الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير في الموت بطريقة وسواسية .. تأثيراته وعلاجه

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 28 سنة، عانيت منذ فترة طويلة من وسواس جاء على مراحل كالتالي: (وسواس الموت، ووسواس العقيدة، ثم عاد وسواس الموت)، وهذه المرة أرقني كثيراً؛ حيث أصبحت أربط كل شيء بالموت، مع يقيني أن الموت لا مفر منه، وأنه إذا حضرت ساعة الإنسان فلن يقدم ولن يؤخر.

رغم مواظبتي على واجباتي الدينية ولله الحمد إلا أن الفكرة عالقة في ذهني، وفي هذه الفترة أشعر بوخزات في صدري ناحية القلب، فذهبت إلى الطبيب، وقمت بإجراء تحاليل، وكذلك صورة على صدري، وقمت بتخطيط على قلبي، وكانت كل النتائج سليمة، وأخبرني الطبيب أن ذلك جراء التوتر، ولكني ما زلت أحس بهذه الوخزة ناحية قلبي، ودائماً يذهب عقلي إلى أن هذا بداية نوبة قلبية أو جلطة، وكما قلت سابقاً فوالله إني مؤمن، وأريد أن تتنحى هذه الفكرة من عقلي، وأن أفكر في الموت مثل الناس.

علماً بأني متخرج من الجامعة منذ خمس سنوات، ولكني في بطالة، وقد كان لي طموح كبير لكني لم أحقق أحلامي، وأصبحت أخاف من المستقبل، ودائماً لا أحب التفكير فيه، وعندما يخبرني أحد عن شيء في المستقبل أخاف، وتأتيني فكرة بأني لن أصل إلى ذلك اليوم، وتجدني أنتظر ذلك اليوم، فأرشدوني.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن جوهر الوساوس القهرية هو القلق في الأصل، والوساوس تُسبب الكثير من القلق النفسي للإنسان، والصورة التي عرضتها هي مثال لما ذكرناه، فأنت لديك وساوس تتمركز حول العقيدة وحول الموت، وهذه الوساوس كثيرة، وكثيراً ما نشاهدها في منطقتنا، وهي دليل على خيرية هذه الأمة، والوساوس لا تعني أبداً أن شخصية الإنسان ضعيفة أو أن عقيدته مختلة، بل على العكس تماماً، فالوساوس حول العقيدة هي من صميم ومن صريح الإيمان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة حينما اشتكوا له مثل ما تشتكي منه أنت.

يعرف أن ما تعاني منه من آلام وشعور بالوخز في ناحية القلب، والتخوف من أن ذلك قد يكون بدايات نوبة قلبية أو جلطة، يعرف أنه ناشئ من القلق، خاصة أن نوعية القلق الذي لديك هو قلق وسواسي.

بالنسبة لما ذكرته عن المستقبل والتخوفات المتعلقة به، هذا أيضاً ناتج من القلق التوقعي، وهو يتناسق مع نفس العلة التي تعاني منها، وأؤكد لك أن الحالة بسيطة بإذن الله بالرغم مما تسببه لك من إزعاج، والوساوس تعالج من أن نفهم أنها نوع من الحالة النفسية.

حالتك حالة طبية، لكن هذا لا يعني أن لا يكون الإنسان حريصاً في أن يرقي نفسه وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فكن حريصاً على ذلك.. هذا أولاً.

ثانياً: أريدك أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، فهي مهمة لإزالة الانسدادات العضلية التي تسبب لك الشعور بالألم والوخز في منطقة الصدر، وللتدرب على تمارين الاسترخاء يمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية هذه التمارين، أو لو تمكنت وتواصلت مع أحد الأخصائيين النفسانيين في المنطقة التي تعيش فيها حتى يدربك على هذه التمارين فهذا حسن.

ثالثاً: الفكر الوسواسي يُعالج دائماً بالتجاهل وبالتحقير، وأن يقتنع الإنسان بأنه فكر سخيف، هذا مهم جدّاً، والأمر الآخر هو أن تربط الوساوس بفكرةٍ مخالفة لها تماماً، أو بفكرة منفرة أو بفعل منفر، أو إحساس منفر، فمثلاً وأنت تفكر في هذه الفكرة الوسواسية قم بالضرب على يدك بشدة شديدة حتى تحس بالألم. هذا التزاوج ما بين الألم والفكرة الوسواسية يُضعف الفكرة الوسواسية كثيراً، بشرط أن تُطبق هذا التمرين بقناعة وتركيز، وتكرره عشر مرات متتالية في الصباح وفي المساء.

الجزء الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، وتوجد الآن أدوية فعالة وممتازة بفضل الله، وفكرة العلاج الدوائي نشأت بعد بحوث علمية مضنية، اتضح من خلال هذه البحوث أنه يوجد تأثير مباشر على بعض المواد الموجودة في الدماغ، والتي تُسمى بالمرسلات أو الموصلات أو المستقبلات العصبية، هذه المواد ولسبب غير معلوم يحدث فيها نوع من الاضطراب في إفرازها أو عدم الانتظام أو الضعف في الإفراز، وأكثر المواد التي تمركز حولها البحث العلمي هي مادة السيروتونين، والتي اتضح أنها تلعب دوراً رئيسياً في الوساوس والمخاوف، والقلق والتوتر، وكذلك الاكتئاب.

لذا توجد مبررات علمية رصينة لأن يتم الاستفادة من الدواء، والتجارب أثبتت أن الأدوية بالفعل مفيدة، ومن أفضل الأدوية التي سوف تُفيدك العقار الذي يعرف تجارياً باسم (بروزاك) ويسمى علمياً باسم (فلوكستين) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يومياً، تناولها بعد الأكل، واستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ارفعها إلى كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء سليم كما أوضحت لك، ولا يحتاج إلى وصفةٍ طبية، لكن أحد الأخوة من تونس تواصل معي من فترة قريبة، وذكر لي أنه ذهب إلى الصيدلية ولم يُصرف له الدواء، بحجة أنه لابد أن تكون هناك وصفة طبية، وإذا حدث شيء من هذا الأمر بالنسبة لك فيمكنك أن تتواصل مع أي طبيب حتى ولو مع مُمارسٍ عادي ممن تعرف أو من أسرتك، وسوف يقوم بوصف الدواء لك لأنه دواء حسن ومعروف، وأود أن أؤكد لك مرة ثانية بخصوص سلامته وأطمئنك، وأؤكد لك أنه في معظم دول العالم لا تُطلب وصفة طبية لهذا الدواء، وهذا دليل قاطع على سلامته.

ولمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات: (261797-272262- 263284-278081)، نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً