الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منح مديرة المدرسة مكافأة لمدرسة وحرمان المدرسات الأخريات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل في مدرسة بنات، ومديرة المدرسة -والحمد لله- عادلة بين كل الموظفات والمدرسات، ولكن قامت المديرة -وهذا مرة واحدة فقط- بمكافأة مدرسة عن باقي المدرسات مما أثار الفتنة بين المدرسات وقاموا يقولون قيل وقال، وأصبحوا يعاملون المدرسة بجفاء اعتقاداً منهم أنها ذهبت للمديرة من ورائهم وأخبرتهم أنها تستحق علاوة ولم تضمن أسماء زميلاتها معهن لتستحوذ عليها بنفسها، وهذه المدرسة لم يكن في نيتها ذلك أبداً؛ فهل للمدرسة الحق أن تقبل بالمكافأة أم ترفضها منعاً للإحراج؟ وهل عليها ذنب؟ وهل للمدرسات حق في الاعتراض والمجافاة.
وليس هذا فقط، بل ذهبت مجموعة منهن للاستفسار حول الموضوع ممن هو فوق المديرة؛ أرجو الإجابة؟!
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع.ط حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنحن نتمنى أن تفرح المدرسات إذا نالت زميلتهن المكافآت؛ وذلك لأن المؤمنة تفرح إذا وجدت نعم الله تنزل على أختها، ولا مانع من أن تسأل الله من فضله، وبذلك تنتصر على مشاعر الحسد وتفوز برضوان الله؛ لأنها رضت بقضائه وقدره وقسمته بين عباده، وبذلك تنال الأجر والثواب وتسير على هدي رسولنا ومنهج الأصحاب الذين كان قائلهم يقول: (والله إني لأفرح بالغيث ينزل على القوم دون أن تكون عندي سارحة، وأفرح للحاكم العدل دون أن ينالني من عدله)، وهكذا فعل نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام عندما وجد النعم تنزل على مريم ((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[آل عمران:37] ولم يقل وحاشاه: لماذا؟ هي لا تستحق بل توجه إلى واهب النعم (((هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ))[آل عمران:38] فجاءته الإجابة على وجه السرعة ((فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ))[آل عمران:39].
والأخت المدرسة التي كوفئت ليس عليها ذنب ونفضل أن تنصح للمديرة وتبيني لها أن هناك من هو أحق منها أن كان الواقع كذلك، وعلى أخواتها أن يفرحن لها ويطالبن بحقوقهن في أدب ولطف واحترام بعد أن تؤدي كل واحدة ما عليها من واجبات، ونحن في الحقيقة لم نتربى على تقديم الواجبات، فالصواب يقول الإنسان: ماذا علي أن أفعل قبل أن يقول ماذا لي، كما أن حرمان الإنسان من بعض حقوقه لا يبيح له التقصير في شيء من واجباته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: (إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) ووجههم فقال: (تؤدون الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم) علماً بأن الممنوع ليس هو تمني مثِل النعمة، ولكن الحسد المحرم هو تمني زوال النعمة سواء ذهبت للحاسدة أو لم تذهب إليها، وأرجو أن تسلم صدور الأخوات من مظاهر الحسد والحقد، كما أرجو أن تحرص كل أخت يأتيها خير على كتمانه ما استطاعت، مع ضرورة أن تتفضل على أخواتها بالهدايا والصدقات، فإن الهدية تشمل السخيمة، وفي الزكوات والصدقات طهارة للنفوس الأغنياء والفقراء.

والمديرة بشر تخطئ وتصيب، ولا يعلم ما في النفوس إلا الملك القدوس، والمرء يعطي على قدر نيته، وقد أفلح من زكى نفسه وطهرها، وكم هي سعيدة من تتمكن من العدل والإنصاف.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، وأرجو أن تتذكرن أنكن مربيات وقدوات، ولا يخفى على أمثالكن أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقي كافر منها جرعة ماء، فلا تجعلن الدنيا مكاناً للتنازع والتنافس، فإن حب الدنيا يعمي ويصم، واشغلن أنفسكن بالطاعات، واعلمن أن الإنسان قد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، وأكثرن من الاستغفار فإنه مفتاح للرزق، وقد أفلح من رزق كفافاً وقنعه الله بما أعطاه، وأرجو أن أتوجه لك بالشكر، ومن أمثالك تنتظر التوجه لأخواته، ومرحباً بك.

ونسأل الله لكن الهداية والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً