الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طالبات طب تراجعت هممنا وسيطر علينا الاكتئاب!

السؤال

السلام عليكم.

نحن طالبتان في السنة السادسة كلية الطب، نود منكم تقديم الحلول النفسية لنا، فنحن بحاجة ملحّة لها، وهذه شكوانا: في البداية كنا نعيش بهدوء وبحالة نفسية مستقرة، نتمتع بشخصيات مرحة، حياتنا تسير بسلاسة ويسر، وإن واجهتنا المشاكل فلا تؤثر علينا، إلى أن جاء الوقت وانضممنا لكلية الطب، واجهنا الكثير من العوائق من صعوبة في الدراسة والتعرف على زميلات جدد، بدأنا بالتأقلم وكنا نصمد في البداية، لكن بدأت هممنا بالتراجع، وبدأ الاكتئاب يسيطر علينا، حاولنا التخفيف عن بعضنا البعض لكن دون جدوى.

أصبحت الحياة في نظرنا سوداء، الأشياء التي كنا نمارسها مسبقاً وتبعث في نفوسنا الفرح تبدلت، فلا تفرحنا كما كانت في السابق، نخاف من المستقبل كثيراً، نشعر أنه كئيب، ويوماً عن يوم يزداد خوفنا منه، والمشكلة العظمى أن دراستنا وعملنا مستقبلاً يعتمد على المواجهة والشعور بالثقة، إلا أننا افتقدناه، أصبحنا نخاف من مواجهة الدكاترة في الاختبارات خصوصاً الشفوية منها، فنشعر بارتباك شديد وضياع للمعلومات وتأتأة في الكلام، وحتى الطالبات عندما نقدم دروساّ لهن كجزء من دراستنا.

نعيش في عزلة عن أقاربنا، نشعر بالتشاؤم وفقدان الأمل وعدم الثقة بالنفس، وأننا لن نكون طبيبات ناجحات، ولا أمهات ناجحات في بيوتهن مستقبلاً.

نتردد كثيراً عند اتخاذ القرارات، ونحاسب أنفسنا كثيراً عندما نقرر، نواجه خوفاً داخلياً كبيراً من كل شيء حولنا، ونعيش في قلق مستمر، لدينا اختبار في الأسبوع القادم، ولكن للأسف لم نستطع الاستعداد له لسوء حالتنا النفسية -والحمد لله على كل حال-.

آملين منكم التكرم علينا ومساعدتنا للتغلب على هذا العائق الذي ألمّ بنا، وسبب لنا التقصير في دراستنا.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع.و.س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأسباب التي أدت إلى هذا الشعور الاكتئابي والتفكير السلبي ليست واضحة بالنسبة لنا، وبما أنكما في السنة السادسة في كلية الطب كان من المفترض أن تكون الدافعية قد أصبحت لديكما قوية؛ لأن الإنسان حينما يكون على أعتاب التخرج لا شك أنه يكون فرحاً ومتفائلاً، والشعور بأن يتخرج الواحد من كلية الطب هو شعور لا يضاهيه شعور آخر.

عموماً حتى وإن كانت الأسباب غير واضحة، فالذي أريده منكما هو أن تعملا على بناء علاقات جديدة مختلفة، فلن يكون من الحكمة أن تكونا وحدكما، الشعور بالكدر في هذا الحيز الضيق -أي فيما بينكما- سوف يؤدي إلى تقوية وتضافر هذه المشاعر.

ولا أدعو بالبعد والتفرقة فيما بينكما، ولكن في هذه المرحلة لا بد أن تُبنى علاقات جديدة ومع زميلات أخر، حتى لا يكون هنالك نوع مما نسميه بالتأثير التضافري الإيحائي، أي أن الأعراض النفسية مكتسبة، والإنسان إذا كان من حوله مكتئباً ويحس بالكدر لا شك أنه سوف يُشاركه هذه المشاعر، بل يرى بعض علماء النفس والسلوك أنه يحدث نوع من التوحد، وأقصد بذل الالتقاء اللصيق والتمازج ما بين الأعراض، فبدلاً من أن تكون الجرعة الاكتئابية جرعة واحدة سوف تصبح جرعتين، وهكذا، هذا وضع يجب أن يتغير، وعليكما بالنظر في بناء علاقات جديدة، ومع زميلات أخر.

والأمر الآخر: إذا كانت الحالة وصلت بكما للدرجة التي أصبح من الصعب عليكما الدراسة، فأعتقد أنه من الضروري أيضاً التواصل مع أساتذة الصحة النفسية في كلية الطب، سوف تجدا بالطبع كل العون والمساعدة، ولا بد أن تُفحص حالتكما للوصول إلى التشخيص الدقيق.

الانطباع الذي لدي هو أن الذي حدث هي حالة اكتئابية، ولكن ما الذي أدى إلى هذا الوضع؟ ليس واضحاً بالنسبة لي، ولكن لا شك أن استمرار العلاقة الوطيدة بينكما لا أعتقد أنه سوف يساعد كثيراً، فالمقترح الآخر هو ضرورة التواصل مع أحد أساتذة كلية الطب.

خلال هذه الفترة أيضاً أنصحكما بأن تحاولا بقدر المستطاع تغيير نمط حياتكما، تغيير نمط الحياة ضروري ومهم جدّاً، فحاولا مثلاً أن تمارسا بعض الرياضة، أن تخصصا وقتاً للراحة ووقتاً للترفيه عن النفس بما هو مشروع، وكما ذكرت التواصل مع زميلات أخر سوف يكون أيضاً أمراً مهمّاً وداعماً بالنسبة لكما.

لا أعتقد أنه توجد حاجة لإعطاء أي أدوية نفسية، وإن كان الطبيب الذي سوف يقوم بمعاينتكما وإتمام الفحص إذا رأى أن هنالك ضرورة لإعطاء أدوية فلا شك سوف يقوم بذلك.

أرجو أن تكونا أكثر ثقة في نفسيكما ، وأن تعتبرا هذه الحالة حالة عارضة، وأن تكونا إيجابيتين في تفكيركما، فأنتما على أعتاب التخرج وتعيشان - الحمد لله - أجمل أيام الحياة، وهذا العمر – أي منتصف العشرينات – يمثل أفضل حلقات العمر من حيث الطاقات النفسية والجسدية.

نسأل الله تعالى لكما العافية والشفاء، ونشكركما على تواصلكما مع إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً