الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2757 حدثنا قتيبة وهناد قالا حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك والاستنشاق وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء قال زكريا قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال أبو عيسى انتقاص الماء الاستنجاء بالماء وفي الباب عن عمار بن ياسر وابن عمر وأبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن مصعب بن شيبة ) بن جبير بن شيبة بن عثمان العبدري المكي الحجبي ، لين الحديث من الخامسة ( عن طلق ) بسكون اللام ( بن حبيب ) العنزي بصري صدوق عابد ، رمي بالإرجاء من الثالثة .

                                                                                                          قوله : ( عشر من الفطرة ) فإن قلت : ما وجه التوفيق بين هذا وبين حديث أبي هريرة المتقدم بلفظ خمس من الفطرة ، قلت : قيل في وجه الجمع أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أعلم أولا بالخمس ثم أعلم بالزيادة ، وقيل الاختلاف في ذلك بحسب المقام فذكر في كل موضع اللائق بالمخاطبين ، وقيل ذكر الخمس لا ينافي الزائد لأن الأعداد لا مفهوم لها ( وإعفاء اللحية ) هو أن يوفر شعرها ولا يقص كالشوارب من عفا الشيء إذا كثر وزاد يقال : أعفيته وعفيته . كذا في النهاية . وفي حديث ابن عمر عند البخاري : " وفروا اللحى " ( والسواك ) قال أهل اللغة : السواك بكسر السين ، وهو يطلق على الفعل وعلى العود الذي يتسوك به وهو مذكر ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر والسواك فعلك بالمسواك ويقال ساك فمه يسوكه سوكا . فإن قلت أستاك لم تذكر الفم وجمع السواك سوك بضمتين ككتاب وكتب ، وذكر صاحب المحكم : أنه يجوز سؤك بالهمزة .

                                                                                                          قال النووي : ثم قيل إن السواك مأخوذ من ساك إذا دلك وقيل من جاءت الإبل تستاك أي تتمايل هزالا . وهو في اصطلاح العلماء استعمال عود أو نحوه في الأسنان ليذهب الصفرة أو غيرها عنها ( والاستنشاق ) قال في المجمع : استنشق أي أدخل الماء في أنفه بأن جذبه بريح أنفه واستنثر بمثناة فنون فمثلثة ، أي أخرجه منه بريحه بإعانة يده أو بغيرها بعد إخراج الأذى لما فيه من تنقية مجرى النفس . انتهى ، والمراد هنا الاستنشاق مع الاستنثار ، وقال فيه : الاستنشاق ، في حديث : عشرة من الفطرة ، يحتمل حمله على [ ص: 31 ] ما ورد في الشرع باستحبابه من الوضوء والاستيقاظ وعلى مطلقه وعلى حال الاحتياج باجتماع الأوساخ في الأنف ، وكذا السواك . يحتمل كل منها . انتهى ، ( وقص الأظفار ) أي تقليمها ( وغسل البراجم ) هي بفتح الباء الموحدة وبالجيم جمع برجمة بضم الباء والجيم ، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها وغسلها سنة مستقلة ليست بواجبة ، قال العلماء : ويلتحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وقعر الصماخ فيزيله بالمسح لأنه ربما أضرت كثرته بالسمع ، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من البدن بالعرق والغبار ونحوهما ( وانتقاص الماء ) بالقاف والصاد المهملة ، وقد ذكر الترمذي تفسيره بأنه الاستنجاء بالماء وكذلك فسره وكيع في رواية مسلم . وقيل معناه انتقاص البول بالماء باستعمال الماء في غسل المذاكير وقطعه ليرتد البول بردع الماء ولو لم يغسل لنزل منه شيء فشيء فيعسر الاستبراء والاستنجاء بالماء على الأول المستنجى به وعلى الثاني البول فالمصدر مضاف إلى المفعول ، وإن أريد به الماء المغسول به ، فالإضافة إلى الفاعل أي وانتقاص الماء البول ، وانتقص لازم ومتعد ، واللزوم أكثر ، وقيل هو تصحيف والصحيح " وانتفاض " بالفاء والضاد المعجمة والمهملة أيضا ، وهو الانتضاح بالماء على الذكر وهذا أقرب ; لأن في كتاب أبي داود والانتضاح . ولم يذكر انتقاص الماء كذا في المرقاة ( ونسيت العاشرة إلا أن تكون ) أي العاشرة ( المضمضة ) قال النووي : هذا شك منه . قال القاضي عياض : ولعلها الختان المذكور مع الخمس وهو أولى . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عمار بن ياسر وابن عمر ) أما حديث عمار بن ياسر فأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه البخاري .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أحمد ومسلم والنسائي .

                                                                                                          فإن قلت : كيف حسن الترمذي هذا الحديث ، وفي سنده مصعب بن شيبة وهو لين الحديث ، وكيف أخرجه مسلم في صحيحه ، قلت : قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث : مصعب بن شيبة وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما ، ولينه أحمد وأبو حاتم وغيرهما ، فحديثه حسن ، وله شواهد في حديث أبي هريرة وغيره ، فالحكم بصحته من هذه الحيثية سائغ . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية