الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يعاني من حالة اكتئاب وانطواء ويكلم نفسه.. فما تشخيصه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استشارتي بخصوص أخي:
فهو يبلغ من العمر 25 عاما، شخصيته ضعيفة، وانطوائي، منذ عامين بدأت ألاحظ عليه أنه يخاف من غرفة نومه، ولا يدخلها إلا ومعه أحد، وكذلك سلالم العمارة، ولاحظت أيضا أنه يستعيذ كثيرا جدا خصوصا قبل النوم، وأثناء الصلاة يظل يستعيذ، وأحيانا في منتصف سورة الفاتحة يستعيذ، حتى أنه أحيانا في السجود يستعيذ بدلا من قول: "سبحان ربي الأعلى"، وعندما يستعيذ يقولها ببطء شديد، وكأنه يؤكد عليها، ووصل الأمر أني سمعته يحدث نفسه ويقول: "لست أنا بغبي "، وأيضا في مره سمعته يقول: " أنا لا أريد أن أسمع كلاما بذيئا"، لا أعلم إن كان هذا الكلام عنه أم والعياذ بالله عن الرسول أو الله سبحانه وتعالى، ولكني أشك في الأمر الثاني.

ذهب إلى طبيب نفسي، فقال بأن عنده حالة اكتئاب؛ لأنه ما زال في الجامعة، وأن أصدقاءه وأقاربه انتهوا من هذه المرحلة، وأعطاه دواء "prozac"، بعد الاستمرار عليه مدة بدأ يتحسن، فأصبح يدخل وينام في غرفته وحيدا، وأيضا ينزل سلالم العمارة وحيدا، لكنه ما زال يستعيذ ويكرر الجمل على نفسه كما ذكرت سابقا، وأيضا عند ذكر أي شيء عن العفاريت أو أفلام الرعب، فأحس أنه خائف، فهل هذا مرض نفسي؟ وهذا العلاج سيأتي بنتيجة؟ وما هي الفترة؟ أم أنه مصاب بمس؟ وما الذي يجب علينا فعله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاكم الله خيرًا على الثقة في إسلام ويب وعلى اهتمامكم بأمر هذا الشاب الذي أسأل الله له العافية.

لقد أحسنتم بالذهاب به إلى الطبيب النفسي، والأعراض التي تحدثتم عنها -كما ذكر الطبيب- هنالك مؤشرات تُشير أنه يوجد اكتئاب نفسيّ، لكن أعتقد أنه لديه أيضًا وساوس، لديه وساوس قهرية، وربما يكون لديه نوع من الشكوك الظنانية، وربما أنه يسمع أصواتًا أيضًا، وقوله: (لست أنا بغبي، لا أريد أن أسمع كلامًا بذيئا) ربما يكون استجابة لهلاوس سمعية.

هذا الشاب يمكن أن يُساعد ويُساعد بصورة ممتازة جدًّا من خلال مواصلة العلاج مع الطبيب النفسي، أرى أن جرعة البروزاك تحتاج أن تُرفع وتكون أربعين مليجرامًا، ويُضاف إليها جرعة صغيرة من عقار يُعرف باسم (رزربريادون)، يمكن أن تكون البداية واحد مليجرام، وبعد شهرٍ تُصبح اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تُخفض إلى واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر مثلاً، ثم يتم التوقف عن تناوله، أما البروزاك فيحتاج تناوله لفترة أطول، وبعد أن تستقر حالته تمامًا يمكن أن تُخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة يوميًا.

المتابعة مع الطبيب ستكون مفيدة جدًّا لهذا الشاب، وأنا أودّ أن أنبِّه أن الحرص على تناول الأدوية في مواعيدها المقررة من قِبل الطبيب، وعدم تأخير الجرعات والالتزام بها هو الأمر المهم الضروري لأن يحصل الشفاء إن شاء الله تعالى، فأرجو أن يكون هنالك حرص في هذا السياق.

الأمر الآخر: هذا الشاب يحتاج أن نشجِّعه، أن نعطيه ثقةً أكثر في نفسه، وذلك من خلال أن نُعطيه بعض المهام، يجب أن نهمِّشه أو نُقلِّل من شأنه. كثيرًا ما يحدث في أُسرنا إذا كان هنالك شخصًا مريضًا أو صاحب علَّةٍ نحاول - وشفقةً عليه - ألَّا نعطيه أي مهام، وهذا أمر خطأ، الإنسان يحسّ بالاعتبار الداخلي له من خلال المهام الأسرية، فأرجو أن يكون عضوًا فاعلاً ومُشاركًا في الأسرة.

نساعده أيضًا بالتواصل الاجتماعي، أن يُصلي مع الجماعة في المسجد، إذا كان لديه مجموعة من المعارف أو الأصدقاء يُمارس معهم رياضة جماعية مثلاً ككرة القدم، يخرج للترفيه عن نفسه مع الصالحين من الشباب، وهكذا. هذه نسميها بالعلاجات التأهيلية، وهي لا تقلُّ أبدًا عن العلاجات الدوائية من حيث أهميتها، في أن تقود للشفاء وللتعافي بإذن الله تعالى.

تنظيم الوقت أيضًا سوف يُساعده على تحسين تحصيله العلمي، إذا نام مبكّرًا ليلاً، واستيقظ مبكرًا، وصلَّى الفجر، إذا درس ساعة أو ساعتين بعد صلاة الفجر هذا يكفيه تمامًا، لأن تركيز الإنسان يكون في أحسن حالاته في فترة الصباح، لأن البكور فيه بركة كثيرة، كما أفاد الرسول صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها).

طريقة أداء الصلاة لدى هذا الشاب وكذلك موضوع الاستعاذة: هذا لا بد أن نوجِّهه إلى ما هو صحيح، دعوه يقرأ عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويا حبذا أيضًا إذا جالس إمام المسجد وتعلَّم منه، بالتدريج وبلغة مبسطة وجميلة ومحبَّبة يجب أن نُصحِّح مفاهيمه.

أنا أعتقد أن المرض هو الذي جعله يتصرف التصرفات التي وردتْ في هذه الرسالة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد، وأسأل الله له العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً