الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أترك الزواج من ابنة خالتي لأن عندها مشكلة وراثية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع، أحبتي في الله أنا طالب أدرس الطب البشري، وعمري 22 سنة، قبل سنتين ذهبت إلى بلد عربي وكان يسكن في هذا البلد أهل خالتي، وتعرفت على بنت خالتي هناك، وبكل صراحة أحببت بنت خالتي لأنها كانت متدينة جداً، وكانت تساعد أهلها ووالديها في كل أمور البيت، وبدت لي بأنها كانت الزوجة المثالية لي، وبعد فترة من وجودي هناك أخبرتها بحقيقة إحساسي، وهي أيضا أخبرتني بأنها أحبتني، ولكن أباها أصم أي لا يسمع ولا يتكلم -أسأل الله له العافية- وكما قالوا لي أنه لم يولد على هذه الحالة، وقد بدأت معه وهو صغير، وكذلك البنت وأخوها الصغير عندهم نفس المرض ولكنهم أخف، أي عندهم ضعف في السمع والنطق، وهم الآن يستخدمون سماعات الأذن، أنا لم يكن يهمني هذا الأمر ولم أر فيه بأساً، وقد كلمت الفتاة بأني سأستأذن أهلي وسأخطبها - بإذن الله - وطبعاً هي تعلقت بي كثيراً.

بعد فترة سافرت إلى بلد بعيد جداً وبدأت بدراسة الطب البشري، وخلال دراستي درسنا عن علوم الوراثة التي تسمى بالإنجليزي (genetics) وعلمت هناك أنه قد يكون هناك خطر على أبنائي بأن يكونوا صماً وبكماً، وأنا أهم شيء عندي أبنائي، وأنا - الحمد لله - أؤمن بما يرزقني ربي، ولكن هو أعطانا هذا العلم لنستفيد منه ونختار لنا ما هو خير لنا، بعدها كلمت الفتاة وقلت لها أني لا أستطيع أن أخطبها، وأخبرتها أسباباً أخرى قد تقنعها، ولكن لم أخبرها السبب الحقيقي خوفاً عليها أن تتألم أكثر، ومن الأسباب التي أخبرتها أني أريد أن أكمل دراستي التي بقي منها 4 سنين، وأني لا أريد أن تبقى كل هذه السنين بدون خطيب ولا زوج، وقد يحصل أي شيء خلال هذه السنين، هي لم تقتنع في البداية وأخبرتني أنها تستطيع أن تنتظرني، ولكنني قلت لها أن الزواج قسمة ونصيب، وقد يكون هذا الأمر خيراً لنا، وقلت لها أن تصلي الاستخارة، وأنا سأفعل ذلك، ثم نؤمن بما كتب الله لنا، وحقاً أنا صليت الاستخارة ولكن مازلت محتاراً بعض الشيء.

السؤال: هي مازالت غير مخطوبة، فهل أتوكل على الله وأخطبها؟ لأنني لا أريد أن أجرحها وأخاف عليها أم أدعو لها بأن يوفقها بزوج صالح؟ وهل حرام أن أتنبأ بما سيرزقني الله؟ وهل هذا تدخل في علم الغيب؟

علماً بأن هذه تسمى علوما وراثية، وهناك استشارات وراثية قبل الزواج تستخدمها بعض الدول الإسلامية.

شكراً لكم، وأعتذر على الإطالة، لأن هذا الأمر يهمني كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك أدبك الرفيع وحرصك على عدم جرح مشاعر هذه الفتاة بإدخال الحزن عليها، ونسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقًا وصلاحًا.

لا شك أيها الحبيب بأنك غير ملزم بالوفاء بالوعد لهذه الفتاة بأن تخطبها وتتزوجها، وما دام قد ظهر فيها من المرض ما ذكرت، وأن الطب الحديث يقول بأن هذا المرض قد يكون وراثيًا وينتقل للأبناء، فإنه ربما من الخير لك أن تصرف النظر عنها وتبحث عن فتاة أخرى ملائمة ومناسبة لك، وننصحك بأن تتحرى فيها الدين، عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) وهذه الأخت سيسهل الله عز وجل أمرها.

وقد أحسنت حين استخرت الله تعالى، وأحسنت الاعتذار لهذه الفتاة وأمرتها بصلاة الاستخارة، وهذا القدر يعتبر كافيًا، ووصيتنا لك بأن تحذر من التحدث مع الفتيات الأجنبيات عنك، فإن هذا الباب قد يكون في بعض الأحيان خطوة من خطوات الشيطان يجر الإنسان إلى ما لا تُحمد عاقبته، والحديث مع الأجنبية ينبغي أن ينضبط بالضوابط الشرعية، أي بقدر الحاجة إذا دعت إليه الحاجة، وأن لا يكون فيه خضوع ولين من الفتاة بما يجر إلى الفتنة، ومن ثم فنصيحتنا لك أن تقطع الاتصال بهذه الفتاة، وتستعين بالله تعالى في البحث عن امرأة متدينة تتلاءم معك.

وأما توقع أن يكون أبناء المريض يحملون نفس المرض فهذا ليس من ادعاء علم الغيب، لأنه علم مبني على أمور حسيّة، وما كان هذا شأنه فإنه ليس من الكهانة وادعاء علم الغيب كما يقرر ذلك أهل العلم، يقول العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - : " من استند إلى شيء محسوس فليس من علم الغيب، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب ويقولون إن التصديق بها تصديق بالكهانة، والشيء الذي يُدرك بالحس إنكاره قبيح، فالذي يُعلم بالحس لا يمكن إنكاره، ولو أن أحدًا أنكره مستندًا بذلك إلى الشرع لكان ذلك طعنًا بالشرع " انتهى كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وهو واضح في أن ما كان من التوقعات مستندًا إلى أمور محسوسة، ومن ذلك ما ذكره - رحمه الله تعالى - من أمثلة كالإخبار عن توقعات حالات الطقس والجو، ونزول الأمطار ونحو ذلك، فإن هذه الأمور توقعها والإخبار بأنها ربما تكون كذا وكذا ليس من باب ادعاء علم الغيب في شيء، فلا حرج على الإنسان أن يتوقع هذا إذا كان الأمر الحسي يفيد ذلك، ومع هذا لا يستطيع الإنسان الجزم بأن هذا سيقع، فغاية ما هنالك أنه يتوقع مستندًا لبعض الأمور الحسية.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر مها

    لا حول و قوة الا بالله
    سهل تجد بنت مناسبة صحيا لكن جدا صعب تجد فتاة على دين و خلق مثل ما شهدت لها انت بنفسك
    عوضها الله خيرا و رزقها الزوج الصالح من يقدرها و يحافظ عليها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً