الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أنني لا أستوعب الدنيا وأن الأحداث غريبة قليلا.. فما تفسير ذلك؟

السؤال

السلام عليكم
جعلكم الله دائما خير المواقع وأصلحها ..

مشكلتي أنني أعاني من نوبات الهلع منذ تقريبا 3 أشهر، وقد أرسلت لكم، وأفدتموني فيها، ولكن ما جد علي هو أنني في هذه الأيام أشعر بشعور غريب، أشعر بأنني لا أستوعب الدنيا، وأشعر أن الأشياء غريبة قليلا، وحتى الأحداث التي تصير لي أشعر وكأنها لم تكن حقيقة.

وعندما أخبرت طبيبة الباطنية التي أتابع معها لم تفهم ما يحدث لي، وقالت لي كيف لا تستوعبين! مما زاد من خوفي، وقلقي كثيرا، ثم أخبرتني بأنه ربما يكون ما يحدث لي بسبب كثرة أو قلة الجرعة، فإنا أتناول (سيتالوجن) 10 مل، نصحتني أن أتناول 5 مل فقط، ثم نرى ما سيحدث، أنا الآن أتناول 5 مل تقريبا من أسبوعين ولكن لم يحدث شيء.

تدمرت نفسيًا أصبحت قلقة خائفة مما يحدث لي أشعر بغرابة الأشياء عند الخروج من المنزل أو بداخله، فهل كل ما وصفته في استشاراتي من نوبات الهلع؟

أرجوكم أفيدوني، وأخبروني الحقيقة ...أنا خائفة وقلقة جدًا، وأثق في موقعكم. وأرجو من الدكتور محمد عبد العليم الجواب على سؤالي.

هل كل هذا من نوبات الهلع؟ بالإضافة إلى ذلك أنا ولله الحمد سجلت في دار تحفيظ قرآن، وبدأت أتقرب أكثر من الله مع أن الطبيبة لم تنصحني بذلك؛ لأنها غير مسلمة .. هل هذا يقلل من الأعراض؟

كل يوم أبكي كثيرًا بسبب ما يحدث لي ..فهل يوجد علاج؟
وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فكما أفادك الأخ الدكتور (مأمون مبيض) في استشارتك السابقة فإن الذي حدث لك هو نوبة هلع أو هرع أو ذعر، وهذه النوبة في الأصل تعتبر من أمراض القلق النفسي المفاجئ، وبصفة عامة: فالهلع والهرع بما أنه نوع من القلق النفسي فقد يأتي في شكل نوبات تكون النوبة الأولى هي الأشد قوة، بعد ذلك تكون النوبات الأخرى أقل في حدتها، ويكون الإنسان متقبلاً لها بعض الشيء، لأن التجربة الأولى هي الصادمة، بعد ذلك بطبيعة الحال يتعود الإنسان ويتوائم مع الأمور.

والنوبات التالية تكون أخف بكثير، خاصة إذا تفهم الإنسان طبيعة حالته، وقام بمقابلة الطبيب وشرح له ما به.

نوبات الهلع كثيرا ما تنتهي من النوبة الأولى، وبعضها قد يؤدي إلى نوع من المخاوف البسيطة في المستقبل، وكذلك الوسواس.

الذي أؤكده لك أن الحالة غير خطيرة، وعليك أن تطبقي ما وصفه لك الأخ الدكتور مأمون من إرشادات، ومن المهم جدًّا أن تصرفي انتباهك عن هذا القلق وهذا الهلع وهذه الوساوس، وذلك من خلال الانصراف في أنشطة مختلفة، وأنت لك الكثير والكثير جدًّا الذي يمكن أن تقومي به، وأنا سعيد جدًّا أن أسمع أنك قد قمت بالتسجيل في دار تحفيظ القرآن، هذا أمر جيد جدًّا، ولا شك أنه سوف يضيف الكثير مما هو إيجابي لصحتك النفسية، ستأتيك الطمأنينة إن شاء الله، ومن خلال التعرف على الصالحات من الفتيات تزداد مهاراتك الاجتماعية، وستجدين إن شاء الله تعالى المساندة من جانبهنَّ.

سؤالك في هذه الاستشارة هو حول ما حدث لك من شعور غريب وسخيف كما نقول، لأنه مُرعب للإنسان، ووصفك جميل جدًّا للحالة وهو الشعور الغريب بعدم استيعاب الدنيا والشعور بالأشياء، أو تشعرين بها كأنها غريبة، هذه الظاهرة هي ظاهرة من صميم أمراض القلق، تحدث لحوالي ستين إلى سبعين بالمائة من الذين يعانون من القلق النفسي خاصة نوبات الهلع أو الوساوس، وتسمى باضطراب الآنية أو الشعور بالتغرب عن الذات، أو تبدد الذات – هكذا تُسمى – والحالة لا تعتبر خطيرة أبدًا وإن كانت مزعجة، وإن شاء الله تعالى بالاستمرار في العلاج والانتظام عليه سوف تنتهي هذه الظاهرة تمامًا، وبجانب العلاج الدوائي لابد أن تركزي أيضًا على تمارين الاسترخاء وتتدربي عليها، ويمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين.

علاج (استالوجين) الذي تتناولينه الآن ربما يحتاج لرفع الجرعة، خمسة مليجرام ليست كافية مع احترامي الشديد لتقديرات الطبيبة التي نصحتك بذلك، إلا أن هذه الجرعة صغيرة، ولا أعتقد أبدًا أنها ستكون ذات فائدة كبيرة للقضاء على هذه الأعراض، فإذن رفع الجرعة أفضل، ومقابلة الطبيبة النفسية أفضل من ذلك، وأرجو أن لا تحسي بأي نوع من الحرج أو الوصمة الاجتماعية فيما يخص الذهاب إلى الطبيبة النفسية، فهنالك إجراءات علاجية كثيرة تتمثل في الحوار، في الإرشاد، كيفية التدرب على العلاجات السلوكية المعرفية التي تقوم على مبدأ توطيد وتقوية المشاعر الإيجابية والتخلص من المشاعر السلبية، كيفية إدارة الوقت ... هذه كلها ذات فائدة كبيرة جدًّا، والطبيبة النفسية قطعًا سوف ترتب لك العلاج الدوائي بطريقة أفضل، وإذا لم يفدك الـ (استالوجين) فيمكن جدًّا أن تُنقلي إلى مجموعة أخرى من الأدوية.

ختام الأمر أن الحالة إن شاء الله بسيطة، الظاهرة الغريبة التي حدثت لك هي جزء أساسي من نوبات الهلع، وبالمناسبة نوبات الشعور بالتغرب تحدث حتى للأشخاص العاديين حين يكون هناك تعب أو إجهاد نفسي أو جسدي.

ويمكنك مراجعة الروابط التالية حول العلاج السلوكي لظاهرة التغرب عن الذات: ( 278493 - 2117098 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب اادم خالدي

    انا اشعر ايضا بهاذا الشعور و اكرهه شد الكراهية و انا عمري

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً