ومشاركة الناس في مناسباتهم، وتلبية دعواتهم.

أخي: هذه أُسس علاجية رئيسية، لكن في ذات الوقت العلاج الدوائي -أخي الكريم- مهمّ ومُريح، وهو يُكملُ تمامًا الرزمة العلاجية الاجتماعية السيكولوجية النفسية التي وصفناها سابقًا.

عُشبة القلب -أخي الكريم- لا بأس بها، لكنها لا أعتبرها عقارًا تخصُّصيًا لعلاج هذ الحالة، وأنا أطمئنك حول سلامة الأدوية إذا استُعملتْ بإرشاد وبرشد، وبالجرعة المطلوبة وللمدة المطلوبة، وكان التشخيص صحيحًا، وكان الالتزام بتناولها بانتظام أيضًا مكتملة.

فيا -أخي الكريم-: ذهابك إلى طبيب نفسي ربما يُطمئنك تمامًا ويُقنعك بتناول الدواء، أنا لا أريدك أن تدخل في صراعات نفسية شديدة حول هذا الموضوع، وأعرفُ أنك -أخي الكريم- تثق في استشارات الشبكة الإسلامية، والذي يهمَّنا فعلاً أن نقضي تمامًا على هذه الحالة، فتوكل على الله، واذهب إلى الطبيب النفسي، وأنت تحتاج لدواء واحد فقط، وهو (سبرالكس) -والذي يُعرف علميًا باسم استالوبرام- دواء رائع ومميَّز وفاعل جدًّا، ويمكن أن يكون البديل له عقار (زولفت)، -والذي يُسمَّى علميًا سيرترالين-، ومدة العلاج أتصور أنها في حدود ثلاثة إلى ستة أشهر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً