الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أرسل ابني إلى طبيب مخ وأعصاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي ابن يبلغ من العمر 7 سنوات ونصف، وهو في الصف الدراسي الثاني، وهو الابن البكر لي، وله أخ أصغر منه، يبلغ 4 سنوات ونصف، وهو في الروضة في حضانة صغرى.

المشكلة عند ابني الأكبر أنه حساس جدا، وذكي, عمره العقلي 10 سنوات، وقد تم عمل مقياس ذكاء له، ولكني لا أتذكر النسبة, ولكنها كانت مرتفعة، وهو يغار من أخيه الأصغر بصورة ملحوظة جدا، وعندما ولد أخوه أصيب بمرض التأتأة في الكلام، وكنا نتابع مع أخصائي نفسي لمعالجته، وقد أوضح أن السبب هو ولادة أخيه الأصغر، على الرغم من أننا قد مهدنا له كثيرا قبل قدوم أخيه، وحاولنا أن نحببه فيه.

وقد استفدنا كثيرا من التعامل مع هذا الأخصائي النفسي في طريقة التعامل معه، وحل مشكلاته النفسية، وما لاحظته عليه منذ فترة أنه ضعيف الشخصية مع الآخرين، لا يحب الحديث مع الأغراب إلا في وجودي، على الرغم من محاولاتي لتشجيعه على ذلك، وكذلك عندما يضربه أحد من سنه فإنه لا يأخذ حقه, ولا يرد عليه، ولكنه يتجنب التعامل معه أو الوجود في نفس المكان الذي يوجد فيه ذلك الشخص، كذلك يعطي أغراضه من طعام وألعاب لأصدقائه في المدرسة.

وعلى الرغم من أنه محبوب جدا لدى أقرانه في المدرسة، إلا أنه في بعض الأحيان يرفض الذهاب للمدرسة، وينسى كثيرا، بدأ النسيان عنده عندما أعطي له بعض الأوامر في الحياة العادية، ثم تطور معه إلى ما يحدث معه في المدرسة, أو في خلال عدم وجودي معه, وهو ينسى أن يحكي لي ما يحدث له من مشكلات أو أحداث.

والآن بدأ ينسى في دراسته ما يدرسه, وخصوصا في اللغة الانجليزية, والكتابة التحريرية على الرغم من أنني مدرسة، وأهتم جدا بتعليمه، ولا أريد أن أضغط عليه، ولا أعرف كيف أحل هذه المشكلة على الرغم من أنني حاولت جاهدة بشتى الطرق إيجاد حل لها بأكثر من طريقة، في بعض الأحيان أغضب منه وأعنفه, سواء في طريقته الضعيفة مع أصدقائه, أو في نسيانه.

وعندما أعاقبه فإني أعاقبه نفسيا، وفي بعض الأحيان أخيره عن طريقة عقابه، أحاول أن أشركه في نشاطات رياضية من ألعاب, وخصوصا الكاراتيه، ولكنه أيضا كان ينسى الحركات الخاصة بتلك اللعبة للدفاع عن نفسه.

أعترف أنني عصبية معه، ولكنه يستفزني لأنني أشعر أنه كبير العقل، ولكنه صغير في التصرفات، ويستفزني أيضا ببروده وخوفه وضعفه.

أريد أن يكون مثل أخيه الأصغر منه, قوي الشخصية, ويحافظ على نفسه وكرامته وأغراضه.

أفيدوني في ذلك أفادكم الله.

هل أرسله إلى طبيب مخ وأعصاب؟
أو أعود لمتابعته مع الأخصائي النفسي؟ على الرغم من أن هذا الأخصائي لا يعترف بوجود مشكلة عنده، ودائما ما يطمئنني بأنه طبيعي، وأنه جيد بالنسبة لطبيعة سنه, ولا توجد عنده أي مشكلة، وأنه يحتاج لوقت حتى تتكون شخصيته ويكون كما أريد.

أنا أريد الاطمئنان عليه حتى أتركه في هذه الحياة دون الخوف عليه، ودون أن يحتاج لأحد يعينه، وأنا أنفذ ذلك عن طريق جعله يعتمد على نفسه في عمل احتياجاته الخاصة من ترتيب غرفته, أو عمل واجبه المدرسي, أو الاستحمام.

أريد أن تكون له شخصيته المستقلة المنفصلة، وقد لاحظت عليه هذه الفترة أيضا أنه يتطاول على والده وعلي في الكلام، ودائم الرد بالرفض لكل طلباتنا منه، وأنه يكذب في كثير من الأحيان، ولا يعترف بأخطائه خوفا منا, أو أنه يريد أن يظهر بصورة كاملة أمامنا.

ودائما ما يعمل الأخطاء ويلقيها على أخيه رغبة منه في عقابنا لأخيه الصغير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم باسل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على هذا السؤال عن طفلك هذا، والذي له العديد من الجوانب.

نعم هناك مشكلة عند هذا الطفل، ولكنها وبصراحة ليست من صنعه، وهو لم يولد هكذا.

هو في السابعة من عمره، ولكننا نحاول أن ننميه بأسرع مما يمكنه فعله، ونحاول "تحميله المسؤولية" ولا يعود محتاجا لأحد في حياته.

لماذا وهو ما زال صغيرا؟ وسيحتاج للكثيرين، أنت وأبوه وغيركما من معلمين ومعلمات، وليس في هذا ضعفا للشخصية، فالناس كل الناس يحتاجون للناس الآخرين، وهكذا الحياة.

معك الحق أن تخافي عليه، إلا أن هذا الخوف من المفروض أن يدفعنا للعمل السليم المتأني الذي يناسب الطفل وسرعته في تعلم الأمور، لا أن يدفعنا هذا الخوف لحرق المراحل، فالطفل في السابعة من عمره، هو طفل في السابعة من عمره، ولا نستطيع أن نسّرع هذه العملية، وإلا حرقنا المراحل.

تقولون إنه حساس مع أنه ذكي، وهو حساس؛ لأنه ذكي ويفهم الأمور.
إننا عندما نكون عصبيين ونشعر بالتوتر، فإن ذلك سيؤثر على الأطفال, ويصبحون عصبيين, ويشعرون بالتوتر أيضا.

إن ما وصفته بأنه "كبير العقل... إلا أنه صغير التصرفات" نعم هو صغير التصرفات لأنه صغير!

أنصح بإعادة النظر في طريقة تربيتنا وتعاملنا مع هذا الطفل, ومع أخيه الأصغر، فكلاهما يحتاجان للهدوء والتأني وكل الوقت المتاح، وهذا من أهم ما يحتاجه الأطفال في مثل هذه العمر، وعصبيتك لن تفيدهم كثيرا.

وأنصح أن تأخذي لنفسك قسطا من الراحة، وممارسة هواياتك، ولو سألتك مباشرة لكنتُ سألتك عن هواياتك التي تأخذين فيها وقتا لنفسك، نعم لنفسك من دون الناس، وكما قال الرسول الكريم "إن لنفسك عليك حقا"، فأن تأخذي هذا الوقت لك، ومن ثم تأتين للأطفال في حالة تكونين فيها هادئة ومرتاحة ونشيطة، أفضل بكثير من أن تكوني في حالة عصبية، والنتيجة أن سلوك الأطفال سيضطرب.

ومن المفروض أن يعينك زوجك في كل هذا، لتعودان مجددا تستمتعان بالعيش مع طفليكما، بعيدا عن التوتر وشدة الانفعالات.

وأنصح بكتابي "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" د. مأمون مبيض.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً