الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفراغ... والعادة السرية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني في الله: أنا أعاني من العادة السرية من مدة طويلة جدا تقريبا عشر سنوات، جسمي وفكري وحالتي النفسية في خطر شديد، ولا أجد من يعينني إلى الطريق الصواب.

رمضان الماضي أحسست بتحسن شديد لأني لم أمارسها، ولكن مع توفر الرفاهية التامة في بيتي وانقطاعي عن العمل، انعزلت تماما عن المجتمع، وكل شغلي الشاغل التفكير بمظهري وبشكلي وبمشيتي، والبحث عن علاقات محرمه عن طريق الانترنت.. بصراحة أنا يئست من محاولاتي الفاشلة، إخوتي والله الإرادة موجودة، ولكن أنا لا أجد ما أعمله في حياتي، لا يوجد لدي أصدقاء، ولا أمارس الرياضة، أحس وجودي كعدمي في المجتمع. وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لعمل طيب مناسب، وأن يمنّ عليك بصحبة صالحة تقضي معها أوقات فراغك، وأن يرزقك بطاعة يغنيك بها عمن سواه.

وبخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم الفاضل أقول لك: أولاً: إن مجرد اتصالك بهذا الموقع الإسلامي المتميز دليل على أن فيك خير، وأنك تستشعر فعلاً حجم المشكلة التي تعاني منها، وأنك على استعداد لأن تتخلص من تلك السلبية، وأن تبدأ حياة جديدة، وهذا في حد ذاته أمر مشجع للغاية، ونحن سعداء بتواصلك معنا رغم ظروفك، ورغم هذه المشكلة، إلا أننا نرى أنك بدأت تضع قدمك على أول الطريق الصحيح، أنت تعاني من مشكلة وهي مشكلة الفراغ الذي ترتب عليه أنك أصبحت فريسة لهذه العادة وإلى غير ذلك من السلبيات التي ترتبت عليها.

أعتقد أنه لا يخفى عليك خطورة هذه العادة السرية، وأنها تدمر حياتك الجسمية والنفسية والصحية والأخلاقية والاجتماعية والدينية، وكل شيء، وكم أتمنى أن تراجع الاستشارات التي تتحدث عن الآثار السلبية لهذه العادة السرية، وكذلك عن حكمها الشرعي، وعن المضار الطبية المترتبة عليها، ومضارها الصحية التي ذكرها المتخصصون من الأطباء والاستشاريين النفسانيين.

أما فيما يتعلق بوضعك الآن، فأنا أقول اعلم أخي علي -أنه لن يُنقذ عليًا إلا علي نفسه- لن يستطيع أحد أن يمد لك يد العون والمساعدة ما دمت على هذه الحال التي أنت عليها، ولذلك أتمنى بما أنك أخذت خطوة إلى الأمام، وكتبت إلينا أتمنى أن تُتبع هذه الخطوة بخطوة أخرى، وهي أن تخرج من هذا القمقم ومن هذه العزلة التي أنت فيها إلى المجتمع، اخرج بارك الله فيك إلى المسجد، وتعرف على إخوانك المسلمين من أهل المسجد، ويقينًا ستجد من يتواءم معك ومن تنسجم معه ومن تميل إليه ويميل لك، لأن مشكلتك أنه كما ذكرتَ لا يوجد لديك أصدقاء، وبالتالي لا تمارس الرياضة، ولا تخرج من البيت، وانشغلت بالعلاقات المحرمة عن طريق النت، إلى غير ذلك من الأمور التي لا تزيدك مع الأيام إلا سوءاً، ولا تزيد بدنك إلا تدميراً.

إذاً اعلم أخي الكريم أن الخطوة الثانية المطلوب منك أن تؤديها إذا أردت فعلاً أن تستعيد عليًّا وأن تستعيد ثقتك في نفسك، وأن تعود إلى ما ينبغي أن تكون عليه وهو مسألة الخروج أولاً من هذا الواقع الذي أنت فيه.. ثم بعد ذلك تأتي النقطة الثالثة في البحث عن الصحبة الصالحة، وستجد بإذن الله تعالى، فاخرج أخي الكريم من هذه العزلة، ولا بد أن تعلن الحرب عليها، ولا يلزم بارك الله فيك في العمل أن يكون عملاً تتقاضى عليه راتبا، وإنما تستطيع بارك الله فيك أن تنخرط في أي عمل اجتماعي في المجتمع، فهناك جمعيات خيرية تقوم بأعمال تطوعية من الممكن أن تذهب إليهم لتقول لهم: أنا على استعداد أن أقدم خدمة للمجتمع، وأنا أعرف أن المملكة بها خير كثير وبها مؤسسات كثيرة تحتاج أناسا من أمثالك من ذوي الهمم العالية والفراغ، وما دام قد منّ الله عليك بنوع من الوفرة المادية حيث إنك تعيش في رفاهية تامة كما ذكرت، فإذن لا تربط العمل بالدخل، وإنما اربط العمل بما هو أسمى من ذلك وهو مرضاة الله سبحانه وتعالى جل جلاله

فاخرج لتحافظ على الصلوات في جماعة وتتعرف على أصدقاء، ولا مانع أن تبدأ أيضًا في التوجه إلى أحد الأندية الرياضية أو الثقافية وتسجل نفسك عضوًا في هذه الأندية سواء كانت رياضية أو ثقافية، فانخراطك في مجتمع الشباب بإذن الله تعالى سيخرجك من هذه العزلة، أتمنى أن تتوجه إلى مؤسسات من المؤسسات الخيرية المنتشرة في المملكة، وأن تكون عضوًا فاعلاً فيها، وقدم ما لديك من وقت وخبرات للمسلمين ابتغاء مرضاة الله تعالى، وأعتقد أنك معي بأن رضا الله تبارك وتعالى أعظم من ملء الأرض ذهبًا أو الدولارات التي تأتي مع معصية الله عز وجل.

إذاً علاج عليٍّ في يد عليٍّ نفسه ليس في يد أحد آخر، فخذ الخطوة الشجاعة، واعلم أنك قادر على ذلك، وأنا واثق أخي علي أنك والله قادر على هذه الخطوة، لأنك خطوت الخطوة الأولى وعرضت مشكلتك بحرية وبجرأة وبطريقة مرتبة، وهذا يدل على إمكاناتك العقلية الطيبة، وأنك ما زلت تحمل كثيرًا من الخير في داخل نفسك.

إذاً كما ذكرت لك: لا بد أن تسعى ولا بد أن تخرج ولا تنتظر أن يأتيك أحد، لأنه لعله لا يدرك أحد حجم المشكلة التي تعاني منها أنت، قد ينظر الناس إليك على أنك سعيد وأنك مرفه وأنك مترف وأنه لا ينقصك شيء، ولكن هؤلاء لا يعلمون حقيقة المعاناة التي تعاني منها أخي الفاضل علي، ولذلك أتمنى أن تأخذ الخطوة الثانية، وهي أن تخرج من هذه العزلة، وأن تتوجه إلى المسجد، وثق وتأكد أنك ستجد هناك من يعينك، ولا مانع أن تفضي بسرك إلى إمام المسجد وتقول له: أنا أريد صحبة صالحة لأني أعاني من فراغ، وأعتقد أنه سيعينك بإذن الله تعالى؛ لأن المملكة فيها خير كثير، وحاول أن ترتبط بأي نادٍ من الأندية حتى تقضي معظم وقت الفراغ، وحاول أن ترتبط بأي مؤسسة من المؤسسات الخيرية، وتوجه إلى الله بالدعاء.


هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً