الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل صحيح أننا نتشابه في الجينات مع الشمبانزي وأن جدنا مشترك؟!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما كنت أدرس في الجسر الأكاديمي كانت عندي حصص في علم الأحياء, وكنا ندرس عن الجينات, فتطرقت المعلمة الايرلندية عن التطور، وكيف أننا نشارك 90% من الجينات مع الشمبانزي, هل هذا صحيح؟ أليس التشابه ممكنا؟ لأن الخالق واحد، والحيوانات لديها الكثير من الخصائص المشابه للبشر، لذلك نشاركهم 90% من الجينات.

لكنها قالت إن هذا التشابه ما هو إلا دليل على أن لدينا جد مشترك فقط لا غير، وكلما حاولنا نتكلم عن الدين ترفض بحجة أنها فلسفة لا يمكن إثباتها .

حتى في حصص الكتابة، ذات مرة طلب مني كتابة موضوع، فكتبت إن التقنية الحديثة ما هي إلا نعمة من الله يجب شكره عليها فطلبت مني إزالة الجملة، وذات مرة استشهدت بالقرآن فرفضت، بحجة أنها تسبب الاختلاف! لذلك يجب علينا البعد عن الدين وأستشهد بأقوال إحدى أستاذة الجامعين بدلاً من القرآن، فهل علي إثم في إزالة أية من موضوع الكتابة، وهل يحرم إرسال الطلبة للدراسة على أيدي أساتذة يفعلون مثل تلك الأفعال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه لسيرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يوفقك وأن يشرح صدرك، وأن يجعلك من العلماء المتميزين المتفوقين، وأن يوفقك للذي هو خير، وأن ييسر الهدى إليك، وأن يجعلك مدافعًا عن الإسلام أمام تلك الشبهات والشهوات.

وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك ولدي الكريم: إنه مما لا شك فيه أن هذه الشعوب فقدت هويتها الإيمانية والعقدية، وأصبحت تعيش على آثار بالية من الأفكار والمعتقدات هي التي تشكل العقلية العقدية والإيمانية لدى الشرق والغرب اليوم خارج نطاق العالم الإسلامي.

هذه المعتقدات التي تسود العالم الآن كلها معتقدات بائدة، وكلها معتقدات من نتاج أفكار بعضها قد يكون منحرفًا وقد يكون مريضًا، فهذا الذي ذكرته أنت في رسالتك من قول المعلمة الايرلندية عن التطور إنما هو حقيقة مقتبس أو متأثر بنظرية (داروين) الذي وضع نظرية التطور وقام بنشرها في كتابه الشهير (أصل الأنواع) وذلك في عام 1859، فمعظم مفكري الغرب ودعاة الغرب بل لعل السواد الأعظم وإن لم يكن الجميع من أبناء الغرب والشرق غير المسلم كلهم يدينون بهذه النظرية ويرون أن الإنسان أصله قرد متطور، وهذا الكلام الذي ذكرته لك أن الشمبانزي نوع من أنواع القرود، فهذا الكلام هو الذي جاء به (داروين) وهو الذي يُدرس الآن مع الأسف في بعض بلاد العالم العربي والإسلامي التي فقدت هويتها الإسلامية، ولم تر هناك من وجهة نظرهم شيء يدل على أصل الإنسان إلا هذه النظريات التي قام بها هذا اليهودي الحاقد على القيم والمبادئ والأخلاق.

نحن قطعًا ومما لا شك فيه نؤمن يقينًا بأن هذا الكلام كله باطل ولا أساس له من الصحة، وأنه يتعارض مع العقل المستقيم، لأن الله تبارك وتعالى الذي خلق هذا الكون وأخبرنا أنه خلق الإنسان من سلالة من طين، وأننا لآدم عليه السلام، وآدم نبي من أنبياء الله خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وعلمه الأسماء كلها، وأسكنها في جناته، فنحن أبناء هذا الجنس الراقي، أما الحيوانات وهذه الكائنات الأخرى وإن كانت قد خلقت من الأرض إلا أنها خُلقت بطريقة أخرى وليس بيننا وبينها أدنى صلة أو تواصل إلا أنها كائنات خلقها الله تبارك وتعالى لخدمتنا ولنستفيد من وجودها وتحقيق العظة والتذكرة من حياتنا معها أو حياتها معنا.

نقول لهؤلاء: نعم قد يكون آباؤكم قردة، أما نحن فإنا أبانا آدم عليه السلام، هذا النبي المكرم المخلوق الوحيد الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملائكة. ولذلك هذا الطرح الذي ذكرته – ابني الكريم الفاضل (عبد الرحمن) – إنما يخرج من هذه المشكاة، هذه الأفكار التي جاءت بها هذه المعلمة وغيرها من الأساتذة الذين يفيدون من الغرب تلك أفكارهم وهذه معتقداتهم، ولذلك لأنها لا تريد أن تدخل معك في حوار تخسره أمامك فإنها تطلب منك عدم التدخل في الدين، لأنه ليس لديهم دين يستطيعون أن يحتجوا به أمامك عندما تأتيهم أنت بحقائق قرآنية ثابتة لا يستطيعون إنكارها بحال من الأحوال، وهذا مع الأسف الشديد كما ذكرت هو حال معظم هؤلاء المعلمين الذين يأتون إلى بلاد الإسلام ليعلمون أبناء المسلمين، يأتون بحقدهم ويأتون بفساد عقائدهم ويأتون بانحطاط أخلاقهم، ومع الأسف نحن نأخذ منهم كل شيء ولا نميز إلا في القليل النادر، ولولا أن الله منَّ عليك بفطرة طيبة وبيئة طيبة والله – يا ولدي – ما استطعت أن تنكر من هذا الكلام شيئًا ولا أن تكتشف هذه الأخطاء، بل لعلك كنت سترددها كما يرددها كثير من الببغاوات الذين ينتسبون للإسلام مع الأسف الشديد.

فهذه النظريات كلها ولدي نظريات فاسدة، وهذه كما ذكرت نظرية التطور والارتقاء إنما هي نظرية كما ذكرت أسسها ووضع أصولها هذا اليهودي المعروف باسم (داروين) وهي التي تدرس الآن في الشرق أو في الغرب، أما نحن فنرى بطلان هذه النظرية، لأنها تتعارض مع صريح القرآن الذي كلمنا عن أصل خلق الإنسان، وأنه من آدم عليه السلام الذي قال الله تبارك وتعالى عنه: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلاً}.

وكونها ترفض الاستدلال بالآيات الموجودة، أقول: إذا كان سيترتب على ذلك إلحاق ضرر بك أنت شخصيًا أو مثلاً حرمانك من بعض الدرجات مثلاً أو النقاط المفيدة في تخرجك، فلا مانع أن تتكلم الكلام العادي، ولا يستلزم أن تستشهد بالآيات حتى لا تثير حافظة هؤلاء الناس فيحقدون عليك، لأن الله قد يوفقك وقد تكون عالمًا متميزًا تخدم الإسلام، ولكنهم بذلك سيحرمونك من هذا التميز، يريدونكم طلابا بلا عقول وبلا دين، حتى وإن كانوا عقلاء ولكن لا دين لهم ولا انتماء.

لا مانع أن تخفي ذلك إذا كانت هنالك ضرورة، وأن تسايرهم فيما هم فيه، شريطة أن لا تتأثر بكلامهم، وإن استطعت أن ترد عليهم فلا مانع إذا كنت واثقا ان ذلك لن يستخدم ضدك ويكون سببا في عداوة هؤلاء لك أو حقدهم عليك, فإذا كانوا يتمتعون بالعدل والإنصاف والحيادية ويؤمنون بحق كل إنسان في التعبير عن رأيه وعرض وجهة نظرة دون أدنى مؤاخذه فلا مانع من محاورتهم ونقاشهم وإفحامهم ولكن بأسلوب الإسلام الراقي في الحوار والمناظرات، وذلك بشرط واحد ومهم وهو أن تكون واثقا من صحة معلوماتك، وأنها تمثل الإسلام الحق لأنك تعرض دين الله، ولا ينبغي لك أن تتكلم بغير علم لأن ذلك من كبائر الذنوب.

كم أتمنى يا ولدي أن تنقل مثل هذا الكلام للجهات المسؤولة بالجامعة حتى تنبه عليهم بعدم عرض ما يتعارض مع الإسلام أو يتناقض مع حقيقة من حقائقة.

أنا أحسن الظن بهم وأنهم يغارون على دينهم، ولم ولن يسمحوا لأحد أن يعرض كفره على أبناء المسلمين.

هذا وبالله التوفيق .

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً