الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأعمال التي يجب أن يستهلك الوقت فيها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سبق لي وراسلتكم وكانت استشارتي بعنوان: كيف أنظم وقتي وكلامي وتصرفي؟

بالنسبة للخوف قبل الامتحان، فلقد تجاوزته -والحمد لله- حصلت على (20/20) في الامتحان الأخير لمادة الفيزياء، ولكن هذه السنة حصلت على الرتبة الثانية، وقد آلمني هذا كثيراً، لكن -الحمد لله- على كل حال.

مشكلتي مرة أخرى هي الوقت، فبالنسبة لي إذا سيطرت على الوقت قد أتمكن -بفضل الله تعالى- من السيطرة على حياتي في كافة المجالات.

سأقدم لك بعجالة جدول عملي اليومي، فأنا أستيقظ مع السادسة صباحاً لأصلي الفجر، وأنام مع الثانية عشرة ليلاً أو الحادية عشرة والنصف، للعلم والداي يجدان (6) ساعات غير كافية للنوم، ولكني أضع جدول النوم الياباني قدوة لي، فهم ينامون فقط (4) ساعات، ولكن إنتاجهم أكبر وأقوى منا، فما رأيكم؟

دوامي الدراسي يستغرق يومياً (7) ساعات، ما عدا يوم السبت فقط (4) ساعات، ويوم العطلة أي يوم الأحد أكون مشغولة بالدروس الخصوصية (5) ساعات، إضافة إلى (8) ساعات أخرى، موزعة على أيام الأسبوع للساعات الإضافية أيضاً.

عند مجيئي من المدرسة أدرس على الأقل ساعتين، وفي بعض الأحيان يضيع وقتي في الكلام، وهذا سبب علتي!

علماً بأني لا أشاهد التلفاز، وفي بعض الأحيان عند دخولي للانترنت لأتصفح موقعكم، أو أقرأ كتاباً للإفادة، فأبدأ بتصفح (الفايسبوك) ويأخذ كل وقتي، فحاولت عدة مرات أن أقفل حسابي لكني لا أستطيع.

أرجوكم ساعدوني أن أنظم وقتي، فثقتي بكم كبيرة، وأخيراً ثقتي بنفسي تنقص كل يوم، فكما قلت لكم من مدة طويلة وأنا أستيقظ لأصلي الفجر، لكن اليوم وأمس لم أستيقظ بسبب تأخري في النوم، والضغط الدراسي، فهذه السنة تعذبت كثيراً بسبب الشعبة التي اخترتها.

لاحظت في الآونة الأخيرة أني أصبحت أجهل الكثير في الرياضيات، أبسط العمليات أصبحت أخطئ في حلها، واستغل البعض الفرصة، وجعلوني محطة للسخرية، لا أعرف ما الذي حصل لي، فلقد كنت أنجز جل التمارين؛ لذلك اخترت شعبة علوم رياضيات.

الآن هناك (3) أشخاص يستهزئون بي، لا أعرف ماذا سأفعل؟ كيف برأيكم أستطيع استعادة شخصيتي التي كانت؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yussra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن إدارتك لوقتك ليس بالسوء الذي تتصورينه، وربما يكون هناك بعض الإخفاقات البسيطة، ولكن بصفة عامة بخلاف الجلوس على الإنترنت لفترة طويلة لا أعتقد أبداً أنك غير مدركة لأهمية الوقت.

أود أن أضيف إلى ما ذكرته سابقاً، أن الوقت يجب أن يستهلك في ثلاثة مناشط في الحياة:

1) القسم الأول: هو النشاط العادي الذي يقوم به كل إنسان: وقت للطعام والشراب، وقت للنوم، وقت للاستحمام، هذه الحاجيات الحياتية الغريزية والبيئية البسيطة، هذا يستغرق منا بعض الوقت وعلى الإنسان أيضاً أن ينظمه.

2) القسم الثاني: هو أن يستغله الإنسان حيال ما يريد أن يُنجزه، وفي هذه الحالة هي الدراسة والمذاكرة بالنسبة لك.

3) القسم الثالث: يستغرقه الإنسان في الأشياء الإبداعية، الأشياء التي تضيف له في حياته من قراءات واطلاعات خارج النطاق الأكاديمي، أو محاولة الإلمام بعلوم إضافية، أو ممارسة نوع من الهواية والنشاط الذي يساعد في بناء شخصيته، وهكذا.

إذن: اجعلي التقسيمات الثلاثة هذه هي الأساس لإدارتك لوقتك: وقت للحاجات العادية والبيولوجية، ووقت للأنشطة الحياتية التي تتطلبها المرحلة الحياتية منك ومرحلة الإبداع، وكلها مترابطة مع بعضها البعض.

بالنسبة للدراسة أعتقد أن أداءك جيد جدّاً، فقط أنصحك بأن تتحكمي في التعاطي مع الإنترنت، وذلك بأن تجعليه آخر أنشطتك في اليوم، اجعلي الوقت من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة، ساعة واحدة خصصيها للإنترنت لتصفح بريدك والاطلاع على أي أمر آخر، بشرط أن لا يكون هنالك أي نوع من السهر أو التمادي للجلوس لساعات طويلة.. هذا هو الذي أراه بالنسبة لك.

أرى أن درجة قلقك واندفاعك جيدة جدّاً، وهذه يجب أن توظف بصورة إيجابية لتستفيدي منها في رسم مستقبل زاهر.

لا تحملي على نفسك كثيراً، لا تعتقدي أن هنالك أي نوع من القصور في أدائك، فأداؤك جيد، وأداؤك متميز وأداؤك متواصل، وأنا أرى أن مستوى الإنتاجية لديك فاعل، فقط هو أمر ترتيبي بسيط، وإن شاء الله تنجزين ما تودين الوصول إليه، وحتى هذه المرتبة الثانية التي تحصلت عليها من وجهة نظري هو أمر ممتاز.

ما ذكرته حول أن الآخرين يحاولون الاستهزاء بك والسخرية منك، فأرجو أن لا تكوني حساسة حول هذا الأمر، والجواب هو: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) [الفرقان:63]، ما دام هؤلاء الناس يستهزئون بك، فأعتقد أن ذلك يعني أن لديهم ضعفاً في منظومتهم القيمية الحقيقية في الحياة، وهذا لا يجب أن يشغلك أبداً.

فأيتها الفاضلة الكريمة: رتبي نفسك، ودعي الثقة تكون في نفسك أقوى، وحاولي دائماً أن تتخذي النموذج من الخيرين والصالحين والطيبين.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً