الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف سيغير الدواء وساوسي وأفكاري؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أشكركم على هذا الموقع، فله من النفع والفائدة الشيء الكثير.

ثانياً: سأخبركم بمشكلتي لعلي أجد ضالتي.

أنا فتاة في 24 من عمري، عانيت من الوسواس منذ الصغر، لا أعلم بالضبط متى بدأ معي، لكن أذكره عندما كان عمري 12عاما.

كان على شكل تكرار في الحركات في لمس الأشياء، وفي إعادة الكلام، والقراءة، وفي تكرار وإعادة غسل اليدين، ولكن لم أكن مكترثة له، ولا أفكر بالعلاج، فكانت تأتيني هذه التصرفات فترة من الزمن، وتذهب دون أن أشعر بأني لم أعد أكرر، وأعيد هذا التصرف.

وقبل 4 أشهر ونصف تقريباً حدثت لي مشكلة أجهدت تفكيري، وأصبحت لا أشتهي الأكل، ولا الفرح بسبب التفكير، فكنت طوال وقتي أفكر حتى تعبت جداً، ثم فجأة قبل شهرين ونصف تقريباً حصل عندي وسواس في الوضوء، والصلاة، والاغتسال حاولت المقاومة، ورقيت نفسي ورُقيت –والحمد لله- استطعت أن أتخلص من وسواس الوضوء، والصلاة بعد معاناة شديدة، ولكن ظهر لي وسواس النظافة، فأصبحت كالمقيدة، لم أعد أستطع لمس أي شيء ولا قُرب أحد، ولا الجلوس في أي مكان، ولا الاستقرار ولا الراحة أطيل في الاستحمام، وأطيل في الاستنجاء وتشققت يداي، وضاقت نفسي.

سؤالي:

هل لي من حل لمشكلتي غير الأدوية النفسية؟ ولو كان الدواء يحل مشكلتي هل معنى هذا أني إذا استخدمت الدواء سأصبح ألمس الأشياء التي كنت أخشاها بالأمس ولا أكترث؟ بمعنى كيف يغير هذا الدواء تفكيري؟ فأنا لم أذهب إلى الطب النفسي، ووالدتي معارضة بشدة لموضوع العلاج الدوائي، وأنا أيضاً عندي تردد منه؛ لأني قرأت كثيراً عمن يستخدمه ثم ينقطع عنه، ولو استخدمته سنة سنتين، ثم ماذا بعد؟ هل حقيقة إذا قطعته تعود لي الوساوس؟ وهل حقيقة بعد فترة يصبح الدواء غير مجد لي، وأحتاج إلى تغييره، وقد لا ينفع؟

هذه الأسئلة تجول بخاطري عن الدواء النفسي لأني أخشى أن يكون حلها مؤقتا، وتأتيني بعواقب وخيمة قرأت كثيراً عن البروزاك، هل هو نافع لحالتي؟

ثم إني أسكن بالرياض فأي عيادة تنصحني أن أزورها؟

وشكراً جزيلاً.. أتمنى عدم التأخير فإني أنتظر الرد بفارغ الصبر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mody M.F O حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنك تعانين من وساوس قهرية، ولا شك في ذلك، لديك وساوس الأفكار ووساوس الأفعال، وهي مستحوذة ومُلحة، وتتبدل وتتغير، تزيد وتنقص، وهذه طبيعة الوسواس.

العلاج يتكون من علاج سلوكي، وعلاج دوائي، الدراسات كلها أشارت أن التمازج بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي هو الأفضل فيما يتعلق بمآل هذا المرض ونتائجه العلاجية.

الذي أنصحك به هو أن تقنعي والدتك بالذهاب إلى الطبيب النفسي، والرياض بها أطباء متميزين مثل الدكتور (إبراهيم الخضير) في المستشفى العسكري، من أفضل المتميزين في علاج الوساوس القهرية، ويوجد أطباء آخرين مثل الدكتور (عبد الرزاق الحمد) ودكتور (طارق الحبيب) وآخرين.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: فائدة الأدوية لا شك فيها، الأدوية الفاعلة، الأدوية الممتازة، ليست إدمانية كما يُشاع، هذا كلام أصبح من الماضي، الأدوية هذه نعم عظيمة على الناس يجب ألا يحرم الإنسان نفسه منها، لكن يجب أن يكون تناولها بمعرفة، وتُوصف بواسطة الطبيب المقتدر، وأن يلتزم المريض بالجرعة والمدة العلاجية.

هل الذي يتوقف عن الدواء ينتكس؟ .. الإجابة نعم ولا، نعم بمعنى أن الذين لا يطبقون العلاجات السلوكية مع العلاجات الدوائية سوف ينتكسون، أما الذين يهتمون بالعلاج السلوكي بعد أن تتوقف الأدوية سوف يستمرون في ممارساتهم السلوكية، وهي واقية تمامًا وتكفي تمامًا، وقد لا يحتاج الإنسان لتناول الدواء أبدًا في مرة قادمة.

سؤالك: كيف يغير الدواء تفكيرك؟ .. هذا يتم من خلال عملية بيولوجية بحتة، فقد ثبت علميًا أن الوساوس القهرية تنتج – على الأقل جزئيًا – من تغير في بعض المواد الموجودة في الدماغ، وهذه المواد تُسمى بالموصلات العصبية، هذه المواد زيادتها أو نقصانها أو التأرجح في إفرازها وعدم التوازن فيما بينها يؤدي إلى ظهور الوساوس القهرية.

من أهم هذه المواد مادة تعرف باسم (سيروتونين) وهنالك منطقة في الدماغ تُسمى بـ (نواة كوديت) هي التي يتمركز حولها هذا التغير الكيميائي، هذه المواد زيادتها ونقصانها يصعب قياسها في أثناء الحياة، لذا نقول للناس: لا تطلبوا منا أنكم تودون قياس مستوى السيروتونين لديكم؛ لأن هذا غير ممكن على الأقل في الوقت الحاضر.

فإذن الأدوية مثبت فعاليتها، وهي تعمل بطريقة علمية، وبفضل من الله تعالى الآن لدينا أدوية غير إدمانية، غير تعودية، لا يُساء استخدامها، وليس لها تأثيرات هرمونية سلبية على النساء.

فأيتها الفاضلة الكريمة: تقدمي إلى العلاج، وأعتقد أن والدتك لو اطلعت على الإجابة التي ذكرناها ربما تقتنع بأهمية علاجك، أعتقد أن هذا ضروري جدًّا.

البروزاك هو أحد الأدوية النافعة جدًّا والممتازة جدًّا، لكن لا أفضل أن تتناولي دواءً دون مقابلة الطبيب؛ لأن التواصل مع الطبيب نفسه سوف يُدعم فكرة إقناع والدتك وأنت نفسك بأهمية العلاج الدوائي، والذي يجب أن يستصحب بالعلاج السلوكي كما ذكرنا، وذلك منعًا لأي انتكاسة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً