الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحونني بالدوجماتيل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا محمد، عمري 20 سنة، كنت أتبع نظاما غذائيا قاسيا خلال شهر رمضان، وبعد عيد الفطر كنت أمارس الرياضة في غرفتي وأهلكت جسدي، وقلبي كاد يتوقف، حدث لي هبوط حاد في الدورة الدموية، وكدت أموت، ومنذ ذلك اليوم حياتي انقلبت تماما، الطبيب أسعفني وكنت مصابا بالصداع الشديد بعدها، والدوخة، ولم تفارقني إلى الآن.

قمت بعمل كل الفحوصات من هيموجلوبين إلى رسم قلب، وذهبت لطبيب عيون وأنف وأذن، ومخ وأعصاب، وباطنة، أخبرني الأطباء أني بخير، فلجأت للشيوخ وأخبروني أني أعاني من المس، وقام أحدهم بعلاجي بالقرآن ولكني لم أشعر براحة يوما واحدا، ومنذ شهرين أصابتني حالة هلع واختناق، وشعرت أني سأموت، ومنذ هذا الوقت أصبحت أخاف جدا من الموت، الحمد لله أنا أصلي الفروض الخمسة وأقرأ القرآن ومؤمن بقضاء الله وقدره، ولكن منذ ذلك الوقت لم أشفَ.

أصبحت كسولا ومرهقا جدا، وأنام أكثر من 12 ساعة، ولا أستطيع التركيز، وأشعر بصداع وثقل بالرأس، ودوخة وألم في الرقبة، وتخدير في القدمين، وأشعر أني غير موجود, لدرجة أني أخبر نفسي بأني موجود، وأقول لنفسي كان من المفترض أن أموت، لذلك سأموت قريبا، وأشعر بسرعة في ضربات القلب، وأصبحت قليل الكلام، وعندما أخرج مع أصدقائي أنسى قليلا، ويكون لدي صداع دائم، والحياة أصبحت سوداء، وأنا غير قادر علي فعل أي شيء، غير انتظار وقت النوم.

نصحني أحد الأطباء بالدوجماتيل، ارتحت قليلا لكني قرأت أعراضه فتخوفت وتوقفت عنه، ومن خلال قراءتي للاستشارات لحالات القلق والخوف والاكتئاب البسيط، قمت بشراء cipralex 10 mg بسبب وصفكم لمن يعانون مثل حالتي، فأرجوكم ما الجرعات المناسبة حتى لا أدمنه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قبل أن نتحدث عن الدواء، أقول لك: حالتك بسيطة إن شاء الله تعالى، هذا النظام الغذائي القاسي الذي دخلت فيه بالفعل كان له تبعات سلبية، وهي الإنهاك الجسدي وكذلك النفسي، وهذا أدى إلى حالة الإعياء التي عانيت منها ومن ثم ظهرت لديك أعراض القلق والمخاوف ونوبات الهرع، الذي أراه أنه في الأصل ربما يكون لك قابلية واستعداد لهذه النوبات، وبعد أن دخلت في النظام الغذائي الذي تحدثت عنه بدأت هذه الأعراض تظهر على السطح.

أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تعالج نفسك بنفسك، أولاً: أعرف أن الذي بك ليس خطيراً، والنوم الثقيل والطويل هذا مرفوض تماماً، أنت شاب ولديك طاقات يجب أن تستغلها ولا تطاوع نفسك في الكسل، ولذا دائماً نحن نستعيذ بالله من الكسل، وقل اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر.. لا إله إلا أنت، فالتكاسل ليس أمراً جيداً، والإنسان لا يرفع من همته سوى نفسه، فلا أحد يغيره، أنصحك بأن تعتمد على النوم الليلي المبكر وتتجنب النوم النهاري تماماً، وحين تنام ليلاً مبكراً سوف تحدث عملية ترميم كامل على مستوى الدماغ، وتستقيظ مبكراً وتصلي، واعرف أن البكور بركة، وأتضح الآن من خلال العلم الحديث حتى عند الغربيين أن الصباح هو أجمل الأوقات، وأن الجسم يفرز كميائيات إيجابية جداً تزيد من النشاط والتركيز والمقدرات، هذه النصيحة الغالية التي أوجهها لك فأرجو أن تلتزم بذلك.

عليك بالرياضة، الرياضة أيضاً تقوي النفوس كما تقوي الإجسام، فيجب أن تجعل لنفسك نصيباً متواصلاً فيها.

النقطة الثالثة: هي الحرص على التواصل الاجتماعي على مستوى الأسرة، على مستوى الأصدقاء، أن تكون شخصا ذا همة في إجابة الدعوات، أن تزور المرضى، أن تذهب وتمشي في الجنائز، أن تحضر الأعراس، أن تذهب إلى المتنزهات، هذا مهم جداً وعلاج أساسي، سوف يصرف انتباهك تماماً عن الأعراض التي تعاني منها، وقد أكد لك الأطباء أنك بخير.

موضوع الصداع قد يكون الصداع قلقياً، وهنالك أشياء بسيطة جداً لو طبقتها سوف تستفيد، احرص على وضعية النوم، وحين أقول لك احرص على وضعية النوم لا أريدك أن تنام على وسائد أو مخدات مرتفعة، نمْ على وسادة خفيفة وعلى شقك الأيمن، هذا يؤدي إلى استرخاء كامل في عضلات فروة الرأس، وكذلك في عضلات الرقبة، مما يساعد -إن شاء الله تعالى- في إزالة هذا الصداع، وقطعاً النوم الليلي المبكر سوف يساعدك في ذلك تماماً.

اجعل لنفسك خارطة مستقبلية ما الذي تود أن تقوم به، مثلك مثل أي شاب لابد أن يكون عندك طموحات على المستوى التعليمي، الأكاديمي، العمل، الزواج، كل هذا يجب أن تسعى له وتضع الآليات التي توصلك إلى مبتغاك.

أيها الفاضل الكريم: بر الوالدين مهم جداً وهو يسعد النفوس، والحرص على الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتلاوة القرآن، والدعاء فيه خير كثير جداً، كل من يخاف من الموت عليه بالأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، تبعث في النفس طمأنينة عظيمة جداً.

بالنسبة للسبرالكس: لا مانع من تناوله، لكنني لا أريدك أن تجعله خط علاجك الأول، نعم يساعد، لكن أرجو أن تعتمد على الآليات الأخرى التي ذكرتها لك، ابدأ بنصف حبة 5 مليجرام لمدة 10 أيام بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يومياً 10 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر ثم اجعلها 5 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين ثم 5 مليجرام أي نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله، الدواء قطعاً غير إدماني، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة، ومدة العلاج أيضاً قصيرة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً