الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظهور المغنيات وانتظار الفتن

ظهور المغنيات وانتظار الفتن

ظهور المغنيات وانتظار الفتن

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه
أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- جعل القلب قائداً للبدن، ولما كان القلب للبدن كالملك، والأعضاء جنود تأتمر بأمره، كانت المحافظة على القلب في غاية الأهمية؛ لأن هذا القلب إذا صار سليماً نقياً معموراً بذكر الله استقامت حال الإنسان، وإذا صار القلب مدنساً ملطخاً فيه نكتةٌ سوداء جرّاء المعصية تتبعها نكتةٌ أخرى حتى يصبح أسود مقلوباً منكوساً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً. وحتى يكون القلب مطمئناً فلا بد من المحافظة عليه، ومراقبة ما يدخل إليه.

وأعظم طريقٍ للقلب هو السمع، والقلوب والسرائر خزائن، ولا منفذ للقلوب إلا من دهليز السماع، والسماع للقلب محكٌّ صادق، ومعيارٌ ناطق، وقد قال -تعالى-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (قّ:37).
وهذا السمع عظيم، وخطره جسيم، وأول ما ينبغي أن يطرق سمع المولود ذكر الله -تعالى-، {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} (النحل:78)، قدّم السمع على البصر.
وكذلك في قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الاسراء:36)، وفي قوله: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً} (الأحقاف:26)، وفي قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (المؤمنون:78). وكان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: "سجد وجهي لمن خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" (رواه مسلم).
وقد قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (لقمان:6)، فذكر -تعالى- الذين يهتدون بكتابه، وعطف بعد ذلك بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلامه، وأقبلوا على سماع ما يضرّ. قال ابن كثيرٍ -رحمه الله- في تفسير الآية: "عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب".

وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير لهْو الحديث: (هو الباطل والغناء)، وقد سُئل ابن مسعود -رضي الله عنه- عن الآية فقال: (الغناء والله الذي لا إله إلا هو). يعني هو لهو الحديث المذكور في الآية. ردّدها ثلاث مرات.
وكذلك قال العلماء في قوله -تعالى-: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (الإسراء:64). فما هو صوت الشيطان؟ قال العلماء: اللهو والغناء. هذا عن مجاهد وغيره من أهل العلم.
وقال -تعالى- موبّخاً للكفرة: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (النجم:59-61). قال عكرمة عن ابن عباس: "السُّمود لغةٌ يمانية يعني الغناء، يقال: اسمدي لنا، أي غني لنا".
فهذا الغناء إذاً هو صوت الشيطان، وهو الغناء الذي انشغل به الكفّار وعكفوا عليه: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}(لنجم:61). وهو لهو الحديث الذي يُضل عن سبيل الله.

وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن وعيد قومٍ فقال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب علمٍ يروح عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم -يعني الفقير لحاجة- فيقولون: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة".
فهذه المعازف جمع معزفة وهي الآلة التي يُعزف بها، وقد دل الحديث على تحريم المعازف من وجهين :
أولهما: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "يستحلونه"، فإنه صريحٌ بأن المذكورات -ومنها المعازف- محرمةٌ في الشرع.
وثانيهما: أنه قرن المعازف بما حُرمته معلومة بالضرورة، وهو الزنا والخمر. ولو لم تكن المعازف محرمة لما قرنها بهذه المحرمات. أخبرنا عن قومٍ يستحلون الحِرَ: يعني الفرج، وهو الزنا. والحرير: للرجال هو محرم. والمعازف: آلات الملاهي، أصوات الملاهي والمعازف. هؤلاء سينزل منهم أقوامٌ إلى جنب علم، قيل: الجبل العالي، وقيل البناء العالي. يروح عليهم: أي الراعي، بسارحةٍ: يعني من غنمٍ ونحوه، فيأيتهم الفقير يقولون: تعال غداً. فماذا يحدث في الليل؟ يبيتهم الله: يهلكهم ليلاً، والتبييت هو هجوم العدو بالليل. ويضع العلم: أي يوقع عليهم البناء، أو يوقع عليهم الجبل، فيدكدكه فوقهم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير؛ فمن لم يهلك بهذا الهدم فوق رأسه مُسخَ قرداً أو خنزيراً. فهذا يدلّ على خطورة الاستماع إلى المعازف واستحلالها واعتقاد حلها وهي حرام.
وقد أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضعه بحجره فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي؟ أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة -وهو النياحة- خمش وجوهٍ وشق جيوبٍ، ورنة شيطان" رواه الترمذي وهو حديثٌ حسن. فسمّى الغناء رنّة الشيطان وسماه صوتاً أحمق.
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمارٌ عند نعمة، ورنةٌ عند مصيبة" رواه البزار، وهو حديثٌ حسن. وهذا يدل على أن صوت المزمار وهو من آلات العزف محرم.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة". فهذا يدل بلا شكٍ على حرمته.

وعن عبد الله بن عمروٍ -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخمر والميسر والكوبة والغُبيْراء وقال: "كل مسكرٍ حرام". قال سفيان -الراوي- لشيخه: ما الكوبة؟ قال: الطبل. فإذاً؛ نهى عن الخمر والميسر والطبل والغبيراء وقال: "كل مسكرٍ حرام". رواه أبو داود وأحمد، وهو حديثٌ صحيح. وفي عون المعبود: الكوبة تُفَسَّر: بالطبل. والغبيراء: نوع من الشراب من الذرة مثل الخمر لا فرق بينه وبينها في التحريم.
وعن عِمرانَ بن حصين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ". خسف بالأرض. مسخ: من الهيئة البشرية إلى شكل القرد والخنزير. وقذفٌ: بشيءٍ من السماء كالحجارة. يُقذفون، ويُخسف بهم ويمسخون، قال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: "إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور" رواه الترمذي وهو حديثٌ صحيح. القينات يعني المغنيات. المعازف: الآلات الموسيقية.
لقد ظهرت القينات والمغنيات والمعازف في عصرنا بهذه القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت والأسطوانات الموزعة في كل حدبٍ وصوب وموجات الإذاعات، ظهرت ظهورا لم تظهر في العالم بمثله من قبل، لا يوجد أي وقت من الأوقات في العالم سابقاً ظهرت القينات والمغنيات والمعازف مثل الظهور الذي يحصل الآن؛ ولذلك بقي نزول العذاب: خسفٌ، ومسخٌ، وقذفٌ، فهو حديثٌ صحيح رواه الترمذي، وهذا وحيٌ، فلا بد أن تسمع يوماً أو يسمع من بعدك -يا عبد الله- بخسفٍ ومسخٍ وقذفٍ؛ لأن القينات والمعازف قد ظهرت فاستُجلب سبب العذاب بهذا الظهور والإعلان على الملأ.

وجاء عن عائشة -رضي الله عنه- أن بنات أخيها خُفِضنَ: يعني خُتِنَّ. فألِمنَ. أصابهن الألم نتيجة الختان، والختان مستحبٌ للمرأة وليس بواجب، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين، ألا ندعو لهن من يلهيهن؟ قالت: بلى، فأرسلوا إلى فلان، أحد المنشدين، فأتاهم، ليس معه معازف، يغني بصوته فقط. فمرّت به عائشة -رضي الله عنها- في البيت فرأته يتغنّى ويحرك رأسه طرباً، وكان ذا شعرٍ كثير، رأته يتغنّى ويحرّك رأسه طرباً كما يفعل بعض المنشدين الآن في مهرجانات الأناشيد التي يسمونها إسلامية والإسلام بريء منها ومنهم، يتغنّى ويحرك رأسه طرباً، هذا ما معه معازف، هذا يحرّك رأسه طرباً، القضية فيها طرب، فيها طرب ونشوة، وكان ذا شعرٍ كثير،فرأته عائشة يتغنى ويحرك رأسه طرباً، وكان ذا شعرٍ كثير. فقالت عائشة -رضي الله عنها-: "أف! شيطان! أخرجوه! أخرجوه!"؛ فأخرجوه.

وجاء عن عبد الله بن مسعودٍ أنه قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" صحيحٌ موقوفاً.

وقال شيخ الإسلام: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام، ولم يذكر أحدٌ من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعاً، طبل عود كمنجة قانون أورج، الذي هو، كل أنواع المعازف محرمة.

قال - رحمه الله -: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حمّيا الكؤوس". يعني الخمر. وقال -رحمه الله- عمن يكثر من سماع الغناء ويعتاده: "ولذلك… من اعتاده واغتذى به، لا يحنُّ إلى سماع القرآن، ولا يفرح به، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوبٍ لاهية، وألسنٍ لاغية، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات، وسكنت الحركات، وأصغت القلوب".
ولذلك قال العلماء عن الغناء: رُقية الزنا، وشَرَك الشيطان، وخمرة العقول، يصد عن القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل، لشدّة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه.
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي -رحمه الله-: "أما مالك فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جاريةً فوجدها مغنيةً كان له أن يردّها بالعيب". وسُئِل مالك -رحمه الله- عمّن يرخص الغناء فقال: "إنما يفعله عندنا الفساق".
أما أبو حنيفة فيجعله من الذنوب. وأهل الكوفة كسفيان وحماد والشعبي لا اختلاف بينهم، وكذلك أهل البصرة من الفقهاء على المنع منه. الغناء بدون معازف، الغناء بدون معازف يقول الشافعي: "يشبه الباطل، ومن استكثر منه فهو سفيه تُردُّ شهادته"، وصرّح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه. وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن الغناء فقال: -هذا غناء بدون معازف، بدون معازف- قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني". ثم ذكر قول مالك: "إنما يفعله عندنا الفساق". فإذاً؛ الغناء بحد ذاته، الغناء بحد ذاته بدون مؤثرات صوتية وبدون معازف، الغناء بحد ذاته مكروهٌ عند بعض العلماء، محرمٌ عند آخرين؛ فإذا صار بالمعازف أو ما يشابهها من الآلات الصوتية والآلات الحديثة والتامبلر وغير ذلك فهو حرام قطعاً، فإذا صار بصوت المرأة الأجنبية البالغة فهو حرامٌ أشد تحريماً.
والآن القنوات بأصوات النساء مع المعازف بجميع وسائل تنقية الصوت والمؤثرات صباح مساء على آذان العباد تصب فوق رؤوسهم الحميم.
وذكر ابن قدامة في المغني أن آلة اللهو كالطنبور والمزمار آلةٌ للمعصية بالإجماع، وقال ابن الصلاح -من فقهاء الشافعية-: "فليعلم أن الدفّ والشبّابة إذا اجتمعت فاجتماع ذلك حرامٌ عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين. ولم يثبت من أحدٍ ممن يُعتد بقوله من الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع".

وقوله: ممن يعتد بقوله: لأن هنالك أناسا لا يعتد بقولهم، وبعضهم ممن يدعي العلم في العصر الحديث يبيحونه. ولذلك قال لك ابن الصلاح: ممن يعتدّ بقوله. فإذاً هنالك من لا يعتد بأقوالهم يبيحونه.
ومنهم من يبيح الموسيقى الهادئة ومنهم من يبيح القليل من سماع المعازف، ومنهم ومنهم، وما أخطرهم وأكثرهم الذين يشرّعون بالتلاعب بالأدلة إباحة الغناء! يشرّعون ويؤلفون فيه ويريدون أن يكون هذا الأمر عادياً، حتى لا يشعر المسلم وهو يسمع أنه يعصي , فيقولون: هذا يعني مباح. أين هذا من حُداء أنجشة الذي كان يحدو بالإبل؟ أين هذا من إنشاد البنات الصغيرات بشعرٍ في الجاهلية عن يوم بُعاث في العيد؟ أين هذا من استثناء الدفّ المجرّد للنساء في الأعراس والأعياد؟ فالنصوص واضحة في استثناء الدفّ للنساء، الدف أصلاً محرم من المعازف، لكن استثناه الشرع وهو يعلم ما يصلُح للنفوس، والنساء تحديداً أباحه لهنّ في الأعراس والأعياد، وليس طيلة السنة، والدف المجرد، وغناء النساء البالغات لا يجوز أن يسمعه الرجال، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما سمع صوت البنات غير البالغات، الجاريات، جويريات، يضربن بالدف.
ولذلك لو وصل إليك صوت البنات الصغيرات يضربن بالدف في العيد أو في العرس غير البالغات فلا إثم عليك.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- وصل إليه ولم يتقصّد سماعه، ولم يذهب إليه ليجلس عنده، ولكن وصل إليه الصوت، ونهى أبا بكرٍ عن منعهنّ. بنات غير بالغات في العيد يضربن بالدف بأشعار مباحة، فهذا مباحٌ لهن. هذا الاستثناء الآن يريدون أن يجعلوه شرعةً ومنهاجاً.
عباد الله: انتشرت الموسيقى، وهذا منكر طبعاً، غير قضية الغناء الذي سبقت الإشارة إليه، في جميع الأجهزة والآلات تقريباً: جوالات، حواسيب، ساعات، سنترالات، مصاعد، ألعاب أطفال، أجراس البيوت، أدوات تعليمية. أما المحلات ففي الفنادق والمطاعم والطائرات وصالات الانتظار والحافلات. أما الوسائط التي تحويها من أشرطة وأسطوانات مدمجة وأجهزة "إم بي ثري وإم بي فور"، وتبثّ التلفزيونات والقنوات والإذاعات هذا الكلام يومياً ليلاً ونهارا.
ثم يأتي من أبناء المسلمين وبنات المسلمين من يدعمون قنوات الأغاني برسائل "الإس إم إس" ويرسلون لها بعشرة ريال وثمانية وسبعة، وبحسب الأرقام يكون الخصم سبعة آلاف، سبعة آلاف وتسعمائة، سبعة آلاف وثمانمائة، وهكذا يدعمون القنوات، قنوات الفسق والفجور التي تجمع بين الغناء المحرم والمعازف والنساء البالغات والمتعريات.
الآن الفيديو كليب مع الرجال في مشاهد يسمونها "حميمة" ويسمونه "حب". وهو وسيلة لممارسة الحب عندهم، وهو يعني الزّنا والفاحشة.

والأقمار الفضائية التي تبث بالعربي وبغير العربي أنواع القنوات ما أكثرها! عجب! إن نبينا لما قال: "إذا ظهرت"، فإنه وحيٌ يوحى، وربما لو أراد بعض الناس أن يتخيل في الماضي الظهور لتخيله في بعدٍ معين ومعنى معين بحسب ما يعيشه؛ لكن من عاش إلى زماننا قرأ معنى الظهور، في هذه القنوات، معنى الظهور بجميع أشكاله وأنواعه، هذا الظهور العجيب، وهذه القنوات بأسمائها من الطرب والمزّيكا والغنوة والأوتار والنغم ونحو ذلك. بجميع المشتقات، وبالعربية وبغير العربية.
أما على مستوى العالم فإن انتشار الغناء أمرٌ مذهل للغاية، في عام خمسة وألفين بلغت مبيعات الأغاني في الولايات المتحدة أربعة آلاف وسبعمائة وثلاثة وثمانين مليون دولار، أكثر من أربعة مليارات، قرابة خمس مليارات. وناهيك عما يكون في أوربا وأمريكا وغيرها ويتم استيراد هذه الأغاني وتحميلها من المواقع وتنزيلها من المواقع.
ودفع الناس في أكثر من عشرين دولة في استهلاك الموسيقى ألفا ومائتين وثلاثة بليون دولار على شكل "دي في دي" و"سي دي" وأشرطة كاسيت، وتم تحميل أكثر من عشرين مليون أغنية من موقع واحد.
وفي موقع آخر يوجد ربع مليون مشترك ليسمعوا ثمانية وعشرين مليون أغنية في شهر أكتوبر عام ستة وألفين، ويتوقّع أن تصل مبيعات الغناء إلى ثلاثمائة وثلاثة بليون على الإنترنت فقط.
وفي نوفمبر الماضي اشترى محبو الموسيقى سبعمائة وسبعة مليون أغنية من الإنترنت، وأربعة مليون قرص ليزري من أغنية واحدة. ومن المتوقع أن يكون ثلث مبيعات الموسيقى عن طريق الإنترنت.
وهكذا، إذاً صرنا في ظهور المعازف كما أخبر نبينا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-، فماذا نحن فاعلون لأنفسنا وأولادنا وللمجتمع عموماً؟.

إن القلب المملوء بالألحان، المملوء بالأغاني، كيف يتدبّر كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ كتاب الله ينهى عن اتباع الهوى، والأغاني أغلبها هوى، كتاب الله يأمر بالعفة وكثير من هذه الأغاني والمعازف تدعو إلى الفحشاء والحب والغرام، كتاب الله يحمل المكلّف على مقاومة داعي الهوى في نفسه، ويجنّبه الشهوات المؤدّية إلى النار، وهذه الأغاني والمعازف تدعو إلى فعل القبيح، ووصل كل مليحةٍ ومليح.
فهي والخمر رضيعا لبان، وفي تهييجهما على الفسق والعصيان فرسا رهان. ماذا يفعل الغناء في القلب؟ هلا نظرنا في الأثر؟ هل تجتمع الألحان مع القرآن؟

حب الكتاب وحب ألحان الغنا *** في قلب عبدٍ لا يجتمعان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا *** تقييده بشرائع الإيمان
واللهو خف عليهم لما رأوا *** ما فيه من طربٍ ومن ألحان
يا لذة الفساق لستِ كلذة الـ *** أبرار في عقلٍ ولا قرآن

اللهم إنا نسألك أن تحفظنا بحفظك من الحرام، وأن تنجّينا برحمتك من النيران، وأن تباعد بيننا وبين أسباب سخطك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*بتصرف يسير

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة