الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤجر المرء على الغمّ بسبب التفريط في الأخذ بالأسباب؟

السؤال

هل يؤجر المؤمن على ما يلحقه من هم وغم بسبب تقصيره في الأخذ بالأسباب؟ وهل عقبى التقصير في الأخذ بالأسباب خير للمؤمن إن صبر ورضي؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 44824 مراتب وأحكام الأخذ بالأسباب، وأن منها ما الأخذ به واجب، ومنها ما ليس بواجب.

ولا شك أن الغم قد يكون نتيجة تفريط في سبب واجب، كما وقع للصحابة لما خالف الرماةُ أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، ونزلوا من الجبل، فتركوا سببًا رئيسًا من أسباب النصر، وكانت العقوبةُ الغمَّ الذي ذكره الله تعالى في قوله: فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ {آل عمران:153}، قال ابن جرير الطبري: قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: فأثابكم غما بغم، يعني: فجازاكم بفراركم عن نبيكم، وفشلكم عن عدوكم، ومعصيتكم ربكم، غما بغم، يقول: غماً على غم، وسمى العقوبة التي عاقبهم بها، من تسليط عدوهم عليهم حتى نال منهم، ما نال ثواباً؛ إذ كان عوضاً من عملهم الذي سخطه، ولم يرضه منهم. اهـــ.

وقال القرطبي: قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا: الْغَمُّ الْأَوَّلُ الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ، وَالْغَمُّ الثَّانِي الْإِرْجَافُ بِقَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ صَاحَ بِهِ الشَّيْطَانُ. وَقِيلَ: الْغَمُّ الْأَوَّلُ مَا فَاتَهُمْ مِنَ الظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ، وَالثَّانِي مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْهَزِيمَةِ .. اهــ.

وكون الغم قد يقع بسبب التفريط في الأخذ بالأسباب، هذا لا يمنع أن يكون كفارة للمسلم ويؤجر عليه، إن صبر؛ وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ. رواه البخاري ومسلم.

ويؤجر المسلم إن صَبَرَ، أو رضي بما أصابه مما قدره اللهُ عليه من الهم، والغم، والمرض، وغير ذلك.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني