الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبو زوجتي وأخوها أهاناني وطرداني من البيت.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حصلت مشكلة بين زوجتي وأمي من رفع للأصوات بينهما، وكلام ومشادات، فطلبت زوجتي أن تذهب لبيت أهلها، ومن باب الرغبة مني في التفريق بينهما لبعض الوقت أوصلتها، وحاولت إفهام والدها، لكنه سمع منها أني طردتها، فلم يقبل السماع مني، وطردني من بيته، بعد كم يوم حاولت التواصل مع زوجتي عبر الهاتف، وعبر الرسائل، وعبر الأولاد، لكن دون جدوى فتركتها!

وبعد شهرين وبضغط من الأولاد اتصلت على والدها عدة اتصالات لتحديد موعد معه، لكنه تعذر في كل مرة، وطلب أن أقابله في مكان عمله، فرفضت بسبب أن الموضوع عائلي، ورغبتي في وجود زوجتي، فذهبت إلى بيته واتصلت عليه، ووضعته أمام الأمر الواقع، وتحملت دخول بيته، وقد طردني منه فحصل نقاش وجدال وإهانة منه، ومن ولده لي، وطردت للمرة الثانية وإصراره على أني أنا الذي طردتها طلبت حضورها، فرفض وأصريت على طلبي وبعد جهد حضرت، وطلبت منها وصفا لما حدث، ولما تبين لهم أني لم أطردها غضب علي ورفع العصا في وجهي، وتكلم علي كلاما غير لائق حاولت تهدئة الوضع، وطلبت إرجاعها فطلبت بيتا آخر وحدها فوافقت بشرط على قدر استطاعتي.

زوجتي الآن عند أهلها منذ أكثر من ثلاثة أشهر والأولاد مشتتون بيني وبينها، ووالدها لا يسمح لها بالعمل والمشاركة في أعمال البيت، ويسمح لها بالخروج وقت ما تشاء، وكذلك المبيت خارج البيت مع أهلها طبعا، مع أني أخبرتها مرارا وتكرارا أني غير راض عن خروجها فما بالك بالمبيت خارج البيت، وهذا يجعلها مستقبلا تقصر في حقي، وحق البيت والأولاد، وقد تعصيني بسبب دلال والدها وإهانته لأوامري على زوجتي.

أنا الآن أبحث عن منزل فيه استقلالية لها ولأمي وعلى قدر استطاعتي، وبحيث تكون أمي بجانبي لأقوم بواجباتها، وخدمتها وليس لزوجتي أي دخل بها أو بخدمتها، لكن ما يقلقني بعد هذا الوضع أن تعود بيننا مشاكل بسبب أهلها، وما قاموا معي به من إهانات وخلافه، وما تعودت عليه عندهم لا سيما أن هذا ليس من مصلحتها عرفا.

فماذا أفعل؟ وخصوصا أن همي الأول والأخير الأولاد وحاجتهم لأمهم وأبيهم؟ وهل يحق لي أن أمنعها من زيارة أهلها أكثر من مرة في الشهر؟ وهل يحق لي منعها من الاتصال بهم؛ لأنهم غير متزنين في حل الأمور بالشكل الصحيح، وخوفا على التأثير عليها بما يضر حياتنا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وندعوك إلى استعمال الحكمة، وأنت -ولله الحمد حكيم- وأرجو أن تعرف أن الشريعة التي تطالبك بالإحسان إلى الزوجة هي الشريعة التي تطالبك ببر الأم، وقد أحسنت في هذه المعادلة، واعلم أن الإنسان سيجد زوجات، لكنه لن يجد أما غير أمه، ولكن مع ذلك الشريعة تطالب بأن تقدم العدل، فلن تنجو أمام الله لو ظلمت الزوجة، ولن تنجو أمام الله إذا قصرت في حق الأم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

أما ما حصل من أهل الزوجة، فهذه جهالة وسفاهة منهم، وزوجتك بريئة، بريئة من كل ما حصل، وهي لا تملك أن تعاند أهلها وتصر على أنك على صواب، ولكنك أحسنت عندما جئت بها وأحسنت عندما تكلمت بالصواب وبالخير، وهذا في حد ذاته خطوة ممتازة، ودليل على أن هذه الزوجة تريد أن تعود إلى زوجها، فاحرص على أن تمهد الأمور حتى تعود الزوجة إلى وضعها وإلى بيتها، ولا ننصحك بحرمانها من أهلها، لكن ينبغي أن يكون التعامل بحذر، وينبغي أن تناقشها وتقنعها ليس على سبيل المنع، ولكن دائمًا تجعلوا الزيارات قصيرة، دائمًا تحاول أن تتلمس الآثار السالبة في الزيارات فتمحوها.

كما أرجو أن تعيد التفاهم بينها وبين الوالدة، لأن وجود مثل هذا الخصام وهذا العزل التام لا يعني انتهاء المعركة، ولا يعني تحولها إلى الداخل، فالإنسان هذا دائمًا تحكمه المشاعر، وتحكمه أحاسيس، وأنت لا ترضى هذا الوضع لأمك وزوجتك، والزوجة أيضًا ما ينبغي أن تقبل بهذا الوضع، والوالدة أيضًا ستكون متضايقة من هذا الوضع، ولكننا نراهن على حكمتك، وعلى عقلك الكبير، وعلى إحسانك في التصرف، وكم تمنينا لو أنك لم تذهب بالزوجة وهي غاضبة بعد المشكلة مباشرة إلى بيت أهلها، خاصة وأهلها بهذه الطريقة، فإن بعض الناس لا يفهمون مثل هذه الأمور، وأرجو أن تعرف أيضًا طبيعة أسرة الزوجة، ومدى ما عندهم من علم ووعي أو جهل ونقص، حتى ترجع وتميل إلى ركن ركين.

أما مثل هذا البيت فلا ننصحك مستقبلاً بالذهاب إليهم في أي مشكلة، ولا مشاورتهم في أي موضوع، وإذا عادت لك الزوجة فأرجو أن تتواصل مع الموقع من أجل أن تسمع النصائح، ومن أجل أن نبيّن لها عواقب مثل هذه الأمور، وأنها ينبغي أن تحسن صورة زوجها عند أهلها، ولا تسكت ولا تجامل إذا شعرت أن أهلها أخطؤوا في حق زوجها، بل ينبغي أن تطيب خاطرك، وتبين لك أن ما حصل ما كان ينبغي أن يحصل، ولا ندعوك إلى أن تطلب منها أن تخاصم أهلها جهارًا، أو تعلن الحرب عليهم، فهذا ليس في مصلحة أحد، فالشريعة التي تأمرك ببر والدتك هي الشريعة التي تأمرها ببر أهلها والإحسان إليهم، لكن ينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن حق الزوج أولى، وأن حق الزوج مقدم، ونحن نؤيد ما قمت به من خطوات، نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، وأن يعين الجميع على الخير.

وأرجو دائمًا أن يكون التواصل من الآن مع زوجتك، وهي المهمة عندك، أن تقوم بواجبك، أن تذهب لها بالمصروف، أن تفعل أمورا من شأنها أن تلطف الجو، وتعين هذه الزوجة على العودة إلى بيت زوجها، وأنت حكيم -ولله الحمد- في حسن تعاملك مع الواقع، وفي صبرك على جهل الوالد وجهل الأخ، واعتبر هذا مثل أبا لك، ولكن هذا درس، والإنسان دائمًا يستفيد من الدروس.

وإذا شعر الإنسان أن ثمة ضر يأتيه من أهل زوجته أو حتى محارم الزوجة فإن من حقه أن يمنعها من زيارتهم، ومن حقه أن يمنعهم من زيارتها، لكنا لا نريد أن نصل إلى هذا الحل، لأن هذا من شأنه أن يؤثر على الأمور، فإذا ذهبت إليهم مرة، فقد يمنعوها مرة ثانية من الخروج، فيكون هذا سببًا في خراب بيتك دون أن يكون لك ذنب، أو يكون لها ذنب في ذلك، وهذا واضح أنها تريد أن تعود إلى زوجها، والدليل على ذلك أنها أخبرت بالصدق، بعضهنَّ في هذه المواضع تقول: (هو فعل، هو يضربني ويؤذيني وأهانني، وكذا)، فتشعل النيران مجاملة لأهلها، ولكن إذا كانت الزوجة قد أخبرت بما هو حق، وأثبتت لك حقك، فلا تبالي بعد ذلك بما يحدث من والدها، ومن أهلها.

وأرجو أن تكون المكافأة لها على هذا الصدق هو أن تتفاهم معها دائمًا، ونحن نتمنى دائمًا مستقبلاً عندما تحصل مشاكل أن تتواصلوا مع المستشارين، فليس من المصلحة أن تتواصل مع أهل الزوجة، ولا مع أهلك، لأنهم دائمًا تأخذهم العاطفة، ويقفون مع طرفهم، مع ابنهم أو مع ابنتهم، حتى ولو كان مخطئًا، لكن المستشار باعتباره طرفًا محايدًا يُخبر بالحق، ويخبر بما ينبغي أن يكون، ويقول للمخطئ (أنت مخطئ) وهذا شرع الله تبارك وتعالى، ولذلك نتمنى أن يكون في هذا الذي حصل درس لكم تستفيدون منه في المستقبل، ونسأل الله أن يعيد الوئام والخير إلى أسرتكم، وأن يستخدم الجميع في طاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ابو جمانه

    الله يصلحك ويهديكليش تترك امك وحيدهاترك زوجتك ولا امك وليش ابوها يرفع العصىوانت راضى بتضرب في راسك عن قريب وفتحت الباب للزوجه في الكلام والجدالوالله يعينك

  • مجهول المستشار ابو سعيد المصلح

    اولا ابارك لك اتزانك وصبرك علي اذي اهل زوجتك لك وتجاوزهم عليك واهانتك ،فهم لم يهيونوك ولكنهم نقبو رجولتك واثبو لأنفسهم كم انت رجال صبور ومتحكم بانفعالاتك فهده نقطة تحسب لك واحمد الله ان وهبك الصبوكر فقليل من الرجال يصبرون مثل هذه الواقف وان مشو الموقف فالكثير لا يرجعون لهذا البيت ولكنك اثرت عيالك وزوحتك ومسؤوليتك عن كل شئ وتقاضيت عن كل شئ ، وغلطتك الأولي التي سببت المشكلة انك نزلت زوجتك مع اهلك وامك فهذا امر يدمر الكثير من البيوت ويكدر العلاقات ، والغلطة الثانية التي اشار عليها المستشار هو توصيلك لزوحتك لبيت اهلها وهي منفعلة وربما كانت تبكي فهذا يؤثر في اهلها ولا يقدرون يتحكمون بانفعالاتهم وعندهم كما اظن جهل وقلة الوازع الديني ولكن نعذر لهم بشدة الموقف وكلام ابنتهم انك طردتها ، والغلطة الثانية انك فتحت الموضوع والتفاهم بجو غير مناصب وفي وقت غير مناصب كان الاحسن ان تنصرف وتقول لهم انك سترجع لهم لمعالجة الامر والنقاش وانت جئت لتوصيل الزوجة، ويبدو لي انك حاولت علاج المشكلة قبل ما تتفاقم وهذا اجتهادك الشخصي ، وايضا ان لم تشر نوع العلاقة بينك وبين اهل زوحتك هل كنت تزورهم وتهدي لهم هل كنتم منفتحين مع بعض ام منغلقين لا تواصل بينكم ، هذا يحتاج للتفصيل وهو امر جوهري بالمشكلة، يبدو ان اهل زوحتك كانو مشحونين لك من قبل وزادت المشكلة من شحنائهم والا لكانو اقل غضبا وتحكما وربما كان احدهم يهدئ الاخر ، الواضح ان احترامهم لك ومكانتك عندهم كان قليلا جدا ، وربما لم يقنعهم ردك وطريقة كلامك او استفزهم فطردوك، لازم تعلم يا اخي ان طريقة الكلام واقتتاء الالفاط ونبرة الصوت وتعبيرات الوجه عند الكلام يرسل اشارات لمن يحاورك، طالما كنت هادئا ونبرة صوتك متوسطة والفاطك متزنة حذرة ستفوز في هذا النقاش غالبا او علي الأقل ستؤثر محاورك ولن يسئ فعهمك ولن تثير استفزازه ، فأنصحك بعد هذه السنوات ان تبني علاقة قوية مع اهل زوحتك وتكسب رضاهم وتهدي لهم في المناسبات وغيرها وتزورهم وتبتسم في وجوههم وتمدهم فهذا يفتح قلوبهم لك، واياك ان تشعرهم انهم اقل منك ثقافة وعلما او نسبا او ان لا تنصت لكلامهم ، وفقك الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً