الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستفيد من مواهبي وقدراتي الفكرية والعقلية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على كل ما تقدموه للأمة.

أنا طالب جامعي أدرس في الخارج -ادعوا لي بإتمام دراستي والعودة إلى أهلي سالما غانما- فأنا ـوالعياذ بالله من كلمة أناــ بارع في التخطيط وطرح الأفكار لنفسي وللآخرين، أقدم النصح للآخرين, ويأخذوا به, أخطط لهم أمرا ويمدحوه وينفذوه.

مشكلتي عندما أخطط شيئا لنفسي لا يخرج هذا التخطيط من الورق، أخطط لأيام وأسابيع لمجرد -مثلا- جدول للدراسة، ولكن حينما يأتي وقت التنفيذ كأن شيئا لم يكن، وعلما أن لدي ثلاث دفاتر خطط وأفكار لثلاث سنوات مضت, ولم أنفذ منها واحد بالمئة.

أسأل نفسي دائما لماذا الغير يقبل وينفذ أفكاري ولم أنفذه أنا؟ بسبب هذا الأمر أصبت باكتئاب شديد وقلق من أن أضيع حلمي وحلم أهلي بنجاح ابنهم, والعودة إليهم بالعلم قبل الشهادة.
صحيح أني أنجح في الجامعة, ولكن نجاحا من غير علم ولا طعم, وبقي لي سنة أخيرة في الغربة, وخائف أن أضيعها مثل السنوات السابقة.

أشيروا علي, وادعوا لي.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا من بلاد الهند التي أنتجت الكثير من العلماء والمفكرين الإسلاميين، ويكفيهم الشاعر محمد إقبال، الشاعر القرآني!

كنا نود أن نسمع منك مجال دراستك، فلربما لهذا دور في جوابنا إليك.

وعلى كل وكما يقال "مزمار الحيّ لا يُطرب"!

فما وصفت من قبول الناس لبرامجك ونصائحك، بينما تقبلك أنت لها أقل بكثير، فهذا كثر في حياة الناس، ولذلك قيلت فيه الحكم الشعبية الكثيرة ومنها "إسكافي حافي، وحايك عريان" وغيره كثير، وما هذا إلا لانتظار هذه الظاهرة، ولذلك نحن الأطباء النفسيين نستخدمها أحيانا في بعض العلاجات، وما يسمى "الكرسي الفرغ" حيث نجري مع المريض جلسة علاجية نتصور أن هناك من يجلس على الكرسي الفارغ هذا، ونطلب من المريض أن ينصح هذا الشخص الوهمي على هذا الكرسي!

تقول أنك خططت للسنوات القليلة الماضية إلا أنك لم تنفذ سوى 1%. وأنا لا أوافقك على هذه النسبة القليلة جدا جدا، فلا بد أنك نفذت الكثير مما خططت له, ربما لم تنفذ ما كتبته على الورق، إلا أنك نفذت ما خططته في ذهنك، وإلا لما كنت الآن قبيل السنة الأخيرة من الجامعة، فلا بد أنك فكرت وخططت وعزمت وبالتالي نفذّت!

وربما أنت تشير إلى قضية يشتكي منها الكثير من الناس أنك تتمنى لو نفذت وقمت بأكثر مما قد قمت به، ومن منا لا يتمنى لو فعل أكثر مما فعل، وأتقن ما فعله لدرجة أفضل مما فعله؟! وهكذا في الحياة كلنا يتمنى الأفضل لنفسه وللآخرين.

ربما يفيدك بعد وضع مخطط لنفسك، أن تلقي بنصفه عرض الحائط، أمحه أو ألقه بعيدا، ونفذ نصف ما قد خططت له، وهكذا تجد نفسك قد انتقلت في التنفيذ من 1% إلى 50% أو حتى لنقل 25% بهذا يبقى أفضل من المرحلة السابقة.

ولا تنسى نقطة هامة، أن التخطيط وسيلة وليس غاية بحدّ ذاته، فما يهمنا هو العمل بغض النظر عن التخطيط.

لدي ثلاثة أبناء أنهوا الجامعة، ولله الحمد.

الأول يخطط في ذهنه، ولا يقدم من العمل إلا ما يكفي للقيام بالعمل، فما يحتاج إلى 35% من الجهد، لا يبذل 36% وهو ناجح جدا ولله الحمد (وهو طبيب نفسي!)

والثاني: يحب التخطيط على الورق، ويقسم اليوم أحيانا إلى أنصاف ساعات يوزع عليها برنامجه، وهو أيضا ناجح ولله الحمد (وهو طبيب!)

والثالث أصغرهم: يكره كلمة "تخطيط" و "برامج" وإنما يعمل ما في رأسه، وهو أيضا ناجح جدا ولله الحمد (وهو عالم نفس!)

فهذه نماذج ثلاثة، فاختر منها ما يناسبك، والله الموفق.

وأدعوه تعالى لك بالتوفيق والتفوق، والعودة لأهلك وبلادك سالما غانما، ولا تنسى قراءة أشعار العلامة محمد إقبال، حيث قبره في مدينة لاهور!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مريم

    مش بطال

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً