الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث في مثل هذا الأسبوع (29 شوال – 5 ذو القعدة)

حدث في مثل هذا الأسبوع (29 شوال – 5 ذو القعدة)

حدث في مثل هذا الأسبوع (29 شوال – 5 ذو القعدة)

وفاة العلامة اللغوي الأديب محمد بهجة الأثري 4 من ذي القعدة 1416 هـ (1996 م):
الشيخ محمد بهجة الأثري عالم لغوي ضليع وشاعر عراقي أصيل، محقق ثبت، ومؤلف واسع الاطلاع، أثرى المكتبة العربية بما جاد به قلمه السيال وفكره الخصب وعقله المبدع في اللغة والشعر والأدب والتاريخ، متعدد الواهب، عضو فعّال في المجامع اللغوية العربية.

اسمه و نشأته
هو الشيخ العلامة الأديب محمد بهجة بن محمود بن عبد القادر بن أحمد بن محمد المعروف بالأثري ، لقبه علي علاء الدين الألوسي بالأثري لشدة ولوعه بالأثر
يعود أصل أسرته إلى ديار بكر، هاجر جد الأسرة الى العراق إثر خصومة مع والي البلدة وحط رحاله في إربيل ومنها انتقل الى بغداد، واستقر في الرصافة محلة الدنكجية (شارع المتنبي) اليوم وأسس محلا تجاريا وتعاقب أولاده وأحفاده على العمل التجاري إلا محمد بهجة اختار العلم الشرعي لرغبته الشديدة في فهم العلوم التي كان يسمع بها ولم يعرف عنها شيئا، فأخذ يسبر غور العلوم ويطلع على أسرارها ومقاصدها حتى صار بحق علامة العراق وشيخ المجامع العلمية في العالم العربي.
ولد سنة 1902 م في بغداد، تعلم مبادئ القرآن والكتابة ثم قرأ القرآن الكريم فأتم قراءته وهو ابن ست سنوات ثم درس في المدارس الرسمية و أتقن اللغة التركية و الفرنسية
وبعد الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1917 تعلم اللغة الإنجليزية على مدرسين مختصين، ثم انصرف إلى التخصص بالعلوم العربية والإسلامية فأخذ عن علماء العراق من أبرزهم العلامة الأديب الشاعر اللغوي علي علاء الدين بن نعمان الألوسي البغدادي ثم درس على علامة العراق وأديبه السيد محمود شكري الألوسي ولازمه مدة أربع سنوات حتى وفاته .
درس النحو والصرف والبلاغة والعروض واللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه وتاريخ العرب والأنساب والبحث والمناظرة والحكمة والمنطق والهيئة وأولع من يومه بالشعر والنثر والبحث والنقد والتحقيق والنشر وطفق ينظم ويؤلف ويكتب وينشر في الصحف والمجلات

حياته العملية
عمل الأثري معلما في مدرسة التفيض الأهلية عام (1924 –1925 م ) ومدرسا في الثانوية المركزية عام 1926م، وعين مديرا لأوقاف بغداد عام 1936م يوم كانت المساجد هي المدارس الشعبية عند العراقيين، ثم مفتشا اختصاصيا للغة العربية والدين حتى عام 1941م.
عندما اندلعت ثورة الجيش بقيادة رشيد عالي الكيلاني في آيار من عام 1941 م ضد الإنكليز أسهم فيها بشعره مع رجال الفكر والسياسة والجيش، وبعد فشلها اعتقل لمدة ثلاث سنوات مع من اعتقل ثم أطلق سراحه 1944 م وعاد إلى وظيفته بديوان وزارة المعارف بعدها بأربعة أعوام عام 1948 م ، في لجنة الترجمة والتأليف والنشر في وزارة المعارف.
انتخب الأثري عضوا عاملا في المجمع العلمي العراقي عام 1948م ونائبا لرئيسه في العام نفسه وأعيد اختياره عضوا عاملا عام 1979م.
وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 اختير مديرا عاما للأوقاف.
وكان عضوا مؤازرا في مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1931م، وعضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1948م، ثم عضوا عاملا في عام 1961م ، وعضوا مشاركا في أكاديمية المملكة المغربية عام 1980م، واختير عضوا مؤازرا في مجمع اللغة العربية الأردني عام 1981، ومنح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بغداد عام 1992م.
كما اختير عضوا في المجلس الأعلى الاستشاري بالجامعة الإسلامية في المدينة منذ تأسيسها عام 1961 م وحتى تغيير نظامها 1975م.
حاضر في العديد من الجامعات العراقية والعربية والاجنبية، منها الجامعة الأمريكية في بيروت، ومعهد الدراسات العربية العليا في القاهرة ما بين الأعوام (1958-1966م)
ومَثّل العراق في العديد من المؤتمرات الدولية التي أقيمت في جامعة القرويين في المغرب العربي وجامعة الرياض وجامعة محمد بن سعود الإسلامية واتحاد المجامع العلمية العربية، وشارك في عديد من الندوات العلمية والفكرية داخل العراق وخارجه.
نشر بحوثا ودراسات في المجلات العراقية والعربية تجاوزت الخمسين بحثا في اللغة والتاريخ والحضارة والفكر
من شعره
في قصيدة بعنوان " أنوار وتجليات" يقول :
ربِّ حارت في كُنهك الأفكارُ ... كلما فكَّرتْ عراها انبهارُ
كيف تسمو إلى اكتناهك خَلْقٌ ... هُنّ عن فهم خَلْقهن قِصارُ
بهرتها هذي الطبيعة والحُسنُ ... وهذي الآيات والأنوارُ

و يقول في قصيدة أخرى:
إذا اعتاد همس القول في الحق شاعر فإني غير الجهر لم أتعود
بحسبي أني في اعتقادي مسلم وأني بخير الخلق في الخلق مهتد
وما ضرني إن فاتني هدي مذهب إذا كان هديي بالنبي محمد

ويقول عن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
البعثة الكبرى حياة للورى أبد الزمان ونعمة تتجدد
عمت و لكن خصصتَ بفضلها يا آخرا هو أول متفرد
إن الألى زعموك سيد قومه كذبوا فانك للبرية سيد
شمس وهل تختص ناحية بها وشعاعها في كل أفق عسجد

مؤلفاته
كان الشيخ ذا ثقافة عالية، وعلم غزير في شتى العلوم، فترك مؤلفات قيمة وبحوثا ثمينة وتحقيقات رصينة في اللغة والشعر والأدب والتاريخ، من أبرزها :
1- أعلام العراق (تراجم الأسرة الألوسية).
2- تهذيب كتاب تاريخ مساجد بغداد و آثارها لمحمود شكري الألوسي.
3- المجمل في تاريخ الأدب العربي.
4- المدخل في تاريخ الأدب العربي " كتاب مدرسي ".
5- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب 3 مجلدات لمحمود شكري الألوسي (شرح وتحقيق).
6- تاريخ نجد للألوسي (تحقيق).
7- محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية .
8- المختصر في مناقب بغداد لابن الجوزي (تحقيق).
9- أدب الكتاب للصولي (تحقيق).
10- "ملاحم و أزهار" ديوان شعر طبع عام 1974 م في القاهرة.
11- "ديوان الأثري" طبع المجمع العلمي العراقي الجزء الاول سنة 1990م، والثاني سنة 1996م.
12- مأساة الشاعر وضاح.
13- ديوان الأدب " كتاب مدرسي بالاشتراك".
14- الاتجاهات الحديثة في الإسلام.
15- خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهاني الكاتب، قسم شعراء العراق (تحقيق) نال عن هذا الكتاب جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1406هـ/1986م.
كما أصدر المجمع العلمي العراقي سنة 1994م كتابا تذكاريا ضم عدة بحوث في سيرته وشعره ومشاركاته العلمية.
وفاته:
توفي رحمه الله يوم السبت الرابع من ذي القعدة سنة 1416هـ، الموافق 22 من مارس 1996م بعد عمر حافل بخدمة الأدب الرصين ولغة القرآن الكريم، رحمه الله و أجزل مثوبته.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة