الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن يطهر ربي قلبي قبل أن ألقاه بأن أتخلص من الكبر والرياء، فما السبيل لذلك؟

السؤال

أنا بحمد الله متفوقة في دراستي, وأحقق المركز الأول, ومراكز أخرى متقدمة في عدة أمور, وبالرغم من أني أعترف بأنها نعمة من الله أعجب بنفسي, وأرى غيري أقل شأنًا مني, فلو سألتِ المعلمةُ زميلة لي من اللواتي يهملن دراستهن أقول في نفسي: إنه من المستحيل أن تعرف الجواب.

أنا أتعامل مع الناس باحترام, وأحب مساعدتهم, بل وأعرضها قبل أن يسألوني, وهذا على وجه العموم -وليس للجميع- لكن الشيطان يدخل ليعظِّم نفسي, وأنني أنا التي أعرف, وأنا التي أستطيع المساعدة, بل إنني أتضايق أحيانًا لو طلبت إحدى الصديقات أو الزميلات المساعدة في أمرٍ ما من أحد آخر, خاصة إحدى أقرب صديقاتي إلي, ثم أحاول بعدها ألا أهتم, لكن الشيطان لا يتركني, فهو يريد لي دائمًا أن أشعر بأنني الأفضل, وأنني أعرف أكثر من الآخرين, وأنني أفكر بطريقة أحسن منهم, وأحيانًا أحتقر الناس لأشكالهم, ثم أعرض عن الأمر, ولا أفكر فيه, لكنه قد يعاودني من جديد.

أيضًا لو علمت شيئًا ورأيت غيري لا يعرفه, أو لو قمت بعمل جيد لم يعمله أحد غيري أعجب بنفسي, وغيري أعني به: كل الناس أيًّا كانوا.

المشكلة الثانية هي: أنني أحب الثناء, وأنا أعلم أنه لو أتى دون السعي إليه وفرح به المسلم فلا بأس, لكني أخشى أن الأمر قد تحول معي إلى رياء, وأنا أخاف من أن يدخل الرياء نيتي؛ فيحبط عملي, وأنا أحاول تجنبه, وكثيرًا ما أخفي عملي, وأدعو الله بالإخلاص, وأجاهد نفسي, لكني لا أزال قلقة بشأن الأمر, وحتى لو عملت شيئًا جيدًا ففي لحظة قد أريه لأحد أو أخبره به فأنسفه, بالرغم من أنه يكون عملاً رائعًا وكبيرًا, بل وشاقًّا أحيانًا على النفس, فأسمع الثناء ثم أتحسر أشد التحسر, ولكن بعد فوات الأوان, والرياء من الشرك, وأيضًا إرادة الإنسان الدنيا بعمله, وأعلم تمامًا أن الإعجاب بالنفس من الثلاث المهلكات, وأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه أصغر مثقال ذرة من الكبر, والله سبحانه ينظر إلى قلوب العباد وأعمالهم, ولا تخفى عليه خافية, وأنا أريد أن يطهر ربي قلبي قبل أن ألقاه.

جزاكم الله خيرًا, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأبنة الفاضلة/ أمة الله حفظها الله ورعاها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

أمة الله: إن اختيارك لهذا اللقب يدل على معدنك الطيب, ويبدو أنك من الفتيات النشيطات والمجتهدات, كما أنك تحبين الحركة فتبذلين نفسك لخدمة الآخرين, وهذه صفات حميدة, وأيضًا خوفك من الرياء والعجب صفة يحبها الله ورسوله, بقي أن نعرف كيف نحافظ عليه وننقيه.
فأقول لك -يا بنتي وبالله التوفيق-:

أن يحب الناس الثناء فهذا شيء طبيعي, ولكن الخطأ أن ينتظروه, فإن لم يعطوه غضبوا, ونسوا هنا أن ما عند الله خير وأبقى, وأقترح عليك في هذا الباب بعض الأمور النافعة بإذن الله:

1- اعملي الخير, ولا تفكري فيه كثيرًا, واستعيذي من الشيطان؛ لأنه سيشغلك بالتلبيس عليك والتشكيك في نواياك.

2-نظرك المستمر لأعمالك الخيرة شغلك عن عيوبك, فحاولي أن تتعرفي عليها, وأن تحصيها, فلديك مزايا, ولديك نواقص, كما هي طبيعة الناس, فالكامل هو الله تبارك وتعالى.

3- يبدو أن تركيزك على الأعمال الفردية كبير؛ مما يغذي الأنا بشكل مستمر؛ فعليك بالعمل الجماعي مع زميلاتك, وستواجهين بعض الصعوبة في البداية, ولكنك قادرة على التغلب عليها بإذن الله, وتنمو لديك كلمة نحن.

4- حافظي -يا بنتي- على التوازن في شخصيتك بين الأنا ونحن, فإذا تذكرت عملاً فرديًا فحاولي أن تذكري عملا ًجماعيًا موازيًا له.

5- احرصي على تذكر الأدعية المأثورة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في التعوذ من الكبر, ومن الشرك, وحافظي عليها.

6- دربي نفسك على أن تكون لك أعمال لله لا يعلمها أحد, واستمري في المحاولة حتى يكتبها الله لك.

العبدة الخيرة - أمة الله - ها قد وصلنا إلى نهاية الإجابة, فأسأل الله لك زيادة التوفيق والصلاح, وأن يثبتنا الله جميعًا على الأعمال الصالحة, والإخلاص فيها, حتى نلقاه وهو راض عنا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً