الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عزيمتي انهارت، فكيف أعيد الثقة إلى نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 20 سنة، مشكلتي الأكبر أني ضعيف الهمة والعزيمة، ولا أستطيع التحكم في نفسي منذ دخولي إلى المدرسة، وطول سنوات الدراسة الثلاث الأولى كنت دائماً الأول بالصف، وقد كان معلمي يتنبؤون بمستقبل واعد لي، لكن في بداية السنة الرابعة بدأت أموري تضطرب إذ أصبحت من التلاميذ المشاكسين، وبدأت أميل إلى اللعب، ومع هذا كنت دائماً من الخمسة الأوائل لكن تراجعت نتائجي.

منذ ذلك الوقت وأنا أعاني، فأنا لا أستطيع السيطرة على نفسي، كل سنة أقرر أني سأعود منضبطاً لكن هذا لا يدوم سوى قليل من الأسابيع الأولى ثم أعود إلى الحالة السيئة للتلميذ الذي يحب اللعب كثيراً.

لم أعد أريد المذاكرة في المنزل، وبقيت على هذا الحال حتى إني كل ما حاولت الدراسة لم أستطع! في المقابل بقيت نتائجي دائماً ضمن الخمسة الأوائل، لكن هذا لم يكن يلبي طموحاتي مقارنة بما أعطاني الله من مواهب.

بدأت أفقد ثقتي بنفسي، حتى إني صرت أشك في قدراتي، وتطورت هذه الحالة إلى حياتي كلها، فأنا أمضي أياما بدون أن أفعل شيئاً يذكر سوى الإنترنت، أو الخروج إلى المقهى أو النوم، وأحس أن الوقت يمضي ولا أستطع التحكم في نفسي.

أحس أن نفسي هي التي تقودني، وليس أنا! أشاهد أحياناً مقاطع فيديو علمية أو دينية، من أجل رفع معنوياتي، وأقوم بوضع برنامج عمل يومي منظم، وأحس بفرق كبير، وأحياناً أحس أني مفعم بالطاقة والحيوية، لكن هذه الحالة لا تدوم أكثر من ساعات، ولا أكاد أنهي اليوم إلا وأنا في حالة الاكتئاب السابقة.

بعد عدة محاولات أحس باليأس، فأعود إلى سماع الأغاني الحزينة، وممارسة العادات القبيحة! فما الحل؟

علماً بأن كثيراً من أقربائي وأصدقائي يقولون لي إنك جميل ووسيم، فكنت أسعد بهذا كثيراً، لكني ألاحظ أثناء خروجي من المنزل أن الناس ينظرون إلي بانبهار، وخاصة الفتيات، وهذا ما أثر في سلباً نظراً لضعفي، وكنت أظن أن هذا وسواس أو ما شابهه، لكن العديد من المقربين مني أكدوا لي هذا، ولا أعرف إن كان يبدو هذا غريباً لكن هذا ما أحس به!

أرجو أن أجد عندكم إجابة شافية، وأرجو من حضراتكم أن تبينوا لي ما هو السبب وراء الانهيار المفاجئ للعزيمة؟ وما هو الحل؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

كما نسأله تبارك وتعالى أن يعيد إليك ثقتك بنفسك، وأن يوفقك لكي تكون متميزًا متفوقًا كعادتك، وأن يجعل منك عالمًا ربانيًا كبيرًا يرفع راية الإسلام ويخدم المسلمين.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن التميز طعمه جميل ورائع، وأن الإنسان المتميز يتمتع بمكانة ومنزلة مرموقة في المجتمع، سواء كان ذلك في مجتمعه الصغير الذي يعيش فيه (أسرته) أو كان ذلك في مجتمعه الكبير كزملائه في المدرسة وأساتذته، وكذلك عامة الناس، لأن الناس دائمًا ينبهرون بالشيء المتميز، ولذلك العالم كله ينظر إلى القمر، لأن القمر متميز ومرتفع وجميل ورائع، فالناس كلهم ينظرون إليه ويتطلعون إليه.

كذلك الإنسان المتميز في أخلاقه، في دينه، في مستواه العلمي، في شكله، دائمًا يكون كالقمر ينظر الناس جميعًا إليه.

هذه النظرات كالسهام عادة قد تحمل بعض النوايا العدوانية، وهو ما يُعرف بالحسد، ولعلي أتوقع أنك تعرضتَ لمثل هذا الأمر، إذ أنك رجل متميز علميًا - كما ذكرت – وفوق ذلك أيضًا أكرمك الله تبارك وتعالى بجمال الخِلقة والصورة، وهذا أمر له ثمنه وله ضريبته، فالمتميزون دائمًا – ولدي رامي – يدفعون ثمنًا غاليًا وكبيرًا، لأنهم لو كانوا أشخاصًا عاديين ما لفتوا انتباه أحد، ولا نظر إليهم أحد غالبًا، أما المتميز فهو كالقمر كل الناس ينظرون إليه، وكل الناس يتمنونه ويحسدونه على ما هو عليه من تميز.

لذا فإني أنصحك بداية: أولاً بعمل رقية شرعية لنفسك، إن استطعت أن تفعل ذلك بنفسك فهذا حسن، وإن كان هناك في أسرتك من يستطيع أن يقوم بذلك فهذا أيضًا أفضل، وإذا لم يتيسر ذلك فلا مانع من الاستعانة ببعض الرقاة الشرعيين المتميزين المعروف عنهم سلامة المعتقد وصحة المنهج والطريق، هؤلاء يقومون بعمل الرقية الشرعية التي سوف يترتب عليها - بإذن الله تعالى – ذهاب تلك السموم التي دخلت في عقلك وبدنك نتيجة هذا التميز الذي أكرمك الله تبارك وتعالى.

لذلك كما ورد: (كل ذي نعمة محسود) فأنت رجل أنعم الله عليك بعدة نعم، ولذلك نصيبك من الحسد أكبر من غيرك، هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: أتمنى – ولدي رامي – أن تحافظ دائمًا وأبدًا على أذكار الصباح والمساء، خاصة: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساء، كذلك أيضًا التهليلات المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، مائة مرة مساءً ومثلها صباحًا، تحافظ على هذه الأذكار مع بقية أذكار الصباح وأذكار المساء، حتى يحفظك الله تبارك وتعالى من عين الحاقدين والحاسدين والعائنين والراغبين في إلحاق الضرر بك، سواء أكانوا من عالم الإنس أو الجن.

عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، ولا تتركها مطلقًا، لأن الله سينفعك بها نفعًا عظيمًا.

ثالثًا: أتمنى أن تقرأ كتاب (خطوات النجاح) للدكتور (إبراهيم الفقي) - رحمه الله تعالى – وهناك كتب كثيرة جدًّا في مكتبة جرير، وأعتقد أن لديكم في بلادكم فروعًا لهذه المكتبة وغيرها، لديها الكتب التي تتميز تتكلم عن التميز والتفوق العلمي، فهي - إن شاء الله تعالى – سوف تزودك بجرعة علمية ذهنية فكرية، وسوف تساعدك من خلال الخطوات المشروحة أو المعروضة في هذه الكتب على أن تكون دائمًا عالي الهمة واثقًا بنفسك.

هناك كتاب أيضًا بعنوان (اعتن بحياتك) وكتاب آخر بعنوان (من يشد خيوطك)، هذه كتب مهمة جدًّا حقيقة في إعادة بناء الثقة لنفس الإنسان، وإن وجدتَ أي كتب أخرى فلا مانع من أن تثقف نفسك بها، لأنها سوف تعطيك زادًا علميًا تستطيع به أن تغير سلوكك، وأن تقضي على تلك المشاكل النفسية التي تعاني منها.

كذلك أوصيك – ولدي الكريم رامي – بضرورة تغيير البيئة، وأقصد بذلك أن تبحث عن صحبة صالحة وجادة، لأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – فلينظر أحدكم من يخالل، فالإنسان إذا كان متميزًا وصاحب الفاشلين أُصيب بالفشل ولابد، أما إن صاحب العاديين فإنه سيتحول إلى إنسان عادي، أما إن صاحب المتميزين فإنه سيكون متميزًا بإذن الله رب العالمين.

الذي أنصحك به أن تبحث عن المتميزين من أقرانك من إخوانك من زملائك، ومما لا شك فيه أنك ستجد - بإذن الله تعالى – أمثال هؤلاء، وأنا لا أقصد بالتميز هنا التميز العلمي فقط، وإنما التميز الديني والأخلاقي والقيمي، حتى إنهم يعينونك إذا ضعفت، كما أخبر الله تبارك وتعالى عن موسى عليه السلام عندما قال: {واجعل لي وزيرًا من أهلي * هارون أخي * اشْدُدْ به أزري * وأشْرِكه في أمري * كي نسبحك كثيرًا * وذكرك كثيرًا * إنك كنت بنا بصيرًا} فلقد طلب من الله تبارك وتعالى أن يُكرمه وأن يعينه بأخيه هارون عليه السلام، لماذا؟ حتى يُعان من خلاله على طاعة الله تعالى: {كي نسبحك كثيرًا * ونذكرك كثيرًا}.

أتمنى أن تبحث عن الصالحين من إخوانك، وأن تعيش معهم، وهم كثر ولله الحمد والمنة، خاصة بعد التغير الذي حدث في بلادكم وفي البلاد المجاورة لكم، وهذا التغير - إن شاء الله تعالى – سيكون إلى خير إن أحسنا استغلاله والتعامل معه، فعليك بالبحث عن صحبة صالحة متميزة حتى تكون متميزًا في دينك وخلقك وقيمك ومبادئك، وحتى تكون من عباد الله الصالحين ومن المتميزين علميًا ودراسيًا.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا محمد

    أنصحك بمتابعة صلاة الفجر حاضر في المسجد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً