الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التوتر والشك لأتفه الأسباب، فهل السبب نفسي أم عضوي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أشكر موقع إسلام ويب على اهتمامه بالجميع.

ما أشعر به بدأ منذ شهرين مع تفاوت في الزمن بين الأعراض، أنا طالب عمري 15 سنة، وشخصيتي تعاني من التوتر والشك والوسوسة من أتفه الأمور! حتى أنني إذا رأيت ذبابة في غرفة النوم لا أستطيع النوم حتى تخرج.

كنت في امتحان الرياضيات متوترا جدا، بعد أن أنهيته ورجعت إلى المنزل بدأت أحس بوخز في أماكن مختلفة من صدري، ولم يكن هذا الألم مؤلما كثيرا، لكنه سبب لي قلقا شديدا وخوفا من أن يكون في القلب، ففي تلك الليلة كنت متوترا لدرجة أني تقيأت فذهبت إلى الطبيب ففحصني بالسماعة، وقال: إني سليم، ولكني لم أطمئن، فشعرت أن حلقي مسدود من كثرة البلغم، فزرت طبيب القلب وقال: أني سليم 100% والحمد لله.

فتحسنت قليلا، ولكن بعد أيام قليلة بدأ يأتي الوخز في أماكن متنقلة في رأسي، وأصابني إمساك - ذهب ثم عاد -، ثم بعد المزيد من الأيام أصابني طنين في الأذنين (ليس مزعجا)، ولكنه يسبب القلق، حتى لو كان صوته منخفضا وهو ليس متقطعا بل دائم، مع طقطقة الفك الأيسر وحرقة بسيطة أعلى المعدة، وتنميل الصدر عند لعب الكرة، فتعثرت حالتي وفقدت شهيتي للطعام، وبعد ذلك ذهبت إلى الطبيب مرة أخرى ففحصني وقال: إني سليم، وطلب عمل فحص دم وبراز وبول. وعملتها والكل سليم، فقال الدكتور: إن هذه الأعراض هي بسيطة، وناتجة من التوتر وشد الأعصاب، وتأخذ وقتها ثم تذهب، فتحسنت كثيرا، وقد خفت كثير من الأعراض، فمثلا: وخز الصدر والحرقة الخفيفة وطقطقة الفك اختفت بنسبة 85%.

بعد ذلك عدت لمسلسل التوتر والقلق ونحنحة في الحلق بسبب البلغم، والإحساس بتراكمه، فما هو التشخيص والحل المناسب؟ هل هو ارتجاع مريئي - لا سمح الله-؟ أنا قرأت عن جميع الأمراض، وأنا موسوس كثيرا، فما العلاج؟

وإذا كانت أعراض نفسوجسدية فهل يمكن تجنب الدواء بسبب التأثيرات الجانبية التي يمكن أن توثر على دراستي؟

أرجوكم ساعدوني أنا محبط وخائف، وأحلم دائما من شدة التفكير!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد ذكرت أن طبيب القلب ذكر لك أن قلبك سليم مائة بالمائة، وأنا أقول لك أن قلبك وبقية جسدك - إن شاء الله – كلها سليمة ألف بالمائة، الذي تعاني منه وبوضوح شديد هي مخاوف مرضية؛ سببها قلق نفسي يحدث لبعض اليافعين في مثل عمرك، ويظهر أنك حساس جدًّا، وأصبحت تركز كثيرًا على وظائف جسدك الفسيولوجية، وهي طبيعية جدًّا، ومن المحتمل أيضًا أن تكون بيئتك قد أثرت فيك، فهناك بعض الناس يستجلبون الأعراض الجسدية الناشئة من القلق نتيجة لخبرات يكونوا قد مروا بها في محيطهم، وذلك من خلال سماع قصص معينة عن المرض أو الموت، أو يكون أحد أفراد الأسرة قد أصيب بمرض ما، ومن ثم يحدث ما نسميه بالتماهي، أي أن نفس الأعراض يتم نقلها وتسربها إلى خيال الإنسان الذي أصبح مصابًا بالوساوس المرضي.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنت ذكرت عدة أعراض شملت أجهزة مختلفة في جسدك، شملت القلب، الأذنين، الجهاز الهضمي، وأنا أقول لك أنها أعراض نفسوجسدية ولا شك في ذلك. لا تشغل نفسك بالمسميات مثل (ارتجاع المريء) فالواضح تمامًا أن الحالة نفسية، ولابد أن تصرف انتباهك عن هذه الأعراض، وذلك بأن تجتهد في دراستك، توزع وقتك بصورة صحيحة، تكون حريصًا على الصلاة في وقتها، الدعاء، الذكر، تلاوة القرآن، بر الوالدين... هذه كلها متطلبات مهمة جدًّا لأن تكتمل الصحة النفسية وكذلك الجسدية.

لابد أن يكون هنالك تركيز معين على التمارين الرياضية وبصورة منتظمة.

الوساوس أيًّا كانت تعالج عن طريق تحقيرها وصرف الانتباه عنها، وعدم الاستجابة للوساوس. قد يواجه الإنسان صعوبات في بداية الأمر، لكن بعد ذلك يجد أن الأمور قد أصبحت طبيعية جدًّا.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأنا متفائل جدًّا أن هذه المرحلة هي مرحلة عابرة، وإن شاء الله سوف تختفي تمامًا، وفي حالة عدم تحسن حالتك بصورة واضحة إذا التزمت بالإرشادات السابقة هنا أقول لك: سيكون من الجيد أن تذهب إلى الطبيب النفسي، لكن أؤكد لك مرة ثانية أن هذه الأعراض مرتبطة بالمرحلة العمرية التي أنت فيها، حيث إن التغيرات النفسية والفسيولوجية والجسدية والوجدانية والهرمونية هي من التطورات الطبيعية المعروفة في هذه المرحلة.

اصرف انتباهك وتذكر أنه أمامك - إن شاء الله – أيام طيبة وجميلة وسعيدة بعيدة عن الوساوس والمخاوف والقلق الذي لا يُجدي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً