الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاولت أكثر من مرة كسب صداقات وأفشل!

السؤال

أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- ولكني لا أستطيع أن أخاطب الناس، وخاصة في القاعة الجامعية، وأصدقائي يعدون على اليد الواحدة، ولا أستطيع أن أكسب صداقات، وأشك في نفسي إذا أردت أن أتعرف على شخص ما، فلا أدري كيف أدخل معه وكيف أكسبه صديقاً، وأخشى أن يشك بي أنني مباحث، إلى غير ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك محبته جل جلاله، وأن يضع لك القبول في الأرض، وأن يجعلك محبوبًا من كل من يتعامل معك، وأن يفتح لك الحدود والسدود وقلوب العباد.

إنه مما لا شك فيه أن العلاقة مع الآخرين من أهم الفنون الاجتماعية، وأن الإنسان كلما كان متواصلاً مع الناس بصورة أوسع كلما دل ذلك على راحة نفسه وأنه إنسان طبيعي، وأنه يعيش حياة اجتماعية ونفسية وعاطفية مستقرة؛ لأن التواصل مع الناس إنما هو نوع من العطاء، ولا يستطيع أن يُعطي إلا من يملك، ولذلك لا بد للإنسان منا أن ينتبه فعلاً لهذه المسألة، لأن الإنسان بطبيعته لا يمكن أن يعيش وحده لأنه مدني بطبعه والإنسان في حاجة إليه لما أعطاه الله من خواص ليست في غيره، كما أنه في حاجة إليهم لأنه لا يستطيع أن يعتمد على نفسه فقط، ولذلك مسألة التواصل مع الناس تقوم على أصول وقواعد لو تعلمها الإنسان لكان بمقدوره - بإذن الله تعالى - أن يحقق علاقات متميزة وأن يكون صاحب صداقات متعددة متنوعة، وحتى يتحقق ذلك لا بد من عدة أمور سأنبه على بعضها، لعل الله أن ينفعك بها.

الأمر الأول: الدعاء، أن تدعو الله تعالى أن يؤلف بين قلبك وبين قلوب إخوانك المسلمين، لأنك تعلم أن الله جل جلاله قال: {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} إذن عليك بالدعاء أن يؤلف الله بين قلبك وقلب من تريد أن تتواصل معه.

ثانيًا: عليك أن تظهر اهتمامًا كبيرًا بالناس، أي بالشخص الذي يتعامل معك، وذلك عن طريق الابتسامة، فحاول أن تبتسم في كل وجه من تلقى، وهذه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فإذن كلما قابلت أحدًا من هؤلاء الشباب أو غيرهم فعليك أن تبتسم في وجهه، هذه الابتسامة تفتح الطريق إلى قلب كل من تتعامل معه.

ثالثًا: عليك بإفشاء السلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) فعليك بإفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف، كما علمك النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعًا: كن مستمعًا جيدًا، فإذا ما تكلم أحد معك حاول أن تنصت له إنصاتًا كاملاً ولا تقاطعه حتى ينتهي من حديثه، وركز على وجهه وعينه، لأنك إذا نظرت يمينًا أو يسارًا فكأنك تقول له إني لست مستعدًا لأن أستمع إليك أو أن أتجاوب معك، ولكن إذا ما تكلم معك أحد حتى ولو كان طفلاً صغيرًا فأعره الاهتمام كله، وأقبل عليه بوجهك وبدنك، وأشعره بأنك مهتم بحديثه، فذلك من أهم قنوات التواصل؛ لأن الناس بطبيعتهم يحبون من يسمتع إليهم.

خامسًا: تكلم عن الأشياء التي يهتم الناس بها، يعني إذا كان هناك لقاء فحاول أن تتكلم عن الأشياء التي ترى أن الناس جميعًا يهتمون بها، لا تتكلم في أشياء قديمة أو أشياء خيالية بعيدة عن الواقع، فمثلاً نحن في زمن الامتحانات والكلام يكون حول الامتحانات، ونحن مثلاً خرجنا من مادة معينة فالكلام قريبًا يكون حولها، ونحن الآن نعاني مشاكل في الشرق والغرب فالكلام يكون عادة حول هذه البؤر الملتهبة من العالم العربي والإسلامي، وهكذا.. فإذن تتكلم مع الناس عن الأشياء التي يُحبون الحديث حولها.

سادسًا: أعط الناس الشعور بالأهمية، وامدح ما تراه جيدًا فيهم، يعني إذا وجدت إنسانًا فيه إيجابية جيدة، فمثلاً قد يكون طالبًا زميلاً معك في قاعة الدراسة وقام بمشاركة جيدة مثلاً مع الدكتور أو المحاضر فبعد ذلك تقول: قد كنت موفقًا وقد كنتُ معجبًا بمداخلتك، وتبدأ تتكلم معه ومدح هذا الطالب.

سابعًا: عليك أن تتجنب الجدال.

ثامنًا: أن تبدأ الحديث بطريقة ودودة لطيفة.

تاسعًا: أن تظهر الاحترام لرأي الشخص الآخر، ولا تقل له بأنك كنت مخطئًا حتى وإن أخطأ، وإنما تقول هذه وجهات نظر ولكل إنسان وجهة نظر.

عاشرًا: لو كنت مخطئًا اعترف بأنك أخطأت بسرعة، بمعنى أنك لو رفعت صوتك أو تكلمت بكلام غير معقول فلا مانع أن تعتذر بعد ذلك.

الحادي عشر: احرص على أن تكون كريمًا؛ لأن الكرم كما تعلم هو مصيدة القلوب، فالناس جميعًا يحبون الكرام، ويحبون من يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

الثاني عشر: حاول - وهذا ما أختم به - أن تتواصل اجتماعيًا مع من تتعامل معهم، بمعنى أنك إذا علمت أن هناك مثلاً إنساناً من أصدقائك مريضًا حاول أن تزوره، وإذا علمت أن لديه مثلاً مصيبة أو حدث جلل حاول أن تذهب إليه وأن تقف معه، وإذا علمت أن لديه مناسبة طيبة أو سعيدة كزواجه أو زواج أحد من أقاربه فحاول إما أن تذهب إليه أو أن تُرسل له رسالة تهنئة، كذلك أيضًا بالاتصال وتفقد الناس عبر الهاتف، فلو أن هناك شخصاً مثلاً كان يتواصل معك ثم توقف فحاول أن تتصل به، وإذا كان هناك فرصة لإرسال بعض الرسائل مثلاً أسبوعيًا من باب إرسال رسائل إيمانية تذكيرية، فذلك كله سوف ينفعك الله به.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • wesam abdo

    شكرا جزيلا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً