الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي على علاقة برجل متزوج مع اقتراب موعد زفافها، فكيف أنصحها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اكتشفت بأن أختي على علاقة برجل متزوج منذ سبعة أشهر، وحدث بينهم العديد من المكالمات، وكلما يتقدم لها شاب تواجه الأسرة بالرفض، إلى أن تقدم لها رجل متديِّن، وحصل ضغط من الأسرة وتم القِران، والمشكلة أنها لا زالت على علاقة بذلك الرجل، بالرغم من أنني قمت بنصحها وتوجيهها لإنهاء تلك العلاقات المحرمة، إلا أنها لا زالت تتواصل معه عبر تويتر.

لا أستطيع إخبار أحد من عائلتي؛ لأن أخانا رجل لا يمكن أن يتفهم الوضع، وأمي امرأة مريضة، وهذه الأخت تتصف بالعناد الشديد، وتمت هذه العلاقة عن طريق اتصال يفيد بأنه تم ترشيحها للعمل بشركة، والمتصل هو ذلك الرجل، مع العلم أن هذا الرجل قام بالاتصال علي قبل اتصاله لها بيوم، ولكنني لم أعره اهتمامًا، فما الحل مع تلك الأخت؟

علمًا أن موعد زفافها قريب، وهي الآن تقارن ما بين الشخصين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك هذا الحرص، ونرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونرجوك الستر على هذه الأخت, والاقتراب منها، والنصح لها.

لا مانع إذا كان عندك هاتف ذلك الرجل أن تتواصلي معه، وأن تطلبي منه الابتعاد عن شقيقتك، وأنها سوف تتزوج، وأنها على أعتاب الزواج، وعليه أن يتقي الله تعالى، وأن يبتعد عن هذه الفتاة، ولكن قبل أن تقدمي على هذه الخطوة يجب أن تعرفي نفسية هذه الشقيقة، ونفسية هذه الأخت, وكيف يمكن أن يؤثر عليها هذا الوضع وهذا الموقف إذا علمت أنك اتصلتِ من خلفها ومن ورائها لتباعدي بينها وبين ذلك الشقي الذي يريد أن يخرب عليها حياتها السعيدة الحلال، قبل أن تبدأ البداية الفعلية.

وعليك أيضًا أن تحسني إليها صورة هذا الرجل الذي جاءها من الباب، وذكريها أن ذلك الخائن لا يؤتمن، وأنه إذا كان يحادثها اليوم فهذا لا يؤمن؛ لأنه أولاً خائن لزوجته، عاصٍ لله تعالى، مخالف لأحكام هذا الشرع الحنيف، له مآرب، لا يستحق أن يكون في ذلك المكان، فكل الشرور والخائنات في ذلك الرجل الخبيث الذي يفتح شركة أو يدعو البنات، ثم بعد ذلك يتواصل معهن بهذه الطريقة الخبيثة، وهو بكل أسف متزوج، فماذا تنتظر من مثل هذا الخبيث الشرير الذي ليس عنده إلا ذلك الكلام الجميل، وربما يكون ذلك الهندام الذي يهتم به من أجل أن يلفت أنظار البنات.

وعليها أن تفكر جليًا في مستقبلها، وأن هذا الذي يحدث مخالفة لأمر الله تعالى، وأن الله تعالى يستر ويستر ويستر على الإنسان، فإذا تمادى في المعصية، ولبس للمعصية لبوسها فضحه وهتكه وخذله وسد عليه باب الرجوع، -والعياذ بالله تعالى-، ذكريه أيضًا أن هذا الأمر يمكن أن ينكشف، وغدًا سوف تكون عند زوج، وأن اتصالاته وتصرفاته وكل ذلك سوف يكون مراقبًا، وأن الرجل لا يرضى، وأنها سوف تجلب فضيحة لنفسها ولقبيلتها، بل قد تكون سببًا في موت الوالدة، أو إلحاق الضرر بها.

إن مثل هذه الأمراض لا تحتمل مثل هذه الصدمات، خاصة عندما تكون الأسرة طاهرة وعفيفة، ولها تاريخ في المجد، فعليها أن تتعوذ بالله تعالى من شياطين الإنس والجن، وتبتعد عن ذلك الرجل الخبيث، الذي لا يؤتمن أمثاله، ولا يصلح أن يكون زوجًا أصلاً، أو رجلاً في المستقبل؛ لأنه لم يصلح مع الزوجة الأولى، وها هو يخونها، وهذه الخيانة متوقعة، وهذه العلاقة التي بدأت بهذه الطريقة لا يمكن أن تستمر أو تدوم، ذكريها بأن تحمد الله تعالى الذي جاءها بهذه الفرصة من الزواج، وغيرها محرومات، وذكريها بأن تقبل على زوجها الذي جاء من الباب, والذي ارتضته العائلة والقبيلة، وأنت أشرت أنه صاحب خلق ودين، وهذه الصفات عالية جدًّا ينبغي أن تحمد الله تعالى عليه.

نكرر مرة ثانية لا بد أن تجتهدي في النصح لها، ونعتقد أن هذا الرجل -إن شاء الله- بعد الدخول عليها سوف يتغير الوضع، ونسأل الله له التوفيق، ولها السداد والعودة إلى الصواب، وعليها أن تعلم أن هذه مخالفة، والله يتوعد المخالفين { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وأرجو كذلك أن تعرفي إلى أي مدى يحصل هذا التواصل، وما هو تاريخ هذا التواصل، وكيف تفكر هذه الشقيقة؟ وأرجو أن تناقشيها بهدوء؛ لأن الإنسان المعاند ينفع فيه الحوار، ولا تنفع فيه التعليمات، ولا تنفع فيه التهديدات، ولكن اجعلي البداية بالحوار والإقناع وبالنقاش، وذكريها بأن هذا ليس من عادتنا، وأن هذا لا يشبهنا، وأن هذا مخالف لديننا، {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} ذكريها بمثل هذا الكلام الجميل، ونسأل الله لها ولبنات المسلمين الهداية.

وعليها أن تعرف مقدار هذه النعمة نعمة الزواج قبل أن تسلب هذه النعمة -عياذًا بالله-، مثل ذلك الذئب ليس رجل مستقبل، إنما هو صاحب نزوة، يريد أن يقضي شهوته ثم يرمي بضحاياه الواحدة بعد الثانية، كما يفعل الإنسان بعد أن يمص العلك ثم يرمى بها في القمامة، وبيني لها أنه حاول معك، ولكنك كنت أعقل وأفضل، لكنك أدركت خيانة الرجل، والمرأة تعرف خيانة الرجل من كلامه ومن نظراته ومن تصرفاته، بيني لها هذا الحكم، ونسأل الله تعالى لها الهداية، ولك التوفيق والسداد.

ونسأل الله أن يسعدها بهذا الزوج، وأن يجعل زواجها -إن شاء الله- قاطعًا لتلك الحبائل، وتلك الصلات التي تقوم على الشر والمخالفة الشرعية، ونسأل الله أن يردها إلى الصواب، وأن يتوب عليها، وهو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً