الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شابا وتعلقت به حتى أني أهملت دراستي.. ما توجيهكم؟

السؤال

سؤالي هو:

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، وحتى عامي الـ17 كنت فتاة ملتزمة جدا، لا أستمع للأغاني وأعافها، وأنظر لأي فتاة تحب، أو تصادق الشباب بأنها فتاة غير مؤدبة، واعتاد مني الجميع الأدب والطيبة والأخلاق.

إلى أن أتى يوم وبطريق الخطأ والصدفة قبلت إضافة شاب على الايميل، ولم أكن أدري أنه شاب، تحدثت قليلا معه إلى أن تبين لي أنه شاب، فاعتذرت وأردت محوه، إلا أنه استفزني بكلماته وعباراته، فمن باب حب الفضول؛ ولأني لا أعرف كثيرا بمراوغات الشباب أبقيته، وبقيت أتحدث معه، إلى أن بدأت اختبارات الثانوية، ولم يكن بيني وبينه شيء الا أنني أفكر فقط فيه، وذلك أثر على معدلي العام، وبعد أن كنت من أصحاب الامتياز المرتفع أصبحت بتقدير جيد.

بعد ذلك تواصلت معه مجددا، وتعرفنا على بعضنا، وبقى يلح عليّ كثيرا على تحديد نوع العلاقة بيننا، ولكني كنت دوما أرفض الحب، (مع أنني كنت أحبه).

إلى أن أتى يوم واعترف لي بحبه لما رآه من حسن الأخلاق مني (حسب روايته) وبالمثل اعترفت له بحبي)، وبدأنا بالحديث، لم يكن ملتزما كثيرا، ويعرف البنات، ( واعترف لي بذلك)، والآن أصبح العكس تماما، فهو مخلص جدا، والأدلة كثيرة على ذلك، وذلك بسبب معاملتي له، وحبي وإخلاصي له، وليس بالسهل التغير، ولكنه أصبح شخصا مختلفا، واعترف أنه أضافني من باب حب الفضول للجنس الآخر، وهكذا (كعادة الشباب) ، وأنا أقسم بأنني لم أحادث أحداً لا قبله ولا بعده، وأحترم نفسي في كل الأماكن وأصونها.

المشكلة أننا الأن أصبحنا نقارب على السنة الـ4 التي نعرف بها بعضنا، أستميحكم بالكلمة (لكننا نعشق بعضنا كثيرا).

ولكن بالفترة الأخيرة أصبحنا دوما ما نتشاجر على أتفه الأسباب، (عودته أنني دوما أراضيه، وأسامحه)، وهو كذلك في بعض الأوقات، وهو شخص عاطل عن العمل حاليا مع أنه خريج جامعي، وميوله تقنية، له مدونة وله موقع، ويعمل بهما، ويريدني أن أهتم دوما معه بعمله، ( مع أنني أكره الأمور التقنية، وأكره العمل بها ( لكني أساعده ).

ومع النقيض فهو يحثني على الدراسة، ويذكر بأنه سيحبني أكثر لو اجتهدت، لكنني الآن أصبحت لا أحتمل ذلك، فأنا في الجامعة، وتخصصي طبي وصعب، وأود التركيز في الدراسة (صحيح أنني أحبه وأهتم لأمره)، لكني أريد أن أكون خالية البال، وأنشغل بدراستي (مع عدم إهماله).

لكني لا أستطيع التوفيق بينهما صحيح أن مستقبلي الدراسي أهم، لكني أحبه، لا أدري ماذا أفعل! لا أدري ماذا أفعل!؟

صحيح أن ثقة أهلي بي كبيرة جدا، وهذا أكثر ما يعذبني، يحبونني جدا، وأحبهم بالمثل، هم على وعي، ودين كبير جدا، أخاف دوما من قصة ثقتهم بي، وماذا سيؤدي بي الأمر لو عرفوا شيئا خصوصا أبي.

علما أني لست بفاقدة للحنان أو الاهتمام أو الحب، ولكن القلوب بيد الله، أعرف أنني متناقضة جدا في حبي، وأعلم أن حب الله أعلى وأهم، وأعلم أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ولكني لا أقدر على فعل شيء.
انصحني، جزاك الله خيرا.

دمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنعام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذا الوعي وحسن العرض لهذه المشكلة، ونتمنى أن تعودي كذلك فورًا، إلى الصواب، وإلى الحق وإلى الخير، فإن هذه العلاقة بهذا الشاب مهما كان، ولو كان من أفضل الشباب على وجه الأرض، هذه العلاقة بهذه الطريقة لا نؤيدها، ولا يوجد في نصوص الشرع ما يؤيدها، ومن يقبل بهذا النوع من العلاقات التي تتمدد في الخفاء.

ولذلك ننصحك الآن - نصحًا لله ولنفسك – بأن تتوقفي تمامًا، ثم توبي إلى الله تبارك وتعالى، وعليه بعد ذلك إن أراد أن يحسن وضعه، ويجتهد في إيجاد وظيفة لنفسه، ثم يأتي ليطرق بابكم، ثم يقابل أهلك الأحباب، ويعرض رغبته والارتباط بك، ولا ننصح أبدًا بأن يعرف أحد من الناس أنه ثمة علاقة سرية كانت بينكما؛ لأن هذا سيشوش عليك، وثقة أهلك فيك غالية، وأغلى من ذلك الله الذي لا تخفى عليه خافية، الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الله الذي نعصيه الآن بهذه العلاقة، وهو يرانا وهو المطلع علينا سبحانه وتعالى.

ولذلك أنت ينبغي أن تعودي إلى قيم الأسرة، قبل ذلك إلى القيم الشرعية، قبل ذلك حتى تحافظي على ثقة الأهل فيك، فإن الأهل هم مرجع الفتاة، وهذا الشاب الذي أحدث معك هذه العلاقة ما ينبغي أن تقبلي به إلا إذا تاب توبة نصوحًا، إلا إذا أوقف العلاقات مع سائر الفتيات، إلا إذا تقدم لداركم، وطلب يدك رسميًا من أهلك، ما لم تحصل هذه الأشياء، ما لم تحصل التوبة منك أيضًا عن هذه الممارسة – -والحمد لله- أنها الأولى وأنها الأخيرة بالنسبة لك – لذلك ينبغي أن تتوقف هذه العلاقة فورًا وتتحول إلى طي الكتمان.

إذا كان هذا الشاب صادقًا فعلاً في رغبته، عليه أن يسعى، ويبذل المجهود، ثم يأتي ليطرق داركم، وإلا فهذا ضياع لوقتك، وضياع لمستقبلك، وضياع قبل ذلك لدينك، ومراقبتك وخشيتك من الله تبارك وتعالى، واعلمي أن العظيم تبارك وتعالى يستر على الإنسان ويستر عليه، لكن إذا تمادى، ولبس للمعصية لبوسها فضحه العظيم، وهتكه وخذله، والله يغار أن يرى قلب عبده – وقلب أمته – ينشغل بغيره، فاجعلي حبك الأعلى والأغلى لله تبارك وتعالى، واجعلي بقية المحاب تنطلق من هذه القاعدة، فإن الله لا يحب إلا العلاقة الشرعية التي تراعي الضوابط ، وتكون معلنة وتكون هدفها الزواج، ويكون هناك إمكانية فعلاً للزواج، ويكون ذلك بعلم الأهل، وبمراقبتهم وحضورهم.

والخطبة إن حصلت أيضًا فما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في المكالمات.

نحن طبعًا نقدر أنك ستواجهين صعوبة، وأن هذا الأمر قد يكون صعبًا ومؤثرًا عليك وعليه، لكن الأصعب، لكن الأخطر، لكن الأشد إيلامًا وخوفًا هو الاستمرار والتمادي في هذه العلاقة؛ لأنكم ستصلون إلى طريق مسدود يصعب بعدها الرجوع، وستضيع عليك وعليه فرصا كثيرة في الحياة، وحتى لو حصل أنك تزوجت به، فإن الشيطان الذي جمعكم على هذا التواصل هو الشيطان الذي سيغرس بينكما الشكوك، وإن لم يكن بينكما ارتباط ، فإن الشيطان سيشوش عليك في علاقتك، ويشوش عليه في علاقته، فيصعب عليه أن يعيش مع امرأة وقلبه مع أخرى، ويصعب عليك أن تعيشي مع رجل وقلبك عند رجل آخر، وهذا أمر لا نريده لفتياتنا؛ لأن هذا مما يسلب السعادة الأسرية والسعادة الزوجية {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} فالله يُمهل، ولا يُهمل.

ولذلك أرجو أن تنتبهي لنفسك، وأنت -ولله الحمد- عاقلة وناضجة، وفيك خير، والدليل على ذلك هو تواصلك مع هذا الموقع، والدليل هو هذه الاستشارة، والدليل هو رغبتك في العودة إلى الصفحات الناصعة، والدليل هي هذه الأسرة التي خرجت منها، ولا تقبل مثل هذه التصرفات، ولا تقبل مثل هذه العلاقات، واعلمي أنك درة غالية، فكوني مطلوبة كما أرادك الله مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونتمنى أن تتوقفي عن هذا العبث لتُحددي وتخرجي بمعدل عال يعينك على صعوبات الحياة، ثم بعد ذلك لابد أن تعلمي أن هذا الكون ملِكٌ لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فإن كان في هذا الشاب خير فسلي الله أن يأتي به، وإن كان فيه غير ذلك، فسلي الله أن يصرفه عنك وأن يصرفك عنه، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً