الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو العمل الذي أقدمه لصديقي الذي قتل في سوريا؟

السؤال

السلام عليكم.

صديق لي غالٍ على قلبي, وأعتبره مثل أخي, استشهد في سوريا في 4/ 7/ 2012
وأريد أن أعمل خيرا له, فماذا أعمل؟

الرجاء المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الوفاء لذلك الصديق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبله بأحسن القبول، وأن يلهم إخواننا في الشام أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته، وأن يتقبل الشهداء، وأن يعجل بشفاء المرضى، وأن يعين الجرحى على بلوغ العافية، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونبشرك خيرًا بهذا الحرص على الوفاء لذلك الصديق، ونبشرك بأن المؤمن ينتفع بأعمال كثيرة يمكن أن يعملها الإنسان له بعد موته, مثل الدعاء له, والاستغفار له، والصدقة نيابة عنه، وكذلك العمرة والحج، إلى غير ذلك من الطاعات:

إذا مات ابن آدم ليس يجري *** عليه من فِعَالٍ غـــــــــير عَشْرِ
علومٌ بَثها، ودُعاء نَجْـــــــــلِ *** وغَرْسِ النخل، والصدقات تجري
وراثةٌ مصحفٍ، ورباط ثغــــــر *** وحفر البئر، أو إجراءُ نهـــــــــــــرِ
وبيــــــــتٌ للغريب بناه يأوي *** إليه، أو بناءُ محلِ ذكـــــــــــــــر ِ
وتعليم لقرآنٍ كريـــــــــــــــم *** فخذها من أحاديث بحصـــــــــر

فأعمال كثيرة خاصة الصدقة, والدعاء, والعمرة, والحج، فهذه أعمال أساسية يذهب أجرها وثوابها لذلك الصديق إذا قصدت بذلك وجه الله تبارك وتعالى، ونسأل الله الكريم ألا يحرمك من فضله، فأنت أيضًا تؤجر على هذا الوفاء لذلك الأخ، فإن الإنسان الذي يدعو لأخيه يقول له الملَك: (ولك مثل ذلك) فضلا عن الذي يتصدق أو الذي يفعل الخير لإخوانه، فإنه جعل إرادة الخير، لأن القائل: {وافعلوا الخير لعلكم تفحلون} هو الله تبارك وتعالى.

ومرة أخرى نحيِّ فيك هذه المشاعر النبيلة، ونشكر لك هذا الوفاء، فإننا في زمان قلَّ فيه الأوفياء، لكن هذا دليل على كريم معدنك, ودليل على أنك فعلا وفيًّا لذلك الصديق الذي مضى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبله بأحسن القبول، وأن ينصر إخواننا هناك –كما ذكرنا– وأن يعيننا جميعًا على أن نكون أوفياء لآبائنا, ولأمهاتنا, ولإخواننا, ولأصدقائنا, ولجيراننا بل ولأمتنا، فإن المؤمن الوفي يتذكر إخوانه بالدعاء، يتذكر هذه الأمة بالدعاء، يفعل الخير من أجل إخوانه، ليفوز بالثواب والأجر عند الله تبارك وتعالى.

فأنت ولله الحمد تفكر بهذه الطريقة الجميلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تحويل هذه النية الطيبة إلى أعمال صالحة، ونتمنى أن تتذكر أيضًا –ويتذكر الأحباب الكرام– وقد جاءنا شهر الصيام، نتذكر جميعًا حاجة إخواننا الأحياء منهم والأموات –خاصة الأحياء– بحاجة إلى الطعام والشراب, والتأييد, والدعاء, والمناصرة لهم بكل الوسائل المتاحة، والأموات بحاجة إلى أن نكثر من الدعاء, والتوجه إلى الله تبارك وتعالى, من أجل أن يرحمهم رحمة واسعة، وإذا دعونا لإخواننا الأموات فإن الله سييسر لنا من الأبناء, ومن الأصدقاء, ومن الأوفياء, ومن الأحفاد من يتذكرنا بالدعاء بعد أن ندخل إلى قبورنا، ونسأل الله أن يطيل عمرك وأعمارنا في طاعته.

نوصيك بتقوى الله تبارك وتعالى، نوصيك بالدعاء لنا, ولهذا الأخ, ولأمتك ولنفسك، نوصيك أيضًا بالحرص على طاعة الله تبارك وتعالى، فإننا أمة تنتصر بطاعتها لله تبارك وتعالى، نوصيك بأن تستمر في الوفاء لهذا الصديق، فإن كان له أسرة تتولى مساعدتها، وإذا كان له إخوان, أو أرحام في حاجة أيضًا تساعدهم، هذا أيضًا نوع من الوفاء لذلك الأخ، ونسأل الله أن يُكثّر من أمثالك، وأن يتقبل شهدانا وإخواننا، يتقبلهم في الشهداء الصالحين، وأن يرد كيد الظالمين المجرمين إلى نحورهم، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً