الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغضب لأتفه الأسباب، وحالتي النفسية سيئة بسبب الغربة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعصب على أتفه الأسباب، لدرجة أني أحس أن قلبي سيتوقف، وأصرخ وأرتجف وأضرب، وأقول لنفسي: لماذا أفعل هذا الشيء؟ في نفس اللحظة أحدث ذاتي ولكن لا مفر ولا جدوى، لدرجة أني أصبحت لا أستطيع النوم، كل ليلة أحس بقلبي يعتصر وسوف يتوقف وينجلط، ولا أستطيع التنفس، وثلاث مرات أحسست بنغزات في لساني، أو تنميل وخدر بالجهة اليسرى من خدي، أو كل وجهي -النصف الأيمن- وأشعر أيضاً من العصبية بأن هناك حرارة تكوي مناطق في جسدي، مرة كف يدي، ومرة قدمي، ومرة في ذراعي، ومرة ساقي، وهذه ليست أول مرة تحدث لي.

يقولون لي أعصاب ويعطونني فيتامين -بي كومبلكس- لمدة شهر (مكلبانا)، أعتقد كأن اسمه يشمل مجموعة من فيتامين بي.

وأعاني من صداع الرأس، وكل يوم أشعر وكأني بالون، ومضغوط عليّ من كل الجهات، تعبانة جداً بسبب ابنتي؛ تتعبني بعنادها، وزوجي يتعبني بغيابه المستمر عن البيت، وأنا مغتربة وحيدة ولا أتقن جيداً لغة البلد، ولا أرتاح مع الأقلية القليلة من العرب هنا معي، فلا أصدقاء، أحس أن نفسي متوحشة اجتماعياً، لولا النت الذي يوصلني قليلاً بالناس.

ما نصيحتكم لي؟ ساعدوني الله يفرج عنكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم رايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد:

فقد اطلعت على رسالتك السابقة، وهذه الرسالة حملت الكثير من التعبير عن الامتعاض وعسر المزاج، والشعور بالضغوطات النفسية، أتمنى أن لا تكوني قد كتبت رسالتك في لحظة انفعال سلبي، فأنت موجودة في بلد بعيد عن وطنك، وهذا قد يكون أدى إلى ما يُسمى بعدم القدرة على التوائم، هذه العلة كانت علة رئيسية فيما مضى، لكن الآن وبعد أن أصبح هنالك فضاء مشترك ومفتوح فيما يخص الاتصالات، وسرعة التواصل وتعدد وسائطه، ووجود الجاليات العربية والمسلمة في كثير من بلدان الدنيا، هذا من المفترض أن يكون قد حسّن من تواؤم الناس وتفاعلهم بصورة إيجابية.

لا تنظري للأمور بسلبية شديدة، وحاولي أن تتوائمي، اصرفي انتباهك لما هو أفيد، أنت لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، لديك الزوج، لديك الذرية، ويمكنك أن تستفيدي من وقتك وتسخريه لجني المعارف وتطوير المهارات، وحسن التربية لابنتك والاهتمام بزوجك، هذه أمور مهمة وبديهية، لكن كثيراً من الزوجات قد لا يفلحن في ذلك، إما كنوع من الغفلة أو عدم الانتباه، أو نسبة لعسر المزاج، عمومًا وددت أن أذكرك بأشياء بديهية وبسيطة، لكني أعرف تمامًا أنها ذات فائدة كبيرة جدًّا على صحتك النفسية.

توزيع الوقت وإدارته بصورة جيدة مهم، الانفعال السلبي والغضب جزء من حياة الناس، ويجب أن لا نرفضه ولا نستنكره، ولكن كيفية إدارته هو المهم، ممارستك للرياضة وتمارين الاسترخاء سوف تعود عليك بفائدة كبيرة.

الفيتامينات التي تم وصفها لك لا بأس بها، لكن أعتقد أنك في حاجة لدواء محسن للمزاج، مزيل للقلق وللانفعالات والتوترات، وعقار باروكستين والذي يعرف في كثير من دول العالم باسم (زيروكسات) وفي بعضها يعرف باسم (باكسيل) هو من وجهة نظري دواء مفيد جدًّا لحالتك، يمكن أن تتناوليه بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – ابدئي في تناوله يوميًا لمدة عشرة أيام، يفضل تناوله بعد الأكل، وبعد انقضاء العشرة أيام ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، استمري عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أنا على ثقة كاملة أنه دواء مفيد وسليم، واسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأرجو أن تكوني إيجابية دائمًا في تفكيرك، وعليك بالدعاء، وأسأل الله تعالى أن يصلح أمرنا وأمرك وأمر المسلمين جميعًا، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً