الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي عنيد ولا يتأثر عندما أعاقبه، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم.

لدي طفل عمره ثلاث سنوات وأربعة أشهر، وهو الطفل الثاني، ويتعبني جداً، فهو شديد العناد، ولا يسمع الكلام إلا نادراً، ولا ينفذ الأوامر إلا بالضرب، ودائماً يخرب ويفسد، ودائماً يذهب للأشياء الخطرة، ولا ينام إلا بمعركة وصراع، ولا يرضى بالنوم في سريره، ودائماً نضربه ونعاقبه ولكن دون فائدة!

وإذا جئنا نضربه أو نعاقبه يقول: اضربيني، عاقبيني، يعني لا يهمه، وإذا أراد شيئاً من أخته يأخذه بالقوة ويضربها، وهي أكبر منه بسنتين، مع أن أولاد عمه يضربونه، ولا يساعد نفسه، يبكي إلى أن يأتي أحد يساعده، وفي البيت يستقوي علي وعلى أخته، والله إنه أتعبني جداً، ولا أعرف كيف أتعامل معه، ساعدوني بطريقة أقدر أتعامل معه؛ لأنه من كثرة الضرب صار يضحك، ولا يبكي؛ لأني أضربه، وأبوه يضربه بشكل يومي؛ لأنه -الله يصلحه- يغضبنا جداً، وأحياناً يعبر بالحياء بضربي أمام الناس.

ساعدوني بحل سريع الله يجزيكم خيراً؛ لأن اختباراتي قربت، وهو يوتر أعصابي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ لمياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا بد أن أكون صادقاً وأميناً وواضحاً معك، فبعض الكلمات التي وردت في رسالتك قد أزعجتني كثيراً، فقولك: إن هذا الطفل دائماً يُضرب ويعاقب، وهو يعاند، وأنت تضربينه ووالده يضربه، وللدرجة التي أصبح يقول: (تعالي عاقبيني)، هذا منهج خاطئ جدّاً، وهذا يقودني إلى أن أقول: هل الطفل لديه مشكلة بهذا الحجم، أم أن تحملك قد ضعف وقلَّ؟

أرجو أن تسامحيني في هذا القول، لكنها نتيجة علمية نستخلصها ونشاهدها في كثير من الأسر، والذي أود أن أقوله لك أولاً: لا تقارني بين ابنك هذا وبين أخته الكبرى، فالأطفال ليسوا شريحة واحدة، فهنالك الطفل الهادئ بطبعه، وهنالك الطفل الذي قد يكون عنده زيادة في الحركة، وشيء من العناد، وهكذا، هذه اختلافات لا بد أن نقبلها، ولا بد أن نستوعبها، ولا بد أن نتخذ المنهج التربوي الذي يناسب كل واحد من هؤلاء الأطفال.

الذي أريده منك أولاً: أن توقفي الضرب، ولا تتعاملي مع طفلك من خلال الأوامر، أعتقد أن كلمة الأوامر غليظة جدّاً في هذا العمر، والذي يجب أن يكون هو أن تتجاهلي التصرفات السالبة لابنك بقدر المستطاع، وهذا لا شك فيه، فيه اختبار حقيقي لمدى صبرك، وتجاهل التصرف السلبي من الطفل يقضي على هذا التصرف، أما معاملة الطفل بالقسوة والأوامر والضرب فهذا لا شك أنه يُضعف من شخصيته، وبجانب ذلك يجعله غير عابئ أو ربما يخاف في اللحظة، ولكن على المدى البعيد هذا سوف يكون مدمراً لشخصيته ويجعل منه شخصاً متمرداً.

لا نريد ضرباً، ولا نريد أوامر، إنما هي رحمة وتودد وحب وتوجيه، وتذكُّر أن هذا الصغير هو نعمة كبيرة من عند الله تعالى أنعم بها عليكم.

أنا أعرف أنك تحبين ابنك وكذلك والده، فهذا أمر غريزي وفطري وجبلي، ولكن الإنسان حينما يفقد صبره قد يلجأ لأساليب ليست طيبة، فالذي أرجوه منك هو أن تتجاهلي تصرفات الطفل، وأرجو أن تقتنعي تماماً -وهذه حقائق علمية- أن التجاهل سوف يقضي على التصرف السالب، وفي نفس الوقت قومي بتحفيزه وتشجيعه وتقبيله، هذا كله مطلوب.

الطفل ربما يعاني من شيء من زيادة الحركة، وزيادة الحركة قد تؤدي إلى الانفعال والاندفاعية من جانب الطفل، وهذه متى ما واجهناها بالضرب والأوامر والمعاملة القاسية الخشنة سوف تزيد من عناده وكثرة حركته، فهذا أيضاً سبب قوي وأساسي لأن يتم تغيير المنهج التربوي الذي يعامل به هذا الطفل.

حفزيه، شجعيه، أعطيه الفرصة ليلعب مع الأطفال الآخرين، حتى وإن ضربه الأطفال فهذا -إن شاء الله- لن يستمر طويلاً، وقد أزعجني جدّاً أن الضرب هو اللغة التي يتم التعامل بها مع هذا الطفل.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أعرف تماماً أنك لا تريدين إلحاق الأذى بطفلك، ولكن كم من طفل قد أوذي من جانب والديه قصداً أو بغير قصد، فعليك بالصبر، وعليك بالدعاء.

وأسأل الله تعالى أن يجعل ذريتك قرة عينٍ لكما، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً