الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صادقت فتاة عن طريق النت على أني شاب فكيف أصارحها بالحقيقة؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة غير متزوجة، وكنت أدخل بين وقت وآخر إلى الشات، وأنصح ولا أكتب إلا المفيد، وفي إحدى المرات كنت قد دخلت باسم ذكوري (خالد)، وتكلمت مع فتاة على أني رجل، وبدأت أنصحها وتقبلت بسرعة مني النصح، وحذرتها من مخاطر الشات، وقالت بأنها وحيدة، وعمرها 17 ، ووالدتها متوفية، وتعيش مع زوجة أب متسلطة جدا، وحرمت من الدراسة فهي عندها وقت فراغ كبير وأخذت إيملي.

وفي أول مرة أدخل الماسنجر طلبت أن ترى صورتي فوضعت لها صورة من النت وصدقت أنه أنا، وتعلقت بي كثيرا، وأنا تعلقت بها لتقضية وقت الفراغ والتسلية، ونتكلم بكل ما هو مفيد كأننا صديقات.

وفي مرة حاولت أن أصارحها بأني بنت، وأخذتها من باب المزاح، ولم أستطع إخبارها لأنها متعلقة جدا لدرجة أننا ننام ونستيقظ ونحن على الماسنجر، وكل مرة أحاول أن أصارحها أجد عندها ظروف حزينة أو قد أصيبت بمرض خطير، وأخاف أن تتأزم حالتها وتصدم إذا عرفت أني قد كذبت عليها.

وأنا ارتحت جدا لها، فهي معي طول الوقت، وظروفي قريبة لظروفها جدا، وليس لدي صديقات، ولا أعمل، وأنا تعلقت بها كصديقة معي طول الوقت، ونبعد بعض عن الشات ومخاطره إلا أنها متعلقة بي أكثر، وعلاقتي مستمرة معها منذ 6 سنوات.

فما الحل؟؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الامل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يعينك على قول الحق ولو كان مرًّا.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه نتيجة حرصك على إخفاء شخصيتك وظهورك أمام هذه الأخت بأنك شاب وتعلقها بك، جعل ذلك من الصعب عليها أن تتقبل فعلاً فكرة أنك فتاة وأنك لستِ شابًا أو رجلاً، وهذا أمر تتحملين وزره حقيقة يوم القيامة، لأن الكذب يؤدي إلى الفجور كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي النهاية الفجور يؤدي إلى النار.

ولا يخفى عليك أن الله لا يحب الكاذبين، وأن الله لعن الكاذبين، وأن الكاذبين يحملون صفات المنافقين والكافرين والعياذ بالله تعالى، وهذا أمر يقتضي منك مهما كانت ظروف الأخت أن تصاريحها بحقيقة الأمر، وأن تبيّني لها أنك أختًا لها وأنك ستظلين معها ولن تتخلي عنها، وهذا في حد ذاته مكسب كبير.

قولي لها: (أنت الآن كنت تكلمينني على أني ذكر أو شاب، ولعلك تكلمت كلامًا أو حلمت أحلامًا وتوقعت أشياء من أنني شاب وأنه من الممكن أن يحدث بيني وبينك ما يكون ما بين الفتى والفتاة، ولكن أنا في حقيقة الأمر كنت حريصة على أن أكون فتاة وأن أغرر بك، ولكن استحييتُ نتيجة ظروفك الصعبة أن أصارحك بحقيقة الأمر، وأنا أعتقد أن وجودنا معًا كأخوات أفضل بكثير من وجود ذكر مع أنثى، لأن علاقة الفتاة بالفتاة غالبًا ليست فيها محاذير شرعية، اللهم إن كان الكلام غير مشروع، أما لو أنك أحببتني في الله أو أنا أحببتك في الله تعالى فهذا أمر جائز شرعًا، لأنه يجوز للفتاة أن تُحب أختها في الله ويجوز للرجل أن يحب أخاه في الله، وهذا الكلام معروف ودارج، أما أن تحب الفتاة شابًا لا تعرفه حتى وإن كان في الله تعالى فهذا أمر عليه مآخذ شرعية غير عادية).

وإذا كنت لا تستطيعين أن توجهيها بالكلام مباشرة فمن الممكن أن تكتبي لها رسالة، وأن تبيّني لها الحقيقة.

قولي لها: (أنا حاولت قدر الاستطاعة أن أُظهر لك حقيقة أمري، ولكني كنت أرى ظروفك الصعبة تحول بيني وبين هذا الأمر، إلا أني وصلت إلى درجة أصبحتُ غير قادرة فيها على مواصلة التخفي والتنكر، وبالتالي الكذب أيضًا، ولذلك آن لي أن أقول لك بأني فتاة وأن اسمي فلانة الفلانية)، وتبيني لها اسمك وحقيقتك والبلد الذي تنتمي إليه.

قولي لها: (إني أرحب بصداقتك كأخت في الله تعالى نتعاون على طاعة الله عز وجل، فإذا كان لديك استعداد فثقي وتأكدي أني سأكون أفضل من أي رجل تتعرفين عليه، فإني سأكون عونًا لك على طاعة الله، وسوف تجدين فيَّ كل ما تحتاجين إليه من حفظ سرّك ومن نصحك وتوجيهك ومن إعانتك على طاعة الله تعالى).

وعليك -أختي الكريمة- أن تستغفري الله وأن تتوبي إليه، واحمدي الله تعالى أن الله لم يتوفاك خلال هذه الفترة التي استمرت ستة سنوات، لأنه قطعًا لو توفاك الله تعالى لتوفاك على عمل غير صالح وعلى كبيرة من الكبائر، لأن الكذب كما تعلمين من كبائر الذنوب.

ولذلك عليك بالتوبة النصوح والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة، وعقد العزم على أن لا تعودي إلى هذا الأسلوب أبدًا لا مع هذه الفتاة ولا مع غيرها.

كما أتمنى بارك الله فيك إذا دخلت الشات أن تدخلي إلى المواقع النظيفة الطيبة التي تجدين فيها الأخوات المعينات على طاعة الله، والتي تجدين فيها مساحة لخدمة دينك ولنصح أخواتك المسلمات.

أما غير ذلك فأرى أن هذا من العبث، وهو حقيقة غير مأمون العواقب، لأنه أحيانًا قد يحدث أن تتكلمي مع فتاة على أنها فتاة وإذ بها تظهر على أنها شاب، كما حدث معك الآن ومع الأخت (أمل) وقطعًا لا يخلو الحديث من كلام فيه مآخذ ومن أشياء لا تُرضي الله تعالى، وبالتالي تكونين سببًا في إيقاع غيرك في معصية الله عز وجل.

فتوبي إلى الله واستغفريه، واتركي هذه المواقع العادية التي يدخلها عامة الناس، وكم أتمنى أن تكوني عضوًا فاعلاً ومؤثرًا في المنتديات الإسلامية التي في أمس الحاجة إلى أخوات واعيات من أمثالك يخدمن دينهنَّ ويعرضن دعوة الله تعالى على أمثالهنَّ من الفتيات ومن النساء.

أسأل الله أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يثبتنا وإياك على الحق، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر منير

    بسم الله الرحمن الرحيم يأيها الأخت توبي الي الله وآخرها الحقيقة لا أفضل من ذالك لأن كلما مر. الوقت زادت الأخت تعلقا بك قال آب بكر الصديق ( قل الحق ولو قتلك الصدق)السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً