الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الذات مشكلة كبيرة فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم.

أود أن أوجه شكرا خاصا لكل الإخوان المشرفين، جزاكم الله خيرا.

أنا طالب عمري 20 سنة, أعاني الكثير من المشاكل, ولا أعرف كيف سأعبر عن ذلك، فأرجو منكم المساعدة.

كما سبق وأشرت سني 20 سنة, وكما تعلمون أن الشباب في هذا السن يكون لديهم الكثير من العلاقات والأصدقاء بعكسي تماما, فأنا أعيش في عزلة عن الآخرين, ويعزى ذلك إلى أني أحتقر نفسي كثيرا, وألوم الله سبحانه وتعالى على الصورة التي خلقني بها، بل أكثر من هذا فأنا لم أعش طفولتي كسائر الآخرين، عشت وسط المستشفيات والدم والعمليات الجراحية؛ لأني كنت مريضا بالقلب, وقد تطلب علاجي سنوات لكني الآن والحمد لله بخير.

على العموم فعندما أرى الشباب مع صديقاتهم سواء في الكلية أو الشارع ينتابني شعور لا يرثى له, أصبح حزينا جدا, وأبدأ في البكاء كالطفل الصغير، فلا أجد أحدا بجانبي يفهمني, غير أني التجأت إلى التدخين بشتى أنواعه, وإلى العادة السرية التي أصبحت جزءا مني.

مؤخرا تعرفت على فتاة عبر النت تعلقنا ببعضنا كثيرا فقد غيرت من أحوالي، لكن طلبت مني أن أعطيها صورتي وفعلت, غير أني أعطيتها صورتين صورة لي في حالة يرثى لها, وصورة لشخص آخر، طلبت رأيها وبالطبع وكما توقعت أعجبتها صورة الشخص الآخر وقالت كلاما حطمني عن صورتي, وهي لا تعلم أن من تتكلم معه هو أنا، أنا إلى الآن لم أصارحها, وزاد حبها لي بعد أن رأت صورة تتخيل أني هو.

لا أعرف ماذا أفعل فقد انتقلت من السيء إلى الأسوأ، كنت وحيدا وسأبقى وحيدا، أنا الآن أقلعت عن التدخين وأحاول جاهدا أن أتشبث بالصلواة الخمس، دائم القلق وفي حيرة من أمري، ليس لي ذرة ثقة في نفسي، محطم الفؤاد، يا دكتور لقد أثر هذا كله على صحتي وعلى نفسي, لا أفكر بتاتا في الانتحار, لكن لدي رغبة دائمة في الموت.

ستنصحني بزيارة طبيب نفسي، يا دكتور أنا ابن عائلة متواضعة لولا المحسنين جزاهم الله خيرا؛ لبقيت إلى الآن أعاني وأشكو من مرض القلب, أنا طيب القلب, وأحسن التعامل مع الآخرين لكن لا أحد يفهمني ويحس بي.

دكتور: أريد أن أصبح شخصا متفائلا, ذا أهداف في الحياة لي أصدقاء كالآخرين, وبمقدرتي ذلك لكن لا أحد بجانبي يرشدني.

أخيرا: لا أعرف هل عبرت بالطريقة الصحيحة عن شعوري أم لا, أرجو من سيادتكم التفهم.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

رفض الذات مشكلة كبيرة جدا, ورفض الذات في معظم الأحوال أو في جميع الأحوال ليس له ما يبرره, ورفض الذات يدل على علة في الشخصية, وأنا أريدك أن تقوم بنوع من المراجعات مع نفسك, وتغير هذه الفكرة السلبية عن شكلك, وعن صورتك, والإنسان لا بد أن يكون متسع الأفق, وإن كانت هنالك علة جسدية أو حتى إن كان من أصحاب الاحتياجات الخاصة يجب أن يتقبل الوضع الذي هو عليه, وهذه حكمة عظيمة أن الناس ليسوا سواسية في أشياء كثيرة, لا في أشكالهم, ولا في ألوانهم, ولا في طبائعهم.

لكن الإنسان الفطن الذكي المتيقن يقبل ذاته, بل يعتز بها, ويفهم هذه الذات, ومن ثم يسعى لتطويرها, أما أن يكون الإنسان ظنينا, وقاسيا على نفسه, فهذا غير مقبول, والنظرة السلبية نحو الذات تنسي الإنسان كل الجماليات والإيجابيات التي في حياته.

أنت -يا أخي الكريم- تحسنت أحوالك تماما من مرض القلب, أسأل الله أن يجعل كل معاناتك في ميزان حسناتك, وأحمده تعالى أنك الآن بخير, لك فرصة عظيمة أن تبرز نفسك من خلال السلوك الحسن, كن من أصحاب الفضائل والقيم العالية, اسع من خلال التفوق الأكاديمي أن تكون متميزا, وهذا يعطيك فرصة عظيمة لأن تعكس صورة نفسية إيجابية عن ذاتك, موضوع الثقة في النفس هذا موضوع بكل صدق وأمانة عام جدا, ومشوش جدا, وغير واضح المعالم.

أنا لا أفهم لماذا بعض الناس يعتقدون أنهم ليسوا بأكفاء, ولا يثقون في أنفسهم, أعتقد أنهم فقط انقادوا لمشاعرهم السلبية, هذا هو التفسير العلمي, والإنسان يجب أن ينقاد بأفعاله وبأعماله لا بمشاعره, أنت لست بأقل من الآخرين مهما اعتقدت أنك أقل منهم, هذا ليس صحيحا, لك دور أن تلعبه في هذه الحياة.

أخي الكريم: اختار الصحبة والرفقة الجيدة, المقارنات التي دخلت فيها وأن لا أحد يتكلم معك خاصة من البنات ماذا تريد بهذا؟ هنالك من ينظر لك نظرة ممتازة, هنالك الصالحين من الشباب الأكفاء المتدينين أصحاب الخلق, هؤلاء يجب أن يكونوا قدوتك وصحبتك, مالفائدة التي تستفيدها أن تعمل علاقات مع الفتيات في مثل هذا الوضع.

رتب لدراستك, واجتهد, واجعل علاقتك مع الفتيات في حدود الشرع, وفكر في الزواج, هذا هو الطريق الأسلم, وهذا هو الطريق الأصح, أما أن يتبع الإنسان الهوى, وأن يضيع وقته فيما هو ليس مجدٍ, وأقول لك بكل صدق وأمانة لم يعجبني أبدا تصرفك مع الفتاة التي تعرفت عليها من خلال النت, كيف تسمح لنفسك أن ترسل لها صورتين؟ هذه حقيقة ليست طريقة جيدة لأن تكمل بناء نفسك لا.

حدد معالمك, وكن دائما صادقا مع نفسك ومع الآخرين, والحق منجاة في كل شيء, انظر إلى نفسك نظرة أفضل, نظرة إيجابية, وأعتقد أنك بالفعل أنت أفضل مما تتصور.

بالنسبة لموضوع زيارة الطبيب النفسي هذه مطلوبة بل مرغوبة في حالتك, والطب النفسي تقدم الآن تقدما عظيما, ويمكن من خلال الاسترشاد النفسي وربما تناول دواء بسيط يزيل حالة التوهان, وضعف الإرادة الداخلية, والشعور العام بالكدر, كل هذا إن شاء الله تعالى يمكن أن يعالج.

اجعل لحياتك معنى, غير نمطها, انظر إلى نفسك نظرة إيجابية, تخلى عن الشوائب, ابنِ علاقات صادقة, وسوف تجد إن شاء الله تعالى أنك أصبحت بالفعل تستلذ بالحياة, وتفهم معناها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً