الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو التفسير النفسي لتعلق الشخص بمن يتلاعب بعواطفه ويتسلى به؟

السؤال

ما هو التفسير النفسي عندما يزداد تعلقنا بالشخص الذي اكتشفنا مؤخرًا أنه خائن, وكان هدف علاقته والذي أخفاه منذ البداية هو الجنس؟

لماذا تزداد غيرتنا على هذا الشخص, ونتعلق به أكثر, رغم أننا في نفس الوقت أصبحنا نكرهه, ونتمنى أن تصيبه أي لعنة ومصيبة, ونفرح لأي سوء يحدث له بل ونخطط لأذيته؟

ماذا يسمى هذا الشعور المتناقض عندما نمر بتجربة نكتشف فيها أننا كنا فقط مجرد تسلية, وأن كل تلك الذكريات الجميلة كانت ملفقة وكاذبة؟

لماذا بعد كل هذا لا نستطيع ترك الشخص ونتعلق به أكثر, ونكرهه في نفس الوقت, ونغار أكثر عليه, ونفكر بالانتحار إن رأيناه مع ضحية أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تصبيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا.

لمثل هذه المشاعر المتناقضة هناك العديد من التفاسير:
فمن جهة نجد أنفسنا متعلقين بهذا الشخص لأنه في وقت من الأوقات تعلق بنا، أو هكذا ظهر لنا في حينها، وتعلقه هذا بنا، سواء كان حقيقيًا أو مصطنعًا، لاشك أعطانا الشعور بالأهمية، وبأننا مرغوب بنا، وصحيح أنه الآن ظهر على حقيقته بأنه - وكما ذكرت - إنما كنا تسلية له، ولغرض معين سواء الجنس أو غيره، إلا أنه أشعرنا ولبعض الوقت، طال أو قصر، بأننا مركز اهتمامه، ولاشك أن هذا شعور إيجابي يجعلنا نتعلق به.

والسبب الآخر، وخاصة إن طالت مدة هذه العلاقة، أننا ولبعض الوقت ظننا أن هذا الشخص لنا، ولنا فقط، ولذلك نشعر بالغيرة الشديدة عليه عندما يقترب منه طرف ثالث، وفي الحقيقة الغيرة ليست عليه، وإنما شعورنا بالفقدان والخسارة بأن الطرف الثالث يأخذ منا ما هو لنا، أو هكذا ظننا.

وربما أحيانًا نخادع أنفسنا، وبالرغم من أننا اكتشفنا تلاعبه بنا, واستغلاله لنا، إلا أننا نوهم أنفسنا بأنه لم يكن يخدعنا، ونقوم بإنكار هذه الحقيقة (denial)، لصعوبة تقبلنا النفسي لها؛ لأن هذه الفكرة تظهر مدى "غبائنا" وبأننا ضُحك علينا، وبأننا لم نكن على الوعي المطلوب.

ولا غرابة أيضًا، وبالرغم من اكتشافنا لتلاعبه بنا، لا غرابة أننا ما زلنا ربما نطمع باستعادته لنا، و"امتلاكه" من جديد، فالإنسان لا يعترف بالخسارة والفقدان بسهولة، ويحاول استعمال الكثير من الحيل النفسية, وآليات الدفاع النفسي (defense mechanisms) لامتلاك ما يريد.

وهناك من العلاقات ما نسميه "الحب = الكره" (love hate relationship) حيث تتصارعنا نزعتان عاطفيتان متناقضتان، كالحب والكره في آن واحد, وقد يكون منشأ هذا الحب هو الوقت السعيد الذي قضيناه مع هذا الشخص، أو بسبب قربنا منه وقرابتنا به، بينما منشأ الكره ما اكتشفناه مؤخرًا أن كان يخدعنا، فلا غرابة أن تتصارع هذه العواطف المتناقضة.

وكما نلاحظ، أن النفس الإنسانية في غاية التعقيد وكما قال تعالى: "ونفس وما سواها".

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً