الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تعادينا وتلفق علينا أشياء لم نفعلها؛ فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

يا شيخ أرجوك أفدني؛ فأنا أشعر بحزن وكآبة لا يعلمها إلا الله, نحن 4 بنات وولدان, والمشكلة تنحصر في أختنا الكبرى, حينما تزوجت أختي الكبرى كنت أنا صغيرة جدا, هي تكبرني بـ 13 سنة, كانت كثيرا ما تحدثني عن أختي التي تليها, وأنها سيئة؛ وبحكم أنني صغيرة في السن كنت أتلقى الحديث من غير وعي, فنشبت بيني وبين أختي الأخرى عداوة, فأصبحت أكرهها, وكثيرا ما نتشاجر بسبب, أو بدونه, حتى أنني أحيانا أهينها, رغم الفارق الكبير الذي بيننا في السن, وحينما كبرت وأصبحت أعي الأمر أكثر أحببت أن أصلح العلاقة بيني وبين أختي الأخرى فبدأت علاقتنا من الحسن إلى الأحسن -والحمد لله- ولكن أختي الكبرى حينما ترانا منسجمتين تغضب, وتشاجرني, والأسوء من هذا أنها أيضا كانت توقع العداوة بين أختي وأبي, فكانت كثيرا ما تتحدث بالسوء عن أختي التي تليها أمام والدي, ولا ترى في الأخير سوى أنه قد تغيرت مشاعره تجاه ابنته الأخرى, فإما أن يشاجرها, أو شيء من هذا القبيل.

لم تكتف بهذا أيضا فحينما تزوج أخي الأكبر أصبحت تتحدث بالسوء عنا جميعا, وخاصة أختي التي تليها, وأننا نكرهها, ونريد لها الشر, إلى غير ذلك من الأقاويل التي لا تليق أن تحصل بين الإخوة, ولكننا -يا شيخ- كنا نتغاضى عن أفعالها, ونسامحها بحكم أننا إخوة, ولكن –للأسف- من المستحيل أن تعترف بخطئها, وأيضا توقع اللوم علينا, حتى أنا -والتي كنت أظنها تحبني- تغيرت معي -خاصة حينما هاجرت أنا وزوجي خارج البلاد- أصبحت تبتعد عني شيئا فشيئا, أتصل بها دائما فيجيبني أبناؤها أنها خارج المنزل, حتى في الأعياد والمناسبات لا تتصل بي أبدا, وأيضا تفعل نفس الشيء مع باقي إخوتي, لا أعلم السبب.

كل هذا لا يهم -يا شيخ- إلى أن حصلت لأختي التي أكبر مني سنا مشكلة كبيرة مع عائلتي, والحقيقة أن عائلتي هم المخطئون, ولكن –للأسف- أن عائلتي لا ترى سوى مصالحها, حتى ولو على حساب سعادة أبنائهم, وهذا أمر محزن, وبعدما انتهى الأمر, وبدأت أمي تنسى الموضوع, تذهب أختي الكبرى لأمي –وكعادتها- تبدأ بتلفيق قصص وأقاويل -يعني أنها فتنت بين أمي وأختي- إلى درجة أن أمي غضبت كثيرا على أختي الأخرى, وأصبحت المشكلة أكبر وأعمق, والمشكلة أن أختي الأخرى حامل, ومن عظيم المشكلة التي أوقعتها فيها أختي الكبرى أصبحت تحس أنها ستضع, والله سلمها هي وطفلها, وللأسف أن أختي الكبرى لم تعترف بخطئها, والأسوء أنها اتصلت بأمي, وقالت: إننا ندعوا عليها, وإننا نكرهها -رغم أننا نتصل بها دائما, ولكنها لا تريد أن تحادثنا, حتى أمي صدقتها –للأسف- وقامت بسبنا, إن قدمنا لها مساعدة مادية, أو جسدية لا تشكرنا عليها, ثم تذهب وتخبر الجميع بالعكس, وأننا لم نساعدها, أو أننا سيئون, ما رأيك -يا شيخ-؟

هذا المختصر المفيد عنها, رغم أن الحديث عنها لا ينتهي, للأسف أنا حزينة؛ لأنني كنت أراها الأخت المثالية والمتدينة حتى صدمت بحقيقتها, فما العمل؟

هل نحاول أن نتجنبها قدر المستطاع؟ لأنه في الحقيقة إن اقتربنا منها كعلاقة الإخوة في ما بينهم يجب أن تحصل مشكلة, أو أنها إما أن تفتن بيني وبين إخوتي, أو أنها تفتن بيننا و بين أمي, أو غير أمي, أو أنها تذهب فتحدث غيرنا بعيوب ليست بنا, ..أو...أو..فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن قربكم من الوالدة والأشقاء يفوت الفرصة على كل ناقل نميمة, أو مشعل فتن وعداء، وبالتوكل على الله يحصل النصر والهناء، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وإذا تكلمت عنكم بالسوء فلا تجاروها, وأثبتوا للوالدة ولغيرها أنكم بخلاف ما يقال عنكم, وسوف يأتي الوقت الذي تظهر فيه الحقائق, وقد أحسن من قال:

اصبر على كيد الحسود ** فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها ** إن لم تجد ما تأكله.

وأرجو أن تحرصي على تصحيح صورة أختك المظلومة, كما أرجو أن تذكري لوالدتكم ما في نفسك من مشاعر تجاهها, وتجاه جميع إخوتك, وسوف يتغلب إحسانكم على إساءتها, ووفاؤكم على خيانتها, وصدقكم على كذبها بحول وقوة من يظهر الحق, وينصر المظلوم.

ولا يخفى عليك أن الإنسان لا يتضرر بما يقال عنه بين الناس إذا كان حريصاً على طاعة وإرضاء رب الناس، وأصلحوا ما بينكم وبين الله، وسوف يصلح الله ما بينكم وبين الوالدة والناس.

واحرصوا على معرفة أسباب عقوقها وقسوتها؛ فإنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل -بحول الله وقوته- إصلاح الخلل والعطب, كما أرجو أن تحسنوا العلاقة بأولادها, وأسرتها, وتهتموا بهم، واجتهدوا في بر الوالدة, والإحسان إليها, وكثرة السؤال عنها, وعندها لن تكذب الوالدة عينها وتصدق الآخرين، ولن تترك يقينها لظن الآخرين.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله, ثم بالدعاء لأنفسكم, ولشقيقتكم, فإن هدايتها وصلاحها مما يهمكم.

ونسأل الله الهداية للجميع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً